عانت منظومة الدواء في مصر على مر السنوات كثيرًا، بسبب سوء إدارتها وعدم اختصاص القائمين عليها في هذا القطاع، واليوم قررت الحكومة أن تضع حدًا لهذا الأمر، فأقرت مشروع قانون انتظره الصيادلة كثيرًا أمام مجلس النواب، وهو مشروع إنشاء هيئة الأدوية التي ستتولى الاهتمام بمنظومة الدواء للنهوض بها في مصر.
وقال الدكتور عبد العزيز حمودة، عضو لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب، إن هيئة الدواء تختص بعدد من الأمور والتي جاء في مقدمتها توفير المواد الخام للازمة لتصنيع الدواء، ومراقبة تصنيعه، وتسعيره، ومتابعة الأدوية المهربة من الخارج غير معلومة المصدر، بالإضافة إلى متابعة شركات تصنيع الدواء، مراقبة سوق الدواء، والسيطرة عليه، مشيرًا إلى أن المدير التنفيذي لهذه الشركة سيكون صيدلي.
وأضاف عضو لجنة الصحة، في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أنه سيكون من الطبيعي أن يقع تحت مسئوليتها مراقبة أدوية التخسيس التي يتم تهريبها من الخارج وتؤذي صحة مستخدميها؛ للقضاء عليها.
وأكد أن مشروع هيئة الدواء المقدم من الحكومة يتضمن عمل هيئة تسمى بـ«هيئة الشراء الموحد» حتى يكون هناك تسعيرة موحده للمواد الخام فيصبح هناك تقارب في أسعار الأدوية التي يكون لها تركيب واحد.
وتابع البرلماني حديثه موضحًا أن هذه الهيئة سيكون لها دورًا في متابعة الأدوية الناقصة من السوق، حيث أنها ستتابع الشركات، ومدى توافر الأدوية المرخصة في الصدليات، وسيتم على أساس ذلك محاسبة الشركات غير القادرة على توفير الدواء، فيتم سحب ترخيص انتاج الدواء مناه وإعطائه لشركة أخرى قادرة على إنتاج هذا الدواء لتوفيره في السوق.
وقال إننا نأمل أن يتم تنشيط عمل شركات القطاع العام المحلي، حتى يتم توفير فرص عمل للشباب، كما أن بها العديد من أنواع الأدوية المعطلة عن الانتاج بسبب ارتفاع التكلفة.
من ناحيته، قال الدكتور جورج عطا الله، عضو مجلس نقابة الصيادلة، إن أي دولة حدث بها تطور في منظومة الدواء تم ذلك عن طريق إنشاء هيئة للدواء، ولذلك نحن متأخرين في تنفيذها كثيرًا، منوهًا إلى أننا في حاجة ماسة إليها.
وأضاف عضو مجلس نقابة الصيادلة في تصريحات خاصة لـ«بلدنا اليوم» أن أغلب المسئولين بوزارة من الأطباء، غير المخولين بالتعامل مع المنظومة الدوائية، حيث أنهم ليس لديهم معرفة بكيفية استيراد، وصناعة الدواء، ولذلك فإن هيئة الدواء تهدف إلى أخذ الدواء من تحت عباءة وزارة الصحة، التي تعطي التصاريح لاستيراد المادة الفعالة ، وتصنيع الدواء، وتراقب الشركات التي تصنع الدواء، كما انها هي التي تستخدم هذه الأدوية، ولذلك يجب هناك فصل بين هاتين الجهتين.
وأوضح الدكتور عطا الله أنه لا يوجد بوزارة الصحة منظومة تدعى بمنظومة إدارة الدواء، بل هناك الإدارة المركزية المسئولة عن الإفراج المواد الخام، ولكنها لا ترسم خطة طويلة أو قصيرة المدى للمنظومة الدوائية، فمثلا لا يوجد دراسة جدوى عن إنشاء مصنع لتصنيع الألبان في مصر، بدلا من استيراده من الخارج، كما أنه لا يوجد في مصر الأدوية التي يتم تصنيعها بالنانو تكنولوجي، ولذلك يتم استيرادها من الخارج، ومع ارتفاع سعر الدولار، يرتفع سعر هذه الأدوية، ولذلك لا يوجد استقرار في السوق، ولو تأخرت شحنة هذه الأدوية سيخلق ذلك أزمة في السوق، مما يفتح أبواب خلفية لتهريب هذه الأدوية، أو استيرادها من الخارج وهي غير معلوم مدى صلاحيتها.
وتابع، ولذلك لا يوجد أي خطة أو استراتيجية أو قدرة من جانب وزارة الصحة على حل الأزمات التي تواجهها، أي أن منظومة الدواء تعاني من خلل، مشيرًا إلى أن السبب وراء تهلهل منظومة الدواء يرجع إلى أن القرار ليس في يد خبير دوائي بل في يد وزارة الصحة التي ليس لديها خبرة في صناعة الدواء.
كما أشاد الدكتور طارق كامل، أمين صندوق نقابة الأطباء بمشروع القانون الذي أعدته الحكومة للعرض على مجلس النواب، موضحًا أن هذه الفكرة جيدة للغاية، وأن إنشاء هيئة مسئولة عن الأدوية هو مطلب شديد الأهمية، مشيرًا إلى أن قطاع الصيدلة بوزارة الصحة لا يكفي بمفرده لأهمية صناعة الدواء بصفة عامة.
وأضاف أمين صندوق نقابة الأطباء في تصريح خاص لـ«بلدنا اليوم» أننا في حاجة إلى هيئة للدوء على غرار ما هو موجود في معظم دول العالم، مشيرًا إلى أنه يجب أن يكون من اختصاص هذه الهيئة تسجيل الدواء، والرقابة عليه، وصناعة الدواء، وكيفية تطويرها، بالإضافة إلى تشجيع الصناعة المحلية، ومتابعة الضوابط العلمية على الأدوية، أي أن تكون مسئولة كل ما يخص صناعة الدواء.
وأوضح الدكتور طارق أنه من المنطقي أن تأخذ لجنة الصحة في مجلس النواب برأي نقابة الصيادلة، كجهة استشارية، فضلا عن الأخذ برأي خبراء في صناعة الدواء بصفة عامة، وعمداء كليات الصيدلة في مصر، مشيرًا إلى أن صناعة الدواء يختص بها خريجي هذه الكليات، أما الأطباء يختصون في نواحٍ أخرى، مؤكدًا أن هناك هيئة هامة للغاية، مشابهة لهذه الهيئة في الولايات المتحدة الأمريكية، تدعى بـ«هيئة الأدوية».