جاء فأدي التحية ناحية المقام ووضع يد علي قلبه ويد علي رأسه، شفتاه كادت تختفي لفراغ فمه، عمامته حمراء ثقيلة تعتلي رأسه، يختفي تحتها شعره الفضي الطويل ولكنه مهذب، ردائه أخضر تفوح منه رائحة المسك المختلطة بدخان البخور، وتستند عروق يده البارزة على عصا غريبة وعيناه الضيقة يبرزها الكحل.
يدعى "سيد المسكين"، من مواليد محافظة قنا عام ١٩٤٨، تزوج وأنجب أربعة أولاد، ثم جاءته "زبزبة روحانية"، كما وصف، أوحت إليه أن يذهب إلى مسجد السيد البدوي بمدينة طنطا.
كان لـ"بلدنا اليوم" لقاء مع "المسكين مهرجا السيده زينب"، ذلك إسمه الذي علق على عنقه "بوحي جاءه وهو في رحاب المسجد" كما قال، فهو آخر الدروايش الأصليين للسيده زينب الذين تعلموا بشكل صحيح بعيد عن الدجل وأذي الناس، والتزموا الصبر والذكر.
"أهل السلام أهل البيت لكم مني السلام، السلام عليك سيدي أحمد البدوي".. أفصح أخيرًا عن تحيته الغامضة التي يرددها كلما خطت قدماه رحاب المسجد، يوجهها لمن يراهم رؤي العين وليس الحلم، فأولياء الله يظهرون أمامه يكلمهم ويلقونه من الذكر الحكيم والدعاء وصفاء النفس الكثير، لأنه أمي لا يقرأ ولا يكتب، ولكن علموه كل شئ، فليست عمليه سهلة إيجاد الذات ولكن بالصبر والوحي قد ارتقى.
أشار سيد في حديثه إلى أنه ذهب إلى طنطا حب في السيد البدوي وبات يذكر الله ليلًا ونهارًا في رحابه،
وفي أول رحلته للتصوف تحمل الكثير من الأذي والسخرية والقذف بالكلام الجارح، وإلقاء النفايات على وجهه وقضاء الأيام بدون طعام "تلك هي الطريقه الوحيده للتجلي والبصيرة".
وقال إنه لا يحمل نيه أن يعلم أحد فالحياة صعبة الآن، بالرغم من أنه يأتي له الكثير من أنحاء العالم يتباركون ويطلبوا العلم ولكنه يرفض لأنه يعلم صعوبة الرحلة، وذلك على حد قوله.
وأكمل حديثه متباهيا بأنه تخطى عقده السابع ولا يعاني من أي مرض ولايخشي الموت، "فلقاء الله هو الراحة الأبديه لكل محب"، مشيرًا إلى أنه لا يريد إلا مقام صغير ف المسجد ليأتي له الناس كعادتهم ولا يفترق عن شيخ العرب السيد البدوي الذي التصق بروحه.