بعد إلغائه بـ2011.. هل تعود الدولة لتمويل "بيوت السياسة"؟

الاثنين 15 ابريل 2019 | 11:51 مساءً
كتب : مصطفى الخطيب

التجمع: يجب وضع معايير يحددها القانون وليس وفق هوى الحكومة

حماة الوطن: يشجع على دمج الأحزاب لتتمكن الدولة من تقديم الدعم

الحركة الوطنية: التدعيم للكيانات الفاعلة فقط لأنها ليست إعانة

الجيل: التمويل الذاتى أفضل بشرط الابتعاد عن رجال الأعمال

د.سعيد صادق: الدعم الحكومى منطق غريب

د. حسن أبوطالب: دعم كل الأحزاب صعب

تمثل الموارد المالية لتمويل الأحزاب السياسية عنصراً أساسياً وبالغ الأهمية للإنفاق على أنشطة الحزب التثقيفية والتدريبية و ندواته و مؤتمراته الجماهيرية، إلى جانب توفير مقار له بمختلف المحافظات بل فى المراكز والقرى والنجوع، كى يتمكن من التواصل المباشر بشكل مكثف مع قواعده الجماهيرية على مستوى الجمهورية، والعمل على زيادتها بصورة مستمرة بما يحفظ بقاء الحزب وقوته وتأثيره فى الحياة السياسية والعمل العام، هذا بالإضافة إلى مساهمة العنصر المالى بشكل كبير فى الإنفاق على الحملات الانتخابية للأحزاب، وذلك سواء بدعم القائمة الانتخابية للحزب أو المرشحين للمقاعد الفردية.

ومن حين لآخر تتجدد المطالبة بدعم الأحزاب السياسية ماديا من الحكومة، بعد إلغائه بـ2011، حتى تستطيع الصمود والبقاء على الساحة، وذلك أسوة بالدول الأوروبية التى تمول الأحزاب لكى تنشط وتزدهر الحياة الحزبية والسياسية فيها.

وخلال إحدى الندوات لحزب الشعب الجمهورى طالب المشاركون بوجود تمويل للأحزاب لأنها تعتمد على التمويل الخاص، وأوروبا تمنح أحزابها 80% من التمويل، وقالوا إنهم وضعوا دراسة عن الموازنة العامة طالبوا فيها بتخصيص ميزانية لتمويل الأحزاب وفقًا لنسبة تمثيلها فى البرلمان.

فى هذا التقرير نرصد آراء الأحزاب والسياسيين فى تمويل الدولة للأحزاب.

فكرة مطلوبة

قال عاطف مغاورى، نائب رئيس حزب التجمع، إن فكرة تمويل الأحزاب من الدولة مطلوبة، ويجب أن تكون خاضعة لمعايير على رأسها الأحزاب الممثلة فى البرلمان وبحد أقصى من الدعم، حتى لا يكون الباب مفتوحًا أمام كل من حصل على رخصة لحزب بالحصول على دعم من الدولة.

أضاف نائب رئيس حزب التجمع أن العبرة بمدى المشاركة والوجود فى الساحة السياسية، مؤكدًا أن المشاركة السياسية معيار أساسى ومهم جدًا، خصوصًا وأن العمل السياسى تكلفته المالية مرتفعة جدًا، وهذا الأمر يغلق الباب أمام الحصول على تمويل من أى جهة أخرى.

وتابع مغاورى بقوله، إن قاعدة تمويل الأحزاب كان معمولًا بها فى مصر سابقًا، أضف إلى ذلك أن كثيرًا من دول العالم تأخذ بهذه القاعدة حتى تجعل الأحزاب تعتمد على نفسها أثناء ممارسة العملية السياسية، مبينًا أن ذلك لا يحقق فكرة التبعية للدولة كما يروج البعض لذلك لأن الحزب يأخذ التمويل هنا وفقًا لمعايير يحددها القانون وليس وفقًا لهوى الحكومة حتى لا يقول البعض إن النظام يستميل هذه الأحزاب بالتمويل.

وواصل، أن غلاء المعيشة جعل الأحزاب فى حاجة إلى الدعم المالى من الدولة لأن ارتفاع الأسعار أثر وبشكل مباشر على الأعضاء ومدى انضمامهم للعمل الحزبى، فضلًا عن ارتفاع تكلفة العمل السياسى فى حد ذاته بالمجال العام، قائلًا باختصار "أنت عندما تدعم الحزب فأنت تدعم المواطن الذى يرغب فى المشاركة بالعملية السياسية".

وأكمل عضو التجمع، منظمات المجتمع المدنى تحصل على دعم من وزارة التضامن، وبالتالى فهذا أمر لا يضرها ولا يقلل من قيمة عملها رغم أنها تعتمد على اشتراكات الأعضاء ومساهماتهم وتبرعاتهم، مشيرًا إلى أن المعايير التى سيتم وضعها هى فى نهاية الأمر التى ستمنع حدوث أى تلاعب، أو أن يتحول الأمر إلى ورقة ضغط من الحكومة تلجأ إليها وقتما تحب للضغط على الأحزاب.

وذكر مغاورى أن الحد الأقصى فى عملية التمويل سيقضى على فكرة مزيد من الاستقواء للأحزاب الكبيرة، مشددًا على أن عامل التمثيل فى البرلمان هو الفيصل، لأنه إذا تم فتح الباب للأحزاب التى حصلت على ترخيص أو على مستوى الانتشار ففى هذه الحالة سيكون هناك مثلما يقولون "خيار وفاقوس"، خصوصًا أن فى مصر 108 أحزاب.

وأكد أن هناك الكثير من الأحزاب الموجودة فى الساحة السياسية فى مصر تمتلك مقرات بإيجار مؤقت، وبانتهاء المدة يختفى المقر الرئيسى للحزب، وذلك لتحقيق الشكل القانونى فقط، وهذا مؤشر على ضرورة أن تقوم لجنة الأحزاب بمراجعة الموقف من فترة لأخرى، بحيث يتم إقصاء الأحزاب التى فقدت شرطًا من شروط ترخيصها مثل وجود مقر رئيسى للحزب فى العاصمة ففى هذه الحالة يتم إلغاء الحزب.

الأحزاب الفاعلة فقط

قال اللواء محمد الغباشى، نائب رئيس حزب "حماة الوطن" إنه من المطلوب جدًا خلال الفترة الحالية أن تقوم الدولة بتمويل الأحزاب، لكن فى الوقت الحالى لن تستطيع الدولة تقديم أى دعم للأحزاب بالشكل الحالى، خصوصًا مع كثرة عددها الذى تجاوز المائة، إضافة إلى أن عددًا كبيرًا منها ليس أكثر من واجهة فقط ورئيس الحزب مع فرد أو اثنان على الأكثر.

أضاف نائب رئيس حزب حماة الوطن أن عدد الأحزاب الفاعلة فى مصر على أرض الواقع والتى لها قاعدة شعبية وممثلة فى البرلمان لا يتجاوز 10 أحزاب، ومن الممكن أن يتم التوافق حول هذه الأحزاب لتنظيم الشكل القانونى والسياسى لها، موضحًا أن ذلك سيفتح باب فكرة دمج الأحزاب وتوافقها حتى تتمكن الدولة من تقديم الدعم المادى والمعنوى ولتقوم الأحزاب بدورها.

وأكد اللواء الغباشى أن قيام الأحزاب بدورها السياسى ودورها فى المجتمع وعمليات التوعية المطلوبة منها والمشاركة فى كافة المناسبات والتعرف على مشكلات المواطنين وتقديم الحلول لها يساهم فى تحقيق دور الأحزاب العملى وهذا الأمر يتطلب وجود أحزاب قوية، مشددًا على ضرورة أن تكون الدولة على مسافة واحدة من الجميع.

وشدد أن ما ذكره سابقًا يساعد فى وجود حياة حزبية قوية، تساهم فى تقوية الأداء الحكومى، وتحقيق التنمية والاستقرار فى ربوع البلاد، مؤكدًا أن اعتبار البعض هذا تبعية للدولة أو لى لذراع الأحزاب لا حقيقة له لأن الغطاء رفع عن ممارسة العمل السياسى فى مصر، وأصبح من الصعب أن تقوم الدولة بقطعه أو استغلاله، لأنه وببساطة جميع الأحزاب لديها وسائل إعلام وأذرع أخرى تستطيع أن تستخدمها فليس من السهل أن تستغل الدولة العامل المالى.

المشاركة فى القضايا العامة

ويرى عبدالإله عبدالحميد، أمين تنظيم حزب الحركة الوطنية، أن فكرة تدعيم الدولة للأحزاب التى لا تمتلك قدرة مالية على العمل سيعطى الفرصة لها لتحقيق النشاط السياسى والاجتماعى للدولة، وستستطيع أن تفتح الباب لها للمشاركة فى قضايا الدولة العامة.

أضاف أمين تنظيم الحركة الوطنية، أن مصر بها 106 أحزاب لا يوجد سوى 6 أو 7 أحزاب هى التى تعمل فقط، لكن الباقى منها أما متنازع عليها بين أكثر من شخص فى رئاستها أو أحزاب عبارة عن غرفة واحدة فقط فى أحد الأماكن المنعزلة، أو حزب عائلى بمعنى أن كل أعضائه أقارب.

وتابع، لجنة شئون الأحزاب يجب أن تأخذ قرارًا تجاه هذه الأحزاب الورقية فقط وغير الفاعلة فى المجتمع، موضحًا أن 90 حزبًا فى مصر ينطبق عليها هذا الكلام، وهو ما ينعكس فى نهاية الأمر بأن لدينا 106 أحزاب، وللأسف على أرض الواقع وعمليًا هذا العدد غير موجود أصلًا.

أضاف عبدالإله عبدالحميد، أنه لا بد من تدعيم الأحزاب الفاعلة فقط، لأننا لا نعطى إعانة من جانب الدولة للأحزاب بشكل مجمل، موضحًا أنه فى أيام الرئيس الأسبق حسنى مبارك كانت هناك أحزاب تقوم الدولة بتدعيمها من أجل المشاركة فى الاستحقاقات الانتخابية فقط، وذلك على سبيل المشاركة فى الاستحقاق وإضفاء الشرعية عليه.

وواصل أن الحزب لكى يكون فاعلًا، لا بد من المشاركة بشكل واقعى فى كافة مناحى الحياة العملية، مشيدًا بتجربة تحالف الأحزاب المصرية الموجود حاليًا، والذى اقترح فكرته النائب تيسير مطر، قائلًا إنه يوجد به أيضًا أحزاب غير فاعلة، لكن فى نفس الوقت يوجد به أحزاب تعمل على الأرض بشكل واقعى يبلغ عددها 15 حزبًا.

وأردف عبدالحميد أن الميزة الرئيسية فى هذا التحالف هو تحقيقه لنوع من التكتل للأحزاب، موضحًا أن تمويل الدولة لن يمثل كارت ضغط على الأحزاب، ضاربًا المثل بما كان يحدث أثناء فترة رئاسة الرئيس الأسبق حسنى مبارك، فدعم الدولة كان يساعد الأحزاب فى نشاطها العملى على الأرض.

وأكد أن تمويل الأحزاب من الدولة سيزيل من عليها صيغة الفردية فى السيطرة عليها، خصوصًا إذا كانت هذه العناصر هى التى تدعم الحزب ماليًا، لكن دعم الدولة سيفتح الباب أمام أداء الحزب دوره بشكل جيد وإبداء رأيه بحرية.

التمويل الذاتى أفضل

ومن جانبه، أوضح ناجى الشهابى رئيس حزب الجيل الديمقراطى، أنه من الأفضل أن تعتمد الأحزاب على نفسها فى التمويل ولا تعتمد على الدولة، بشرط الابتعاد عن رجال الأعمال، وأن يكون هناك عدالة بين الأحزاب.

وأضاف "الشهابى" أنه فى السنوات الأخيرة ظهرت ظاهرة أحزاب رجال الأعمال والذى يلاقى الدعم من قبل جهات عديدة وهذا يأتى على حساب الأحزاب الجادة والحقيقية التى تعتمد على اشتراكات الأعضاء وهى اشتراكات بسيطة.

وطالب رئيس حزب الجيل بالتخلص من أحزاب رجال الأعمال لأنها دخيلة على الحياة الحزبية، حتى تعتمد الأحزاب على اشتراكات أعضائها وتقوم بتمويل نفسها بنفسها، لافتا إلى أن فكرة تمويل الدولة للأحزاب يجعلها تعتمد على الدولة، مشيرا إلى أن الدولة تتخلص من هذا فى الوقت الحالى، والدولة فى الوقت الحالى تحرر الاقتصاد ولا تستطيع أن تمول الأحزاب.

وتابع أن هناك بعض الدول تمول الأحزاب السياسية، ولكن فى مصر يوجد أكثر من 104 أحزاب مؤكدا أن الأحزاب تستطيع أن تمول نفسها، مطالبا بأن تكون هناك عدالة بين الأحزاب وأن يكون هناك نظام انتخابى جيد وسليم، وأن يساوى الإعلام بينها، وفى هذه الحالة تستطيع الأحزاب أن تصل للشارع.

حزب لكل تيار

أكد الدكتور سعيد صادق أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أن الأحزاب السياسية فى جميع دول العالم فى حالة ضعف، وهذا يتمثل أيضا فى الأحزاب المصرية، لافتا إلى أن الأحزاب فى مصر لا توجد لديها برامج حقيقية ولدينا ما يقرب من 107 أحزاب، ويجب أن يكون هناك حزب قوى لكل تيار.

وأوضح أن على الحزب تمويل نفسه من دعم واشتراكات الأعضاء، ولكن الأحزاب لا توجد لديها شعبية لذلك لا يوجد من يدعمها، لافتا إلى أن من يطالب بدعم الدولة للأحزاب هذا منطق غريب كيف يطالب الحزب بدعم من الدولة ومن المفترض أنه معارض للحكومة هذا كلام غير منطقى، مشيرا إلى أن أغلب الأحزاب كرتونية ولا يوجد لها برنامج حقيقى وقوى.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية، أن الأحزاب فى الخارج تأخذ تمويلًا ودعمًا من المجتمع المدنى والأعضاء والمتبرعين الذين يؤمنون بفكر الحزب وبرنامجه، مؤكدا أنه لا يوجد دعم من الدولة لهذه الأحزاب، وتابع ليس من المنطق أن يكون هناك تمويل من الحكومة بل من المجتمع المدنى.

دعم فى البداية

وفى ذات السياق، قال الدكتور حسن أبو طالب أستاذ العلوم السياسية، إن بعض التجارب الديمقراطية وفى بداية نشأة الأحزاب يكون هناك دعم من قبل الدولة لمساعدتها فى أنشطتها، لافتا إلى أنه فى الدول التى توجد بها أحزاب سياسية من الصعب أن يكون هناك تمويل لها.

وأوضح أن مصر بها أحزاب كثيرة ومن الصعب أن تقدم الدولة دعمًا لكل هذه الأحزاب، وخاصة أنها لا يوجد لديها برامج أو شعبية والمجتمع لا يعلم عنها شيئًا وهى قاصرة على بعض الأشخاص ولا تعبر عن فئة من المجتمع.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن الدستور وقانون الأحزاب لا يوجد به مادة تنص على تمويل الأحزاب من قبل الدولة، وما يحدث هو اجتهاد، لافتا أن ما كان يحدث فى عهد مبارك من تمويل الأحزاب كان دعمًا محدودًا للغاية وكان يحدث من مجلس الشورى لتنشيط حركة الأحزاب، ولا أعتقد أن هذا من الممكن أن يحدث بعد عودة مجلس الشيوخ القادم.

وتابع أن القضية ليست فى دعم الأحزاب وإنما فى وجود كيانات حزبية حقيقية على أرض الواقع.

اقرأ أيضا