شهدت مناطق الساحل السوري تطورات ميدانية متسارعة، حيث أعلنت وزارة الدفاع السورية عن تحقيق تقدم عسكري كبير، واستعادة السيطرة على المناطق التي شهدت هجمات ضد القوات الأمنية.
وأكدت الوزارة، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء السورية (سانا)، أن قواتها نفذت عمليات تطويق محكمة، مما أسهم في تضييق الخناق على المسلحين المتبقين.
وزارة الدفاع دخلت مدينة طرطوس
وفي سياق متصل، أفادت الوكالة بأن قوات وزارة الدفاع دخلت مدينة طرطوس دعمًا لقوات إدارة الأمن العام، في مواجهة ما وصفته بـ"فلول ميليشيات الأسد".
وتأتي هذه التطورات عقب اشتباكات عنيفة اندلعت يوم الخميس في محافظة اللاذقية بين قوات الأمن السوري ومجموعات مسلحة يُعتقد أنها موالية للرئيس المعزول بشار الأسد، وأسفرت عن سقوط نحو 70 قتيلًا، معظمهم من عناصر الأمن، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان.
واندلعت المواجهات إثر تعرض وحدات أمنية سورية لكمائن في عدة مناطق بالساحل السوري، كان أبرزها كمين قرب قرية بيت عانا في محافظة اللاذقية، ما أدى إلى تصعيد العمليات العسكرية في المنطقة.
المحلل السياسي نزار نزال: التدخلات الخارجية تعمّق الأزمة السورية
قال نزار نزال، المحلل السياسي والباحث في قضايا الصراع، في حديث خاص لصحيفة بلدنا اليوم، إن سقوط النظام السوري لم يكن مجرد نتيجة لتحركات داخلية، بل جاء بدعم واضح من قوى إقليمية ودولية، وعلى رأسها تركيا، الولايات المتحدة، وإسرائيل، إلى جانب تنظيمات مسلحة متعددة التوجهات، بعضها ليبرالي أو علماني، والبعض الآخر ذو مرجعية إسلامية متطرفة، بما في ذلك تنظيم داعش.
وأشار نزال إلى أن هذه الفصائل، التي لعبت دورًا محوريًا في إسقاط النظام، لم تكن مؤهلة لبناء دولة مستقرة، وهو ما أدى إلى نشوب خلافات وصراعات مسلحة داخلها، حيث إن سقوط النظام لا يعني بالضرورة نشوء كيان سياسي موحد قادر على إدارة البلاد.
وأوضح أن سوريا اليوم تحولت إلى ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات بين القوى الإقليمية والدولية، مشددًا على أن إسرائيل لا تريد دولة سورية قوية أو جيشًا نظاميًا مسلحًا، بل تسعى إلى إقامة كيان مقسّم إلى أقاليم متناحرة، منزوع السلاح، يعاني من الفوضى الدائمة.
وأكد نزال أن التطورات الأخيرة في سوريا لا تشير إلى انهيار النظام الجديد أو القوى الحاكمة الحالية، لكنها تنذر بفترة طويلة من عدم الاستقرار والصراعات الداخلية.
وأضاف أن تعدد الفاعلين على الساحة السورية، من إسرائيل وتركيا وأمريكا، إلى دول الخليج، جعل البلاد بيئة خصبة لتقاطع المصالح والتدخلات الخارجية، مما يزيد من تعقيد المشهد.
ولفت إلى أنه عند سقوط النظام السابق، شنت إسرائيل ضربات جوية مكثفة استهدفت المواقع العسكرية السورية، واستمرت الهجمات لمدة 70 ساعة متواصلة، بمشاركة نحو 300 طائرة حربية، مما يؤكد دورها الفاعل في المشهد السوري.
واختتم نزال حديثه بالتأكيد على أن سوريا مقبلة على المزيد من الاشتباكات والصدامات المسلحة بين الفصائل المتناحرة، مع احتمال تطور الأوضاع إلى سيناريوهات أكثر تعقيدًا ترتبط مباشرة بالمصالح الإقليمية والدولية في المنطقة.