يبدو أن أحد الأسباب الكبرى التي ستندلع على إثرها الحرب العالمية الثالثة هو المشروع النووي الإيراني، الذي تحول لأن يصبح مصدر للعديد من الأزمات والكوارث السياسية والاقتصادية حول العالم.
تحولت الرغبة الإيرانية في امتلاك سلاح نووي، إلى محل نزاع دولي، فلا تأمن أمريكا على نفسها، أو الاحتلال الإسرائيلي إذا ما امتلكت العدو الأكبر لها ما من شأنه إخفاء وجودها من الكرة الأرضية.
بعض الخطوات التي انتهجتها إيران والمجتمع الدولي حتى قبل حكم الجمهورية الإسلامية، أدت إلى ما نشهده حاليًا.
بداية المشروع
بدأت إيران مشروعها لإنتاج الطاقة النووية في خمسينات القرن الماضي، إبان حكم الشاه محمد رضا بهلوي، ولم تعارض الولات المتحدة الأمريكة والدول الأوروبية، بل شاركوا بالمشروع كجزء من برنامج «الذرة من أجل السلام».
وتم تأسيس «مركز طهران للبحوث النووية» عام 1967م، وتجهيزه بمفاعل أبحاث نووية قدرتها 5ميجا واط، ووقعت إيران بعدها بعام واحد على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، مما جعل المشروع النووي تحت التفتيش والتحقيق من قبل الوكالة النووية.
وكانت إيران تعمل على الوصول لـ23 محطة نووية بحلول عام 2000م، بمساعدة الشركات الأمريكية والأوروبية.
التوقف المؤقت
قامت الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م، وتوقفت الشركات الأوروبية عن العمل في المشروع النووي، وانقطع امتداد اليورانيوم عالي التخصيب، وتوقف المشروع بشكل مؤقت.
حتى عاد عام 1981م بعدما سمح الخميني بإجراء أبحاث على نطاق محدود في مجال الطاقة النووية، ثم بدأ التعاون من جديد بين إيران والوكالة الدولية للطاقة، في المجال الكيميائي وتصميم المحطات التجريبية، لكن الولايات المتحدة الأمريكية تدخلت لإيقاف التعاون والمساعدات الدولية لإيران، لكن تمت إعادة تشغيل البرنامج النووي بعد الحرب الإيرانية العراقية.
التعاون مع الاتحاد السوفيتي
بدأت إيران في عام 1996م التعاون مع الاتحاد السوفيتي، في انتاج الماء الثقيل، وكشفت المعارضة الإيرانية عنه بعد ذلك في عام 2002.
شرعت طهران في إنشاء مفاعل نووي بقدرة 40 ميجاوات سرًا ضمن مشروع عماد، يعتمد في تشغيله على الماء الثقيل بجانب اليورانيوم المتوفر في إيران، وهذه القدرة من المفاعل النووي، يصلح لإنتاج البلانتيوم المطلوب لتصنيع السلاح النووي.
المخاوف الدولية
تخوف المجتمع الدولي من سعي إيران لإنتاج أسلحة نووية، لذلك أصدر مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم 12 سبتمبر 2003 قرارا يلزم إيران بـ«الوقف الفوري الكامل» لكافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم، وبتوقيع البروتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والسماح الفوري بتفتيش المنشآت النووية الإيرانية «دون قيد أو شرط».
وفي أكتوبر 2003م، زار وزراء خارجية فرنسا، ألمانيا، بريطانيا، لطهران حصلوا فيها على موافقة إيران على توقيع البروتوكول الإضافي الذي يسمح بتفتيش منشآتها النووية، وعلى وقف عمليات تخصيب اليورانيوم التي تعد الخطوة الأولى نحو امتلاك السلاح النووي.
وفي 25 نوفمبر 2003 اتخذ أعضاء مجلس الحكام التابع للوكالة الدولية قرارا بالإجماع يدين إيران لتطويرها برنامجا نوويا سريا على مدى حوالي 20 عاما.
وتقول واشنطن إنه يخفي وراءه طموحات لتصنيع أسلحة نووية، غير أن القرار لم ينص على إحالة المسألة في حينها إلى مجلس الأمن.
ولم يتغير الموقف الإيراني في استكمال المشروع، وأعلنت في 2005، نجاحها في تخصيب اليورانيوم بنسبة 3.5% وهي النسبة الصالحة للأعمال السرية.
وأصدر مجلس الأمن الدولي في 2006 قرار رقم 1737، لمنع أي دولة من تسليم إيران أو بيعها أي معدات أو تجهيزات أو تكنولوجيا يمكن أن تساعدها في نشاطات نووية وبالستية، بجانب تجميد أصول عشر شركات، و12 شخص لهم علاقة بالبرنامج النووي الإيراني.
وفي 24 نوفمبر عام 2013، وقّعت إيران ومجموعة «5+1» بعد عدة جولات تفاوضية- اتفاقا مؤقتا في جنيف تضمن خطة عمل مشتركة، التزمت خلالها طهران بعدم تخصيب اليورانيوم بدرجة أعلى من نسبة 5%.
الاتفاق النووي الإيراني
في 2 أبريل 2015 توصلت طهران والدول الست الكبرى في مدينة لوزان السويسرية إلى اتفاق، وهو المعروف اعلاميا باسم «الاتفاق النووي الإيراني»، ومن شأن هذا الاتفاق، أن يكبح تقدم المشروع لعشر سنوات قادمة على الأقل.
ولم تستمر الولايات المتحدة الأمريكية في الاتفاق، حيث أعلن ترامب انسحابه هذا العام من الاتفاق، وكان نتاجه توقف كبرى الشركات العالمية عن التعامل مع إيران، حتى لا تخسر استثماراتها مع الدولة الأولى.
وكان الرد الإيراني هو التهديد بإغلاق مضيق هرمز، ومنع إيصال البترول إلى الدول الأوروبية، حيث يعد المضيق من أهم الممرات المائية لتصدير النفط إلى العالم الغربي، مما يؤدي إلى عجز كبير في سوق النفط العالمي.