تعد الأمثال الشعبية هي انعكاس لثقافة الشعوب، وعلى الرغم من أنها تتكون من كلمات وجيزة ومختصرة، إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من المعاني والوعظ والأحكام، كما أن هذه الأمثال لم تخرج من وحي أفكار كاتب ما، بل هي خرجت من رحم مواقف حية، مر بها الإنسان بالفعل، ولأن لكل مثل حكاية، نقدم لكم في السطور القادمة، واحد من أشهر تلك الأمثال، وهو مثل "رب ضارة نافعة".
يُحكى أن، أنه في يوم من الأيام أبحرت سفينة، وكان على متنها الكثير من الركاب والبضائع، ولكن أثناء إبحارها، هبت رياح قوية وعاتية أغرقت السفينة، ولم ينجو منها سوى رجلا واحدا.
وظل هذا الرجل في الماء، حتى جرفته الأمواج على جزيرة بعيدة ومهجورة، وما أن التقط الرجل أنفاسه، جلس على ركبتيه يرجو الله المساعدة والنجاة من هذه الكارثة المحدقة به، ومرت الأيام والليالي، وهو يجمع ثمار الفاكهة ويصطاد الحيوانات، حتى أنه قام ببناء كوخ صغير له ليستقر ويعيش بداخله.
وذات يوم، ترك الرجل طعامه على النار، التي قد أشعلها بأغصان الشجر، وذهب للصيد، ولكن حينما عاد وجد بأن النار أحرقت كل شئ، بما فيهم كوخه الصغير، فأخذ الرجل يبكي ويتحسر على حظه السيء.
وأخذ يشكو الله، ويقول له "لماذا يحدث معي كل هذا يا الله؟!" وظل في البكاء حتى غالبه النوم، ولكنه استيقظ على مفاجأة، عندما وجد قارب صغير يقترب من الجزيرة، التي يمكث عليها.
وعقب صعوده على متن السفينة، فسألهم "كيف عثرتم علي؟"، فأجابوه، أنهم شاهدوا دخان كثيف منبعث من تلك الجزيرة، فأدركوا أن هناك شخص يطلب الاستغاثة والإنقاذ، فتعجب الرجل وشكر الله-عزل وجل- على رحمته الواسعة، وكيف أنه كان غاضب على ما حدث له، حيث أنه اعتقد خطأ، أن الحريق الذي نشب كان شرا له، إلا انه كان خيرا له، فقال الرجل لنفسه المقولة الشهيرة "رب ضارة نافعة".