تجددت المواجهات العسكرية بين إسرائيل وقطاع غزة مع استئناف الجيش الإسرائيلي غاراته المكثفة على القطاع المحاصر، في تصعيد خطير يُنذر بمزيد من التدهور الإنساني والسياسي.
وقد رحّب مسؤولون إسرائيليون بارزون بعودة العمليات العسكرية، مؤكدين أن الحرب لن تتوقف حتى تحقيق أهدافهم المعلنة، وعلى رأسها القضاء على حركة حماس واستعادة الرهائن.
وتأتي هذه التطورات في وقت أصدرت فيه القوات الإسرائيلية أوامر بإخلاء مناطق داخل غزة، فيما تشير التقارير الفلسطينية إلى سقوط مئات الضحايا نتيجة الضربات الجوية.
وبينما يؤكد المسؤولون الإسرائيليون أن المرحلة المقبلة من العمليات ستشهد تحولًا كبيرًا في الاستراتيجية العسكرية، تتصاعد المخاوف من تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، الذي يعاني من حصار خانق وأوضاع كارثية.
أيمن الرقب: خيارات حماس بين التصعيد والتهدئة
قال الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، في حديث خاص لصحيفة "بلدنا اليوم"، إن قدرة حركة حماس على الرد باتت محدودة بشكل كبير، خاصة بعد تلقيها ضربات قاسية خلال التصعيد الحالي على قطاع غزة.
وأوضح الرقب أن إمكانيات الرد الصاروخي لحماس تراجعت بشكل واضح مقارنة بالجولات السابقة من المواجهات.
وأشار إلى أن الوضع كان أكثر سهولة بالنسبة لحماس خلال المعارك المباشرة حينما توغلت قوات الاحتلال داخل قطاع غزة، لكن هذه المرة يبدو أن إسرائيل لا تخطط للدخول البري إلى القطاع، وبدلاً من ذلك ستواصل الاعتماد على القصف الجوي المكثف كما نشهد في الفترة الحالية.
الاستهدافات الإسرائيلية والتغير في أسلوب المواجهة
ولفت الرقب إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يركز على توجيه ضربات جوية دقيقة تستهدف قيادات ميدانية في حركة حماس، مشيرًا إلى أن مقتل محمود أبو وطفة، المسؤول الأمني البارز في الحركة، لم يكن نتيجة اشتباك مباشر، وهو ما يؤكد تغير نمط المواجهة الحالية مقارنةً بالجولات السابقة.
وأضاف أن محدودية رد حماس تعكس رغبتها في التوصل إلى اتفاق جديد بشكل أو بآخر، دون السماح بانهيار العملية التفاوضية كليًا.
وأكد أن الحركة تحاول الإبقاء على قنوات التفاوض مفتوحة رغم التصعيد العسكري، مع إدراكها لصعوبة تحقيق انفراجة في ظل المعطيات الحالية.
مقترح ويتكوف وعقبات التفاوض
وأشار الرقب إلى أن مقترح ستيف ويتكوف، الذي يتضمن إطلاق سراح الأسرى دون وقف الحرب، قد شكل إحباطًا كبيرًا لحركة حماس، لأنه لا يقدم أي ضمانات لوقف العمليات العسكرية.
وشدد على أن هذا الطرح يعكس تعنتًا إسرائيليًا يزيد من تعقيد مسار المفاوضات في هذه الظروف الصعبة.
وأكد الرقب أن حماس ستواصل تحركاتها عبر الوسطاء لمحاولة تحسين شروط الاتفاق، لكنها تواجه إصرارًا إسرائيليًا على التفاوض تحت النار، وهو ما يجعل التوصل إلى تسوية شاملة أمرًا بالغ الصعوبة في المرحلة الحالية.