هل ينجح ترامب في إقناع إيران بالتخلي عن برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات؟

الاثنين 10 فبراير 2025 | 10:48 صباحاً
كتب : بسمة هاني

في خطوة تصعيدية، وقع ترامب مذكرة تتعلق بتشديد العقوبات على إيران، مما أدى إلى فرض وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شبكة دولية لشحن النفط الإيراني إلى الصين، تنفيذًا لقرار البيت الأبيض بشأن "تصفير صادرات النفط الإيراني".

المسار الدبلوماسي قائم

ومع ذلك، أكد ترامب أن المسار الدبلوماسي لا يزال مفتوحًا، مشيرًا إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق أوسع يتجاوز الملف النووي إلى القضايا الإقليمية.

وأعاد ترامب التأكيد على موقفه قائلاً: "إذا أبرمنا الاتفاق، فلن تقصفهم إسرائيل"، لكنه امتنع عن الكشف عن تفاصيل أي مفاوضات محتملة، مشيرًا إلى أن خطته في التعامل مع طهران ستظل سرية حتى يحين الوقت المناسب.

من جهة أخرى، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إيراني كبير أن طهران مستعدة لمنح البيت الأبيض فرصة دبلوماسية لحل الخلاف، شرط أن يكبح ترامب جماح إسرائيل. ويعكس هذا التصريح موقفًا متحفظًا من إيران، التي ترفض تقديم أي تنازلات قبل ضمان كبح التهديدات العسكرية الإسرائيلية.

يبدو أن إدارة ترامب تسير على خط رفيع بين التصعيد والتهدئة، مستخدمة العقوبات الاقتصادية كورقة ضغط، بينما تترك الباب مواربًا لاحتمال التوصل إلى صفقة كبرى، ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستقبل إيران بشروط ترامب، أم أن المواجهة بين الطرفين ستستمر في التصاعد؟

مذكرة ترامب: تعهدات بالتصعيد وشروط غير واقعية

ومن هذا المنطلق يتحدث أسامة حمدي، باحث في الشؤون الإيرانية وقضايا الشرق الأوسط، قائلا إن المذكرة التي وقعها ترامب قبل أيام تضمنت تعهدًا أمريكيًا بمنع إيران من امتلاك سلاح نووي من خلال سياسة "الضغوط القصوى"، والتي تعتمد على العقوبات الاقتصادية.

وشدد على أن المذكرة لم تقتصر على الملف النووي، بل تناولت أيضًا برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، إضافة إلى دعم طهران لحركات المقاومة في المنطقة، مثل حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين، وحزب الله اللبناني، والحوثيين في اليمن.

 وأكد أن ترامب ربط وقف الضغوط العسكرية الإسرائيلية على إيران بتخليها عن هذه الملفات، وفق ما ورد في المذكرة، مشيرا إلى أن هذا الخطاب يعكس استعلاءً أمريكيًا وغطرسة واضحة، إلى جانب انفصال عن الواقع الإيراني والإقليمي.

وأوضح أن سياسة ترامب ترتكز على رفع سقف المطالب لتحقيق أقصى قدر من المكاسب في أي مفاوضات محتملة، وهو نهج معروف في استراتيجيته التفاوضية، لافتا إلى أن مطالبة ترامب لإيران بالتخلي عن برنامجها للصواريخ الباليستية والمسيرات أمر غير واقعي، لأن طهران استثمرت مليارات الدولارات في تطويره على مدار سنوات، معتبرة إياه ذراعها الطويلة للردع وحماية أمنها القومي ضد إسرائيل.

وأوضح أن إيران سبق أن استخدمت هذا البرنامج لضرب العمق الإسرائيلي في عمليتي "الوعد الصادق"، كما أنه يمثل ضرورة استراتيجية لتعويض القصور الكبير في سلاحها الجوي، الذي لم يشهد تحديثًا كبيرًا منذ السبعينيات بسبب العقوبات الغربية.

وأكد أن الصواريخ الباليستية توفر لإيران استراتيجية ردع منخفضة التكاليف مقارنة بالأنظمة العسكرية الأخرى، مما يجعل التخلي عنها خيارًا غير مطروح.

إيران وأذرعها العسكرية

أما فيما يتعلق بدعم إيران لحركات المقاومة، فأشار "حمدي" إلى أن تخلي طهران عن هذا الملف أمر مستبعد، لأن القضية الفلسطينية جزء من أيديولوجية الجمهورية الإسلامية وأحد مبادئ الثورة الإيرانية منذ عام 1979، مما يمنح النظام شرعية داخلية ويحافظ على صورته في العالم الإسلامي.

وشدد على أن استنزاف المقاومة الفلسطينية لإسرائيل يصب في مصلحة إيران، لأنه يضعف تل أبيب ويبقيها منشغلة بعيدًا عن التهديد الإيراني المباشر.

وفيما يخص حزب الله اللبناني، أكد "حمدي" أنه يُعد حليفًا استراتيجيًا لإيران ومركز نفوذها الأهم في المنطقة العربية، مما يجعل دعمه بالمال والسلاح والتدريب أمرًا ضروريًا، موضحا أن وجود الحزب ضروري للحفاظ على مصالح الطائفة الشيعية في لبنان وضمان استمرار تمثيلها في الحكم، وهو ما لن تتخلى عنه طهران بسهولة.

أما الحوثيون في اليمن، فقد لفت إلى أنهم يمثلون ورقة استراتيجية بيد إيران، نظرًا لسيطرتهم على باب المندب والملاحة في البحر الأحمر، أحد أهم الممرات التجارية العالمية.

وأكد أن إيران تستطيع، من خلالهم، تهديد التجارة الدولية وشل حركة الملاحة إذا تعرضت لهجوم أمريكي أو إسرائيلي، مشيرا إلى أن استمرار دعم طهران للحوثيين يضمن لها نفوذًا مستدامًا في اليمن، ويحافظ على مصالح الطائفة الشيعية هناك.

وفي الختام، شدد "حمدي" على أن إيران لن تتخلى عن وكلائها في المنطقة، لأنهم يشكلون امتدادًا لنفوذها الجيوسياسي، ويمنحونها عمقًا إقليميًا وعسكريًا وأمنيًا.

كما أكد أن تصريح المرشد الأعلى لإيران، بأن التفاوض مع واشنطن ليس من الحكمة لأنه ثبت تنصلها من الاتفاقات، يبدو في محله، مستشهدًا بانسحاب ترامب من الاتفاق النووي في 2018.

وأوضح أن فكرة شن ضربة عسكرية على إيران لن تنجح، نظرًا لأن منشآتها النووية موزعة في مناطق جبلية وسرية، وعلى أعماق كبيرة تحت الأرض، مما يجعل استهدافها أمرًا شديد الصعوبة.

اقرأ أيضا