خاص| الهند وباكستان على صفيح ساخن.. قوتان نوويتان على شفا المواجهة المباشرة

الاثنين 05 مايو 2025 | 01:36 مساءً
الأزمه بين الهند وباكستان
الأزمه بين الهند وباكستان
كتب : ولاء هيكل

تشهد منطقة جنوب آسيا تصاعدًا خطيرًا في الأحداث، مع وقوف قوتين نوويتين "الهند وباكستان" على حافة المواجهة التي من الممكن أن تُهدد أمن واستقرار المنطقة بأكملها، وتلك المواجهة تحمل في طياتها تهديدًا مباشرًا للسلم الإقليمي والدولي، في ظل تاريخ طويل من النزاعات، خصوصًا حول إقليم كشمير، فتتسارع المؤشرات الميدانية والتصريحات السياسية من كلا الجانبين نحو تصعيد خطير يُعيد إلى الأذهان مشاهد الصدامات السابقة التي كادت أن تجرّ العالم إلى كارثة نووية.

وبالرغم من مرور عقود على امتلاك الدولتين للسلاح النووي، فإن حالة انعدام الثقة العميقة، والتوترات التاريخية، والنزاعات السياسية، تجعل احتمالية الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة أكثر خطورة من ذي قبل، وبشكل خاص بعد إعلان الهند تعليق العمل بمعاهدة مياه نهر السند، فاستمرار الخلافات على مرّ التاريخ يجعل العالم يقف مترقبًا لأي شرارة قد تُشعل مواجهة غير محسوبة تجعل الجميع على شفا الهاوية.

مصادر التهديد للأمن القومي

عبد الهادي مجيد الشمريعبد الهادي مجيد الشمري أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد

فأوضح "عبد الهادي مجيد" أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بغداد، أن امتلاك الهند وباكستان للسلاح النووي يُعد من أبرز مصادر التهديد للأمن الإقليمي والدولي، نظراً لما يحمله هذا الواقع من احتمالات تصعيد خطير قد يتجاوز أطر النزاعات التقليدية، فمنذ إعلان البلدان قدراتهما النووية أواخر التسعينيات، أصبح ميزان القوى في جنوب آسيا يقوم على توازن هش، يعتمد أساساً على مفهوم الردع النووي، غير أن الاعتماد على هذا الردع يزيد الانجرار إلى مواجهات قد تتطور إلى استخدام فعلي للسلاح النووي.

وأكد "عبد الهادي" في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم" أن امتلاك الأسلحة النووية أدى إلى إدخال متغير استراتيجي معقد في العلاقات الهندية الباكستانية، حيث باتت كل أزمة سياسية أو عسكرية بين البلدين تحمل في طياتها مخاطر تصعيد يصعب السيطرة عليها، خاصة مع غياب آليات فعالة لإدارة الأزمات أو ضمانات واضحة لمنع الاستخدام المبكر للأسلحة النووية، فأسهم وجود قوتين نوويتين خارج إطار معاهدة عدم إنتشار الأسلحة النووية تُهدد الإستقرار علي المُستوى الإقليمي والدولي.

إحتواء الأزمة

وأضاف أن القوى الكبرى تجد نفسها مضطرة للتدخل لاحتواء الأزمة، ولكن هذه التدخلات غالبًا ما تكون طرفية وغير كافية لمعالجة النزاع، فالحل المستدام يتطلب مقاربة شاملة تركز على تسوية النزاعات السياسية القائمة، وتعزيز آليات الحوار، بالإضافة إلى إدماج البلدين في النظام العالمي للحد من التسلح وفق أسس عادلة ومتوازنة، فاستمرار الوضع الراهن يُشكل قنبلة موقوتة تهدد الجميع، فالمجتمع الدولي مُطالب باتخاذ خطوات استباقية لتعزيز الاستقرار في جنوب آسيا، وتفادي السيناريوهات الكارثية التي قد تنجم عن تصعيد نووي، لا يُحمد عقباه.

قنبلة في اليد

علاء السعيد خبير علاقات دولية ومُتخصص في الشأن الإيرانيعلاء السعيد خبير علاقات دولية ومُتخصص في الشأن الإيراني

وأكد "علاء السعيد" خبير العلاقات الدولية المُتخصص في الشأن الإيراني على أنهُ حين تقف دولتان نوويتان وجهاً لوجه على حافة النار، فإن الحسابات لا تعود عقلانية بالكامل، بل تغدو رهينة غرور الزعامة وخطايا التاريخ الهند وباكستان ليستا مجرد خصمين جغرافيين، بل عدوين يحمل كل منهما قنبلة في اليد ويكبت في القلب ثأرًا لم يهدأ منذ التقسيم..

وأشار "علاء السعيد" في تصريح خاص ل "بلدنا اليوم" إلى أن التهديد هنا لا يقتصر على حدود كشمير، بل يتمدد كحريق في هشيم الجغرافيا، يطول أفغانستان، ويتسلل إلى الخليج، ويربك الصين، ويستفز أمريكا، فمجرد احتمال استخدام الأسلحة النووية، ينسف معادلة الردع ويقود المنطقة إلى لحظة قيامة نووية، لا أحد يعرف كيف تبدأ ولا أين تنتهي الأزمة قنبلة موقوتة تتنفس تحت الأرض ببطء.

دور إيران الذي تلعبهُ في الأزمة

وأضاف أن إيران تقف في الظل وتراقب، ولكنها لا تكتفي بالمراقبة فلطالما أدمنت، لعب الأدوار الرمادية، فتغازل الهند بميناء "تشابهار" وتنسّق مع باكستان أمنيًا، ولكن الحقيقة هي أن غيران قلقة من هشاشة الحدود الشرقية، فكل رصاصة تنطلق هُناك تجد صداها في طهران، حيثُ الخوف من التفكك لا يقل عن الحلم بالهيمنة.

فأشار إلى أن المجتمع الدولي يُجيد القلق أكثر مما يُجيد الفعل، والبيانات تصدر، والخطوط الساخنة تشتعل، لكن الحقيقة أن الكبار في العالم لا يريدون إطفاء النار بالكامل، بل فقط ضبط لهبها، مُضيفا أن أمريكا تميل إلى الهند، لكنها تخشى فقدان باكستان كورقة إستخباراتية في ملف افغانستان.

هل خرج سباق التسلح من تحت الطاولة؟

كما أوضح أن في الواقع "الهند وباكستان" لا تتسلحان لمجرد الردع، بل لتسجيل نقاط هيبة في صراع طويل النفس، تلعب فيه التكنولوجيا والدعم الدولي وسباقات الفضاء أدوارًا أكثر مما تلعبه الجيوش، فكل صاروخ يُختبر في نيوديلهي تُقابلهُ اسلام أباد بإعلان تطوير رأس نووي جديد مُشيرا إلى أنها ليست أزمة طارئة، ولكنها مشهد من مشاهد "جنون الردع"، حيث تسير المنطقة كلها – لا الهند وباكستان فقط – على خيط رفيع بين الردع والخراب. 

اقرأ أيضا