الصحة: الأحياء المسئولة عن العربات غير المرخصة
نزيه: الباعة يشترون «الدم المتجلط» من السلخانات
سالم: السجق يتكون من مفروم الدهون والشغت والبرغل والجلود
زكى: طرق التداول تتم بأقذر الأدوات والأساليب.. ونحتاج لمتابعات من عدة جهات للتأكد من مصدرها
شرف: لا توجد رقابة على مقدمى الطعام للمستهلك.. ولا بد من انتقاء أماكن الطعام
عبدالحليم: الباعة يقدمون أسوأ ما يمكن أكله فى جسد الحيوانات
سواء كنت مسافرا أو متنقلا من مكان إلى آخر لقضاء مصلحة أو شراء شىء ما، قد يصيبك الجوع، ولا تجد مكانا تشترى منه ما يسد رمقك، إلا تلك العربة الموجودة على ناصية الطريق، يبيع صاحبها الكبدة والسجق، ومع انخفاض سعر الساندوتش يجعلك تذهب لتأكل منها.
وعلى الرغم من أنك قد تجد طعما شهيا لما تتناوله؛ إلا أنك كثيرا تتمنى أن لو ظللت جائعا أفضل من شبعك، فلا تكاد تنتهى من تناول وجبتك؛ وإلا وتصاب بتسمم غذائى يسقطك أرضا.
الدكتور على محروس، رئيس الإدارة المركزية للعلاج الحر بوزارة الصحة، استهل حديثه بأن المديريات تصدر عنها الشهادات الصحية الخاصة بالأماكن التى تبيع أو تصنع الطعام سواء للمنشأة أو العاملين.
وأضاف أنه فيما يخص الغش التجارى، سواء كان الطعام فاسداً أو ما إلى ذلك، فهو يخضع للتفتيش والرقابة، لكن عموماً فالجميع يعلم أن الطعام الذى يباع على العربات فى الخارج يثير الشك والريبة، وكل عاقل يعلم هذا الأمر، فلا يحتاج إلى ثقافة كبيرة.
مسئولية من؟
وأشار إلى أن الأحياء هى المسئولة عن العربات والباعة الجائلين، موضحاً أن مطاردة هؤلاء الباعة ليس دور وزارة الصحة، مؤكدا أن تلك العربات طالماً أنها ليست مرخصة فالصحة ليس لها علاقة بها مطلقا، وأن الرقابة على عربات الكبدة من المحليات والمحافظة.
الدكتور مجدى نزيه رئيس وحدة التثقيف الغذائى بالمعهد القومى للتغذية، تحدث بأنه يجب على المستهلك إعمال عقله، فعندما يكون سعر كيلو الكبدة 50 جنيها، بما يعنى أن مخصص سندوتش الكبده هو 4 جنيهات، بالإضافة إلى جنيه ثمن رغيف الخبز، عوضاَ عن البصل والبهارات والمصروفات والإدارة، بما يشير إلى أن أقل سعر للساندوتش 7 أو 8 جنيهات، فبأى كيفية يكون سعر الساندوتش جنيهًا ونصف أو جنيهين؟، بما يؤكد أن هذه ليست بكبدة.
دم مجمع من السلخانات
وأوضح بأن بعض بائعى الكبدة أخبروه، بأنهم فى بعض الأحيان يأتيهم الدم مجمعا من السلخانات فى بلوكات، وبالطبع يكون مجلطاً، ويتم تقطيعه قطع صغيرة ويتم إعداده كأنه كبدة عصافيرى، مشيراً إلى سؤالهم عن كيفية حدوث ذلك أخبروه بأن هذا سر المهنة.
وأكد أنه علمياً فإن الدم المجلط لا يمكن أن "يسيح" مع الحرارة، ويتم بيعه فى ساندوتشات بسهولة.
وتابع رئيس وحدة التثقيف الغذائى، بأن بائعى الكبدة من حقهم القيام بذلك بل بما هو أكثر؛ لأنهم يجدون دائما المستهلك الذى يشترى منهم، متسائلا: "أنا ماحترمش نفسى وآكل جوة بيتنا ليه؟".
وأكد أن جميع الجهات الرقابية تؤدى دورها تماماً، ولكن من لا يؤدى دوره كما ينبغى هو المستهلك نفسه.
العادات الغذائية السليمة
وشدد على ضرورة أن يعود المستهلكون للعادات الغذائية السليمة، بالتزام أكل الطعام داخل المنزل، ناصحاً المواطنين بعدم شراء التيك أواى مطلقاً، وأن أقصى حدود شراء سندوتشات التيك أواى لا يجب أن تتعدى سندوتشات البيض المسلوق والجبنة الرومى، لأنهما أقل تدخل بشرى فى الإعداد، حتى أنه لا يجب على المواطنين شراء الفول أو الطعمية، متسائلا عن حقيقة نقع الفول لمدة 12 ساعة للتخلص من مادة الفايتيك الموجودة فى قشرته، أو حتى الطعمية يتم قليها بزيت طبيعى، فالعيب يقع على صاحب المحل الذى يترك النار مشتعلة على الزيت حتى يحترق، مؤكداً أن معهد التغذية لا ينصح بتناول هذا الطعام على الإطلاق.
وناشد نزيه المواطن، بأن يأخذ طعامه معه، إذا كان سيمكث خارج منزله أكثر من12 ساعة مثلا، مشيراً إلى أنه فى الماضى كان المواطنون يحصلون على سندوتشاتهم وهم خارجين من منازلهم فما المشكلة فى ذلك.
واتفق معه الدكتور مروان سالم، الخبير الصيدلى والباحث فى الدواء والغذاء، وأخصائى الصيدلة الإكلينيكية والتغذية العلاجية، بأن ذلك الأمر انتشر مؤخراً، مشيراً إلى أنه بعد الذبح مباشرة، يتم أخذ دم الذبيحة ويتم وضعه فى قوالب، ويضاف إليه مادة مُجمِعة، وهذه المادة تُزيد من كثافة الدم حتى يتجلط، ويتحول فى النهاية إلى قالب كبير بعد أن يتم وضعه فى الفريزر وتجميده ليتم تقطيعه وتسويقه على أنه كبدة.
الطب البيطرى
وأوضح أنه للمحافظة على بقاء الدم متجلطاً، يتم وضع بودرة عليه، مشيراً إلى أن الطب البيطرى تمكن من رصد حالات عديدة بهذا الشكل.
وأشار إلى أن وجود الدم المتجلط هو نتيجة لقيام السلخانات بتجميع الدم بعد الذبح وكأنه بروتين، ويتم دمجه مع الكبدة والبهارات فلا تظهر، مشيراً إلى أنه لا توجد رقابة مطلقاً على السلخانات.
صبغات كيميائية
وأردف بأن أغلب عربات الكبدة والسجق، تعمل وفقا لتلك الآلية، حيث يشترون كيلو السجق ب٢٥ جنيها، وهو من أخطر الأكلات الآن، موضحاً أنه يتكون فعليا من مفروم الدهون والشغت والبرغل والجلود وتضاف إليه كسر العيش المعفن ومواد أخرى غير معلومة، وبهارات الطعام، ويُضاف إليه صبغات كيميائية خطيرة حتى يأخد اللون الأحمر، ولا يوجد به أى لحوم نهائيا.
وأشار إلى أن البائع، تأتيه الكبدة والسجق جاهزة من مصانع تحت بير السلم، وتأتيه السيارة لتعطيه "شنطة بلاستيك"، ويتم التوزيع على العربات، إلا أن ذلك الموزع لا تعلم وزارة الصحة عنه شيئا ولا توجد بيانات وزارية بخصوص ذلك الأمر مطلقا.
فوضى المطاعم
وتابع بأن هناك فوضى فى المطاعم، فلا يوجد العديد ممن يعملون فى المطاعم استخرجوا الشهادات الصحية، بالإضافة إلى عدد المصابين بفيروس سى، الذين يقدمون الكبدة والسجق، دون أن يعلم المستهلك، فأى فرد من أى مكان يأتى بعربة الكبدة ويبيع، والناس تقف لتأكل، وفى النهاية نجد الأسر مرضى بالسرطان، متسائلا عن السبب فى عدم وجود وقاية منذ البداية، ومنع كل هذه الحالات.
تفتيش السلخانات
وشدد على أنه لا بد من توفر الرقابة، وأن يتم التفتيش على جميع السلخانات، ومعرفة على سبيل المثال مكان تخزين الكبدة المستوردة، ومدى مطابقة معاييرها للمواصفات من عدمه، والتأكد من أن هناك ألواح ثلج موجودة لحفظها بالإضافة إلى معرفة هل يتم وضعها فى أماكن نظيفة، أم يتم وضعها فى أى شقة مجهولة تحت بئر السلم، ومعرفة الطريقة التى يتم التخلص بها من الدماء والشغت والعظام، مؤكداً أنه من السهل على الجهات الرقابية التعرف على صلاحية هذه الكبدة من عدمها، لأنه من الصعب على المواطن معرفة ذلك نظراً لكثرة البهارات التى يتم وضعها فى الساندويتشات.
استهلت الدكتورة "شيرين. ز"، عضو مجلس نقابة الأطباء البيطريين، حديثها بأن الكبدة خلقها الله فى الجسد عبارة عن دم متخثر، مشيرة إلى أن الدم الذى يأتى من السلخانات والمجازر ويتم تجميده فى بلوكات، ثم بعد ذلك يتم إخراجه ووضعه على النار فمن الطبيعى سيتحول إلى صورته السائلة مرة أخرى.
تفتيش العربات
وفيما يخص عربات الكبدة، أكدت شيرين، أنها يجب أن تخضع لتفتيش عدة جهات منها الطب البيطرى؛ لتتمكن من الكشف على الكبدة قبل الطهو، والصحة للكشف عليها بعد الطهو والسندوتشات، والأمن الصناعى للكشف على أنابيب الغاز كنوع من الناحية الـتأمينية على المنطقة الموجود بها العربات، مشيرة إلى أنه لا يمكن الحديث مطلقاً عن وجود رقابة على الإطلاق، فمع وجود 100 طبيب تفتيش يعملون فى عموم جمهورية مصر العربية، وذلك فى ظل وجود أكثر من مليون عربة كبدة فى مصر، فالأمر مستحيل تماما.
وطالبت الحكومة بتوفير أطباء بيطريين؛ للدفع بعدد مناسب لعدد المحلات والسوبر ماركت والأسواق وعربات الكبدة والمنشآت الصحية والمستشفيات، تلك الأماكن المفترض على الطبيب أن يفتش فيها على منتجات ذات أصل حيوانى؛ ليتمكن فى النهاية من تطبيق منظومة صحية سليمة.
تاريخ الصلاحية
وتابعت بأن الكبدة الموجودة الآن على العربات لا يمكن معرفة تاريخ صلاحيتها، مؤكدة أنها شخصيا حررت محضراً فى السادس من أكتوبر فى السوق القديم لصاحب ثلاجة ضخمة تفرم الكبدة وتوزعها على عربات الكبدة والسوبر ماركت الموجودة هناك، الذين يحصلون على "الكبدة العصافيرى" ليبيعوها بالكيلو.
وأوضحت أن ما تم ضبطه هو شىء لا يمكن تخيله فهو عبارة عن كبدة مجمدة يتم وضعها على "قورمة" قذرة على الأرض؛ للتمكن من تقطيعها بصورة مناسبة للمفرمة الخاصة بهم، مشيرة إلى أنها التقطت فيديو كامل عن "منظر الأرض والمجارى الطافحة بجوارها، والقورمة القذرة التى يتم تقطيع الكبدة عليها والمفرمة التى يتم تقطيع الكبدة عليها مليئة كلها بالدم وشكلها غير صحى على الإطلاق ويتم تجميعها فى أكياس، وكل عربة كبدة تأتى لتحصل على نصيبها".
وأشارت إلى أنه لا تتوافر اشتراطات صحية فى الإعداد أو النقل أو الحفظ، بالإضافة إلى أنها من الممكن أن تكون منتهية الصلاحية.
وأردفت بأن بلوك الكبدة المجمدة المستوردة من الخارج يتم كتابة تاريخ الصلاحية عليها إلا أنه يتم نزعه وتقطيعها وإعادة تعبئتها حتى أن البعض منه يباع فى بعض سلاسل السوبر ماركت على أن عليها عروضا، سواء شرائح الكبدة أو العصافيرى، ليتم بيعها دون أن يعلم المواطن شيئا عن تاريخ صلاحيتها، وكذلك الحال بالنسبة لعربات الكبدة التى تبيع السندوتشين بثلاث أو أربع جنيهات، فيرجع ذلك لأنهم يشترون كيلو الكبدة ب25 جنيها مضافاَ إليها كيلو من البصل والتوابل، فليس من المستبعد أن يتم بيعه بهذا السعر، فهى مستوفية لحقها تماماً لأنه من الأساس الكبدة رخيصة.
وتابعت بأنه عموماً فإن جميع السندوتشات التيك أواى، لها تأثير على صحة الإنسان، موضحة بأنه بغض النظر عن الكبدة فإن السجق أو الحواوشى أو غيرها، هى عبارة عن لحمة مفرومة مجهولة المصدر والصلاحية؛ ومن الممكن أن تكون غير قادمة من حيوانات صالحة للاستهلاك الآدمى، كالبقرى أو الكندوز، فقد تكون لحوم حمير تغيرت معالمها بالفرم.
ولفتت إلى أنه تم تحرير العديد من المحاضر من قبل عن سقط الحيوانات المجهض مضافاً إليها رجول وأمعاء الدجاج وريشها فى المفارم، دون أن يعلم عنها المستهلك.
وطالبت ربات البيوت، بمحاولة التقليل من أى مصنعات، وأن يشترين منتجات موثوقة فى اسمها ولها علامة تجارية معروفة، حيث أنه لا يمكن أبداً أن تستخدم هذه المنتجات مضافاً إليها البهارات مع المواد الحافظة والصناعية، فهذا يشكل خطورة دائمة على صحة الناس.
كما ناشدت المواطنين بتجنب الأكل من عربات الطعام المتنقلة، والاكتفاء قدر المستطاع بتناول الطعام داخل المنزل، تجنباً للأمراض.
محمد شرف نائب رئيس شعبة القصابين، تحدث عن أن هناك عشوائية فى السوق تماماً، مشيراً إلى أن هناك العديد من عربات الكبدة تعمل بدون تصريح، مشيراً إلى أنه لا توجد رقابة مطلقاً على الأماكن التى تقدم الطعام للمستهلك.
وأشار إلى أنه حتى الزيت الذى يتم قلى به الطعام، سواء كان للكبدة أو الطعمية أو حتى الزلابيا، يصيب من يريد أن يأكل منها بالريبة، مطالباً بأن من يحاول أن يأكل فلينظر إلى الزيت وليقرر بعدها ما إن كان يريد أن يأكل أم لا.
وأكد أن من يريد أن يشترى كيلو كفتة سيجد سعره بـ80 جنيها؛ لأنه يضيف إليه ما يشبه الخلطة، مستبعداً أن يتم إضافة الدم المجلط إلى الكبدة.
الدكتورة إيناس عبدالحليم، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، استبعدت أن ما يتم بيعه على عربات الكبدة دماً مجمداً أو مجلطاً، لأنه بمجرد التسوية سيصبح الدم سائلاً، مشيرة إلى أن أسوأ قطعة لحم يتم أكلها فى الحيوان المذبوح هى الكبدة، فأى إصابة سيتعرض لها الحيوان ستكون فى الكبد، لأن الكبد هو الذى يفلتر جميع السموم فى الجسم، فهذا الحيوان إذا لم يكن معافا، فأكثر وأسرع جزء سيصاب فيه هو الكبد.
وتابعت بأنه إذا لم يتم الذبح وحفظ الكبدة مباشرة، فمن الممكن أن تتسبب فى العديد من المشاكل، حيث أنها أسوأ ما يتم أكله فى جسد الحيوان، لافتة إلى أن هناك العديد من الناس الذين لا يأكلونها إطلاقاً خوفاً من الأمراض.
وأكدت وكيل لجنة الصحة، أنه ليس هناك أحد يبيع طعاما، دون أن تكون عليه رقابة من وزارة الصحة، حتى لو عامل يطبخ فى مطعم، أو يقدم الطعام، لا بد أن يكون له شهادة صحية؛ لأن هناك أمراضا تنتقل عن طريق الإنسان، مشيرة إلى أن هناك قانونا مفعلا بأن أى أحد يتاجر فى أشياء غير منضبطة يتم معاقبته كما أن هناك تفتيشا من الطب البيطرى، لكن لدينا أناسًا يقومون ببعض الأمور فى الخفاء.
وأردفت بأننا لدينا أكثر من 20 كلية طب بيطرى على مستوى الجمهورية يتخرج منها الآلاف كل عام، مؤكدة أن الطب البيطرى لديه تكليف مثله مثل الطب البشرى.
ولفتت إلى أن هناك إدارة كاملة للطب البيطرى بعيدة عن نقابة البيطريين نفسها، مؤكدة أنه لا يوجد عجز مطلقاً فى الأطباء البيطريين.
وأشارت إلى أن الرقابة على عربات الكبدة هى مسئولية وزارة الصحة ومسئولى الإشغالات بالأحياء.