تزداد التوترات بين أوكرانيا والولايات المتحدة، بعد مطالبة إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحصة ضخمة من الثروات المعدنية الأوكرانية، وعلى رأسها الليثيوم، الذي يعد عنصرًا أساسيًا في صناعة البطاريات المتقدمة، جاء هذا الطلب في إطار ما وصفه البيت الأبيض بـ"التعويض" عن المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن لكييف خلال الحرب ضد روسيا، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من المسؤولين والسكان الأوكرانيين، الذين وصفوا الأمر بأنه "ابتزاز اقتصادي"، وفقًا لتقرير نقلته صحيفة الجارديان البريطانية.
تعرض بلدنا اليوم، في التقرير الآتي بداية الأزمة الأمريكية الأوكرانية وتفاصيلها:
بداية الأزمة الأمريكية الأوكرانية
تقع رواسب الليثيوم الأوكراني في منطقة كيروفوهراد بوسط البلاد، وتعتبر من بين الأكبر في أوروبا، في عام 2017، حصلت شركة "أوكرليثيوم ماينينج" الأوكرانية على ترخيص لاستغلال هذه الموارد لمدة 20 عامًا، مقابل 5 ملايين دولار، إلا أن الوضع السياسي المتأزم جعل الاستثمار في هذا القطاع محفوفًا بالمخاطر.
في زيارة مفاجئة لكييف، طالب وزير الخزانة الأمريكي الجديد سكوت بيسنت بمنح الولايات المتحدة نصف ثروات أوكرانيا المعدنية، بما في ذلك النفط والغاز والبنية التحتية مثل الموانئ، كتعويض عن المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن والتي بلغت 69.2 مليار دولار، هذا الطلب أثار استياء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي رفض التوقيع على أي اتفاق دون ضمانات أمنية واضحة.
ردود الفعل الأوكرانية
وصف زيلينسكي المطالب الأمريكية بأنها "غير عادلة"، مؤكدًا أنه لا يمكن بيع موارد البلاد تحت أي ظرف، مشيرًا إلى أن دولًا أخرى، مثل الاتحاد الأوروبي وكندا والمملكة المتحدة، قد تكون مهتمة بالاستثمار في قطاع التعدين الأوكراني.
من جانبها، اعتبرت عضو الكونغرس الأمريكي براميلا جايابال أن ما يطالب به ترامب يعد "استعمارًا اقتصاديًا جديدًا"، فيما شبه بعض المحللين هذا الطلب بالاتفاقيات الاستعمارية التي فرضتها القوى الأوروبية في القرن الثامن عشر.
رأي الخبراء والسكان المحليين
بالإضافة إلى ذلك، يرى فولوديمير لاندا، الخبير الاقتصادي في مركز الاستراتيجية الاقتصادية في كييف، أن المطالب الأمريكية تعكس سياسة "إمبريالية اقتصادية"، مشيرًا إلى أن احتياطي المعادن الأوكراني يقدر بـ 14.8 تريليون دولار، بما في ذلك الليثيوم والتيتانيوم واليورانيوم، كما أكد أن العديد من المناجم لا تزال غير مستغلة بسبب عدم الاستقرار السياسي.
أما السكان المحليون، فيدعمون استغلال موارد بلادهم ولكنهم يرفضون منحها لأمريكا. تقول تاتيانا سليفينكو، وهي مديرة محلية، إن "الولايات المتحدة تريد أن تأخذ مواردنا بينما نحن في حالة حرب، هذا ظلم واضح".
المستقبل الغامض لقطاع التعدين الأوكراني
تبحث "أوكرليثيوم ماينينج" عن استثمارات أجنبية، بينما يظل مستقبل صناعة التعدين في أوكرانيا غير واضح، ويتطلب بناء منجم حديث وفق المعايير البيئية الأوروبية نحو 350 مليون دولار، ولن يبدأ أي مشروع قبل انتهاء الحرب مع روسيا.
يبقى السؤال الأهم: هل ستنجح أوكرانيا في استغلال مواردها لصالحها، أم أن القوى الكبرى ستفرض شروطها في لعبة المصالح الجيوسياسية؟

