سد النهضة مقابل التهجير.. هل يضغط ترامب على مصر من بوابة القرن الإفريقي؟

السبت 08 فبراير 2025 | 07:52 مساءً
ترامب
ترامب
كتب : محمد عبدالحليم

شهدت الصومال مؤخرًا سلسلة من الضربات الجوية الأمريكية استهدفت معاقل داعش، ما أثار تساؤلات حول توقيت هذه العمليات وعلاقتها بالتواجد المصري المتنامي في منطقة القرن الإفريقي.

هذه الضربات، التي تأتي في توقيت حساس، تزامنت مع تأكيد البيت الأبيض أن اتصالًا هاتفيًا جرى بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والمصري عبد الفتاح السيسي، تناول قضية سد النهضة الإثيوبي.

هذا الأمر فتح باب التساؤل حول ما إذا كانت هذه التحركات جزءًا من استراتيجية أمريكية للضغط على مصر فيما يتعلق بملف التهجير الفلسطيني.

هذا التزامن دفع أيضًا إلى التساؤل: هل تسعى الولايات المتحدة إلى إشعال جبهة جديدة في مدخل البحر الأحمر لاستمرار الأزمة؟ وهل يمكن أن تكون هذه الضربات ورقة ضغط أمريكية على مصر لقبول تهجير الفلسطينيين إلى سيناء؟

رسالة لمصر؟

جاءت الضربات الجوية الأمريكية الأخيرة في الصومال ضمن استراتيجية واشنطن لمحاربة الإرهاب، لكن سياقها الجيوسياسي أثار جدلًا حول ما إذا كانت جزءًا من أدوات الضغط السياسي على القاهرة.

عززت مصر في السنوات الأخيرة وجودها في منطقة القرن الإفريقي عبر تعاونها العسكري مع دول مثل جيبوتي والصومال لتعزيز أمن البحر الأحمر ومكافحة الإرهاب والقرصنة، وهو ما قد يفسر تحركات واشنطن في المنطقة.

الدكتورة نجلاء مرعي، أستاذة العلوم السياسية وخبيرة الشؤون الإفريقية، ترى أن الضربات الأمريكية في الصومال جاءت لضرب معاقل داعش ولا علاقة لها بالتواجد العسكري المصري هناك.

وأوضحت مرعي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن مشاركة مصر في عمليات حفظ السلام جاءت في إطار الاتحاد الإفريقي ووفق الشرعية الدولية، كما أن التعاون العسكري بين القاهرة ومقديشو يهدف لدعم الجيش الصومالي في مواجهة حركة الشباب الإرهابية، وليس لاستهداف أي دولة.

وأضافت مرعي أن مصر وسعت اتفاقياتها الأمنية مع دول القرن الإفريقي، بما في ذلك كينيا وإريتريا وجيبوتي، لتعزيز الأمن الإقليمي وحماية مصالحها الاستراتيجية.

وأشارت إلى أن الضربات الأمريكية تتماشى مع سياسة ترامب في محاربة الإرهاب في إفريقيا لمنع توسع نفوذ الصين وروسيا، ولا تعكس بالضرورة استهدافًا مباشرًا لمصر.

أداة ضغط أمريكية؟

تزامن الضربات الأمريكية في الصومال مع تأكيد البيت الأبيض أن قضية سد النهضة كانت جزءًا من الاتصال بين السيسي وترامب، أثار التساؤلات حول مدى ارتباط هذا الملف بمحاولات واشنطن للضغط على مصر.

الدكتور رامي زهدي، رئيس وحدة الدراسات الإفريقية ونائب رئيس مركز العرب للأبحاث والدراسات، يرى أن الضربات الأمريكية ليست جديدة ولكن توقيتها مرتبط بتغيرات استراتيجية في المنطقة.

وأكد زهدي، في تصريح خاص لـ"بلدنا اليوم" أن البحر الأحمر يشهد تحولات استراتيجية سريعة، ومع تصاعد التوترات في اليمن والسودان، قد تسعى بعض القوى الدولية لإعادة تشكيل التوازنات الأمنية والضغط على مصر التي تلعب دورًا متزايدًا في تأمين الممرات البحرية.

ويرى زهدي أن إدراج سد النهضة في بيان البيت الأبيض ليس تفصيلًا عابرًا، بل يعكس استمرار أهمية الملف في حسابات واشنطن، وقد يكون استخدامه كورقة ضغط على مصر لإجبارها على تقديم تنازلات في قضايا أخرى، مثل القضية الفلسطينية، لكنه شدد على أن الموقف المصري ثابت في رفض أي محاولات لتهجير الفلسطينيين إلى سيناء أو ربط ملف سد النهضة بمفاوضات أخرى.

مصر ترفض المساومة

ترى نجلاء مرعي أن مصر لن تقبل بأي مقايضة بين سد النهضة وحل أزمة غزة، لأن كلا الملفين يتعلقان بالأمن القومي المصري.

أما زهدي، فيرى أن هناك محاولات دولية للضغط على مصر عبر استخدام الضربات العسكرية في الصومال وتحريك ملفات أخرى، لكنه يوضح أن الموقف المصري ثابت وحاسم في رفض أي مخططات تؤثر على الأمن القومي المصري أو الفلسطيني، خاصة وأن الموقف المصري يتفق مع المنطق والحكمة السياسية للإدارة المصرية، ويتفق مع الشرعية والقانون الدولي، ومدعوم بتأييد شعبي قوي مصري وعربي وفي عدد من الدول حول العالم، وكذلك مدعوم رسميًا من عدد غير قليل من دول العالم. 

اقرأ أيضا