رغم التزام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو النسبي باتفاق وقف إطلاق النار، وسحب قواته من محور نتساريم بقطاع غزة، وإرساله وفدًا إلى مفاوضات الدوحة لمناقشة المرحلة الثانية من الاتفاق، إلا أن هناك شكوكًا متزايدة داخل الأوساط الإسرائيلية حول نيته الحقيقية في تنفيذ الاتفاق.
مخطط لإفشال المفاوضات
ذكرت صحيفة هآرتس، نقلًا عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، أن نتنياهو لن يلتزم بتنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق دون القضاء على حركة "حماس"، مما يعكس استراتيجية تسويف ومماطلة تهدف إلى إفشال العملية التفاوضية.
وأكد ألوف بين، رئيس تحرير هآرتس، أن نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب يعملان معًا لإفشال الاتفاق، بينما أفادت صحيفة معاريف أن نتنياهو وافق على الاتفاق تحت ضغط أمريكي، لكنه في المقابل يضع العراقيل أمام قادة حماس، بهدف إجبارهم على ردود فعل يستخدمها كذريعة للتهرب من الالتزامات.
مخاوف من تعثر صفقة التبادل
في ظل هذه التطورات، أبدت عائلات المحتجزين الإسرائيليين لدى حماس مخاوفها من تصرفات نتنياهو، معتبرين أنها تهدد مستقبل الصفقة.
وقالت عيناف تسنغاوكر، والدة الجندي الأسير متان، إنها واثقة من أن نتنياهو لم يغيّر موقفه الرافض للصفقة، رغم الدعم السياسي الذي حصل عليه من ترامب.
وتتحدث في هذا الإطار الدكتورة رانيا فوزي خبيرة في الشؤون الاسرائيلية ومتخصصة في تحليل الخطاب الإعلامي لبلدنا اليوم
قالت الدكتورة رانيا فوزي إن بنيامين نتنياهو يواجه ضغوطًا مجتمعية كبيرة لإتمام صفقة تبادل الأسرى، وهو ما يدفعه إلى إطلاق تصريحات غير مسؤولة، مثل الدعوة إلى تهجير الفلسطينيين إلى المملكة العربية السعودية، في محاولة منه لصرف الأنظار عن الأوضاع المتوترة في الضفة الغربية.
وأوضحت أن هذه التصريحات أثارت غضب السعودية، التي سارعت إلى إصدار بيان شديد اللهجة رفضًا لأي مساس بسيادتها أو محاولة الزج بها في مثل هذه المخططات، كما أصدرت الخارجية المصرية بيانًا داعمًا لموقف المملكة، مؤكدة أن المساس بالسعودية يمثل خطًا أحمر لا يمكن تجاوزه.
توافق أمريكي إسرائيلي حول منع إقامة دولة فلسطينية
ولفتت الدكتورة رانيا فوزي إلى أن هناك توافقًا صهيو-أمريكيًا بين دونالد ترامب ونتنياهو بشأن رفض إقامة دولة فلسطينية، حيث يؤمن الفكر الصهيوني بأن وجود دولة فلسطينية يمثل خطرًا كبيرًا على إسرائيل، إذ ينظر إليها على أنها قد تتحول إلى دولة إرهابية تهدد أمنها. وقد ساهم هذا التوجه في انتشار فكرة رفض حل الدولتين بين الأوساط الإسرائيلية، لا سيما بين الفئات الأكثر تطرفًا.
الضغط العربي قد يدفع واشنطن للتخلي عن نتنياهو
وأكدت الدكتورة رانيا فوزي أن الضغط العربي المستمر على ترامب وإسرائيل، ورفضهم لمثل هذه التصريحات غير المسؤولة، قد يؤدي إلى أن تتخلى الولايات المتحدة عن دعم نتنياهو خلال الفترة المقبلة.
وأشارت إلى أن ترامب، كرجل أعمال وليس رجل سياسة، يتعامل مع الدول العربية، وخاصة السعودية، بمنطق الاستفادة المالية، حيث ينظر إلى المنطقة كفرصة لإبرام الصفقات أكثر من اهتمامه بحلول سياسية طويلة الأمد.
وأوضحت أن ما يسمى بـ "صفقة القرن" تعامل معها ترامب وكأنها صفقة تجارية وليست خطة سياسية، وهو ما يجعل موقفه متغيرًا وفقًا لمصالحه الشخصية والاقتصادية.