«إذا رأيت فقيرًا فى بلاد المسلمين .. فاعلم أن هناك غنياً سرق ماله».. شيخًا جليلًا جعلته مكانته العلمية يُلقب بإمام الدعاة، فسّر القرآن بأكمله، رحل وما زالت ذكراه وأقواله تُردد في جميع المحافل الدينية، تنتشر كتبه بين أروقة المكاتب، خواطره في تفسير القرآن الكريم مثل ينبوع الماء العذب، نهرع إليها كلما اشتد عطش القلب، اليوم، في السابع عشر من يونيو، يحل ذكرى وفاة الشيخ محمد متولي الشعراوي، «إمام الدعاة».
نبذة عن حياته
أريحي السماح والإيثـار، لك إرث يا طيبة الأنوار، وجلال الجمال فيـك عريق، لا حرمنا ما فيه من أسـرار»، في الخامس عشر من إبريل عام 1911، وفي قرية دقادوس التابعة لمركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية، استقبل متولي الشعراوي، ولده الوحيد والذي أسماه محمدّا بعد رؤية قصّها عليه شيخ القرية، كان متولي الشعراوي يحلم بأن يصبح ولده شيخًا جليلّا حافظًا للقرآن وعالمًا بسنة رسوله، فالتحق بمعهد الزقازيق الابتدائي الأزهري، وكان شغوفًا حينها بالشعر والأدب، وبعد حصوله على الشهادة الابتدائية التحق بالمعهد الثانوي في طنطا، وزارد اهتمامه بالشعر والأدب خلال مراحل تعليمه.
التحق الشعراوي بكلية اللغة العربية، وزاد اهتمامه بالحركة الوطنية وشارك في العديد من الثورات التي اشتعلت من الأزهر الشريف، مما عرّضه للاعتقال أكثر من مرة، وظلّ هكذا حتى أنهى دراسته وعُين حينها بداخل الأزهر الشريف، وتدرّج في المناصب حتى أصبح عالمًا جليلًا تولى مناصب هامة أبرزها وزير الأوقاف، وعُرض عليه مشيخة الأزهر ولكنّه رفض ليتفرغ لتفسير القرآن ودراسته.
غزل وشعر إمام الدعاة
في شبابه أُغرم الشعراوي بالشعر والغزل، فكتب العديد من القصائد ، أبرزها قصيدته في حفل تأبين شهداء مذبحة كوبرى عباس والتي دبرها الإحتلال الإنجليزي الغاشم، وراح ضحيتها الأبرياء من طلبة وشباب مصر والتي يقول فيها، ««نداء يا بني وطني نداء.. دم الشهداء يذكره الشبابُ.. وهل نسلو الضحايا والضحايا.. بهم قد عز في مصر المصابُ، شباب برَّ لم يفْرق، وأدى رسالته، وها هي ذي تُجابُ، فلم يجبن ولم يبخل وأرغى، وأزيد لا تزعزعه الحِرابُ، وقدم روحه للحق مهراً، ومن دمه المُراق بدا الخِضابُ، وآثر أن يموت شهيد مصر، لتحيا مصر مركزها مُهابُ».
ولم يكن الشعراوي يتغزّل فقط، بل اشتهر بخواطره التي كانت تُعبر عن الحياة دائمًا، تلك الخواطر التي تجول في عقول الكثير منّا وما زالت تُردد على ألسنتنا إلى الآن، فهو من قال « لا تسخر من ذي عيب فإن كان هذا العيب في خُلُقُه و دينه فقومه .. و إن كان هذا العيب في خلْقِه فتأدب مع من خَلَقَه».
الشعراوي وعلاقته بالإخوان
كانت هناك علاقة وطيدة جمعت بين الشعراوي وجماعة الإخوان المسلمين في بداية الثلاثينات من القرن العشرين، حيث كان يلتقي يوميا بحسن البنا مؤسس الحركة بمقر الجماعة في شارع (كعب الأحبار)، خلف مدرسة السنية بحي السيدة زينب، والذي لا يعرفه الكثيرين أنّ أول بيان صدر عن الجماعة كان قد كُتب بخط الشيخ محمد متولي الشعراوي، فظنّ الكثيرين أنّه سيُصبح فيما بعد أحد قادتها بسبب قربه الشديد من مؤسسها حسن البنا لكن لم تستمر العلاقة طويلا.
فالشيخ الإمام الذي تحمس لهذه الجماعة بدأت خلافاته معها مبكرًا، وبالتحديد عام 1938م، وكان السبب هو أنه ألقى قصيدة شعرية امتدح فيها سعد زغلول ومصطفى النحاس في الاحتفال الذي أقيم لإحياء ذكرى سعد زغلول، ففي إحدى حوارات الشيخ ذكر فيها سبب خلافه مع جماعة الإخوان المسلمين، بأنّه في عام 1937 خرج الوفد من الحكم، وهو كان وفديّا برغم انضمامه للجماعة، وفي عام 1938 حاول الحزب الاحتفال بذكرى سعد زغلول، لكن تم منعه، حينها قررّ الشيخ الذهاب إلى النادي السعدي والاحتفال هناك بالذكرى، حينها ألقى قصيدة امتدح فيها زغلول والنحاس باشا، تلك التي تسببت في خروجه من الجماعة بعدما عنّفه عدد من أعضائها واصفين النحاس بأنّه عدو لهم
.
وفاته
في السابع عشر من يونيو عام 1998، رحل الشيخ إمام الدعاة محمد متولي الشعراوي، بعدما أنهي مسيرته العلمية، وتفسيره للقرآن الكريم، رحل وما زالت ذكراه قائمة ترددّ على ألسنة الكثيرين.