موجة من الاحتاجاجات الشعبية، ألقت بظلالها في الآونة الأخيرة على الشارع الأردني، اعتراضًا على السياسات الاقتصادية، ومنها فرض ضرائب على الدخل التي فرضتها الحكومة الأردنية على المواطنين، الأمر الذي جعل العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني يقيل حكومة "الملقي" ويكلف عمر الرزاز بتشكيل الحكومة الجديدة ووضع خطة لتعديل الأوضاع الاقتصادية لحماية الشعب الأردني.
حول هذا الأمر، يتحدث الدكتور عبد الخالق الحتاتنة أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك لـ "بلدنا اليوم"، ساردًا إلينا أبعاد الأزمة عبر هذا الحوار..
ما سبب تدني الأوضاع الاقتصادية في الأردن؟
الحكومات السابقة في الأردن عندما بدأت الخصخصة وتم بيع المؤسسات حاول عدد كبير من أعضاء مجلس النواب الأردني وطرحوا القضية تحت قبة البرلمان لكن أجهضت هذه المحاولات من قبل المتهمين بالفساد.
لقد تم الضغط على أعضاء مجلس النواب الأردني بطريقة مخيبة وبالتالي كان التصويت لإلغاء هذه القضايا داخل مجلس النواب.
وهل تظن أنه سيتم فتح ملفات الفساد من قبل الحكومة الحالية؟
الحكومات الأردنية حتى هذه اللحظة تمنع منعا باتا ومطلقا فتح هذه الملفات ومحاسبة الفاسدين، و كثير من الفاسدين هم برعاية رسمية التي تكفل عدم المساس بهم وبالتالي هم مغطيين قانونيا ومن قبل أطراف النظام السياسي.
ماذا عن المتهمين بالفساد في الأردن وكيف تتعامل معهم الحكومة؟
تم تهريب عدد من هؤلاء المتهمين المشهورين بالفساد ومنهم خالد شاهين المشهور بالقضية الكبرى في مشكلة مصفاة النفط الأردنية وكذلك وليد الكردي زوج عمة الملك وكان رئيس مجلس إدارة الفوسفات وسرق ما يقارب 700 مليون وهرب إلى بريطانيا أو تم تهريبه وحاولت القوى الأردنية طرح قضيته ولكن كان يتم اجهاضها لافتا أن "الكردي" على الرغم أنه مطلوب لكنه يدخل ويخرج من وإلى الأردن دون مساءلة لأنه محمي.
ومعظم الفاسدين والمسؤولين عن عمليات الخصخصة محميين من قبل النظام السياسي وتم بيع هذه المؤسسات كذلك برعاية النظام السياسي.
فكيف يمكن أن يحاسب هؤلاء الفاسدين؟ خاصة أنه قد تم الضغط على جميع أعضاء مجلس النواب بطريقة الإرهاب وبطرق متعددة بما فيها دفع الأموال لبعض أعضاء المجلس للتصويت لإغلاق تلك القضايا لافتا أن المتورطين في قضايا الفساد على مستويات عليا جدا في الأردن.
كيف رأيت التظاهرات الأخيرة التي شهدتها الأردن؟
التظاهرات التي شهدتها الأردن أوضحت مدى وعي الشعب الأردني الذي حافظ على سلمية التظاهرات لتجنب الإشكاليات التي حدثت في بعض الدول العربية المجاورة ومنها مصر وسوريا والعراق وليبيا لافتا أنهم متفهمين أن عليهم أن يتحملوا الظروف الاقتصادية الراهنة السيئة على ألا يؤدي هذا إلى فلتان اجتماعي، والحكومة الأردنية كانت تعتقد أن الأردنيين ضعاف وأنهم لن يجابهوا الحكومة فحاولوا قدر الإمكان في الفترة الأخيرة أن يمرروا قانون ضريبة الدخل والضرائب الأخرى.
هل ترى أن المشكلة تكمن في مسألة فرض الضريبة على الدخل؟
المشكلة ليست في فرض ضريبة الدخل التي تأكل كافة مدخرات الأردنيين وتؤثر على كافة الشرائح الإجتماعية والطبقات المختلفة وخاصة الوسطى والفقيرة ولكن ارتفعت أيضا أسعار الفوائد على القروض، ومعظم الأردنيين يلجأون للقروض خاصة في مجال الإسكان فليس بإمكان أردني بناء منزل دون أن يلجأ إلى البنوك.
الدولة رفعت أسعار الفائدة بشكل كبير جدا يقارب 8.5% وبالتالي فإن من يدفعها هم الفقراء إلى خزينة الدولة، وتابع ياليت هذه الأموال تذهب إلى خزانة الدولة ولكن هذه المبالغ المالية تذهب بطرق فساد أخرى لن تعود بالفائدة على الشعب الأردني وبالتالي فالسياسيات المالية والاقتصادية المتعاقبة وخاصة الصادرة من صندوق النقد الدولي وأيضا بعض الصناديق الأخرى بالإضافة إلى أن الناتج القومي الأردني لا يغطي 90% من فوائد هذه القروض.
ولفت، أن الحكومة التي كانت تسبق "الملقي" ازدادت مديونية الأردن إلى 26 مليار مضيفا أن الأردن كان عليه ما يقارب 17 مليار أصبح المعلن الأن 40 مليار معتقدا أن هذا الرقم أكثر من ذلك بكثير.
هل المبادرة التي طرحتها السعودية لمساعدة الأردن تكفي لتحسين الأوضاع؟
إذا ما تم مساعدة الأردن فإن الأردنيين يشككوا في أن الأموال والدعم الذي سيأتي من دول الخليج سوف تنهب أيضا، لأن تجربة الأردنيين مع الحكومة والحكومات السابقة تجعلهم يثقون أن الأردن تعرض إلى نهب منظم، فإذا ما تم دعم الأردن من قبل دول الخليج فإن هذا الدعم ممكن أن يغطى لسنه أو سنتين لكن بعد ذلك ما الذي ينتظره الأردن في ظل غياب سياسات اعتمدت على الانتاج وعلى التصنيع؟ لافتا أن الأردن ستبقى تقترض من صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية وأن تبقى في تلقي المساعدات، وبالتالي فالأردنيين سيواجهون نفس المشكلات بعد سنه أو سنتين أو عدة سنوات لأنه ليس هناك حل ولا هنالك تغيير في النهج الاقتصادي والسياسات الاقتصادية وليس هناك محاربة للفساد والفاسدين واسترجاع المال العام الأردني، لذلك خرج الأردنيين تحت هذا الضغط بالإضافة إلى أن الحكومة الحالية شرعت قانون الجرائم الألكترونية الذي يحد من حرية الرأي والتعبير واللذان يعتبران أحد مؤشرات الديمقراطية والحرية والمشاركة السياسية، وكل ذلك لتكميم الناس عن الحديث وعن واقعهم المعاشي أو التفسير أو التحليل، لافتا أن الأردنيين يطالبوا كذلك بتغيير القوانين الخاصة بمجلس النواب لأنه كان فاشلا في المطلق لأن مخرجات قوانينه كانت قاسية على المجتمع الأردني وكان المجلس ظل للحكومة وكان يساهم كذلك في تمرير السياسات الحكومي دون الوقوف أو الاعتراض عليها بالتصورات التي يريدها الأردنيين.
هل لعب صندوق النقد الدولي دورًا فيما وصل له حال الاقتصاد الأردني؟
المشكلة ليست في صندوق النقد الدولي المشكلة في السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل النظام السياسي والنهج الاقتصادي التدميري الذي اتبع في الاردن ، وهو التخلي والابتعاد عن الاقتصاد الانتاجي والتحول بالمطلق التى الاقتصاد الخدماتي، بالاضافة الى مسألة جوهرية متمثلة في الفساد المالي والاقتصادي الذي خضع له الأردن.
وقمة الفساد كان في برنامج الخصخصة حيث تم بيع كل المؤسسات الأردنية في ظل ظروف وهمية وظروف فرضت على الأردنيين بطريقة قصرية في ظل غياب رقابي شعبي حيث بيعت المؤسسات والشركات الأردنية مثل الفوسفات والبوتاس والمينا والاتصالات وشركة البترول الوطنية بشبهات فساد واضحة وعالية من أركان النظام السياسي وكان هو القائم عليها وهو من باعها ولا يعلم الأردنيين أين ذهبت تلك المبالغ وبيعت بطرق التفافيه واضحة.
هل تتحمل حكومة "الملقي" مسؤولية تدهور الأوضاع الاقتصادية بالأردن؟
المشكلة ليست فقط في حكومة "الملقي" المشكلة انها بيعت في عهد حكومات سابقة ولا يزال الأردنيين يدفعون الثمن .. حكمومة الملقي حاولت الإجهاض على الشعب الاردني من قانون الضرائب الذي كان مدمر الى كافة فئات المجتمع الاردني والذي يساهم في إفقار الناس بشكل واسع فشعر الأردنيين، ان هذا القانون بالاضافة الى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني وارتفاع أسعار مشتقات النفط التي أدت الى ارتفاع الأسعار بطريقة لا تطابق والمتأثرة الكبير وبشكل واسع هم الطبقة الوسطى والطبقات المسحوقة.