حسب صحيفة الجارديان أثار اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بأن الولايات المتحدة يمكن أن "تسيطر" على قطاع غزة، مع إمكانية نقل الفلسطينيين للعيش في أماكن أخرى، موجة واسعة من الإدانات الدولية. ورغم الجدل، أصر ترامب على أن اقتراحه "محبوب من الجميع".
تراجع في المواقف الأمريكية وتصريحات متضاربة
فيما بدا أنه تراجع عن التصريحات الأولية، حاول كل من وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، والمتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، التخفيف من حدة التصريحات، حيث أوضحت ليفيت أن الرئيس كان يقصد "نقلًا مؤقتًا" وليس تهجيرًا دائمًا. من جانبه، وصف روبيو الفكرة بأنها "خطوة سخية" تهدف إلى إعادة إعمار غزة.
أما مبعوث ترامب للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، فأكد أن واشنطن لا تعتزم إرسال قوات أمريكية إلى غزة أو إنفاق أموال أمريكية عليها، وهو ما أكده السيناتور الجمهوري جوش هاولي. في المقابل، صرّح وزير الدفاع، بيت هيجسيث، بأن البنتاغون يدرس "جميع الخيارات" المتاحة بشأن غزة، وذلك قبيل اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو.
إدانات فلسطينية وتحذيرات دولية
رفض الرئيس الفلسطيني محمود عباس الاقتراح بشكل قاطع، مؤكدًا أن غزة "جزء لا يتجزأ من دولة فلسطين"، وأن أي محاولة لانتهاك حقوق الفلسطينيين لن تُقبل.
على المستوى الدولي، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أي محاولات "للتطهير العرقي"، مشددًا على ضرورة الالتزام بالقانون الدولي، وأن أي حل دائم يجب أن يشمل تقدمًا ملموسًا نحو حل الدولتين، مع الاعتراف بغزة كجزء أساسي من الدولة الفلسطينية المستقبلية.
أما الاتحاد الأوروبي، فقد أكد التزامه الكامل بحل الدولتين، بينما شددت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، على أن غزة "ملك للفلسطينيين"، وأن تهجيرهم سيكون "مخالفًا للقانون الدولي".
وفي ذات السياق، رفضت وزارة الخارجية السعودية أي محاولات لتهجير الفلسطينيين، فيما أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، دعم بلاده لمشروعات إعادة الإعمار داخل غزة دون المساس بحقوق سكانها.
منظمات حقوقية: المقترح يمثل "جريمة حرب"
وصفت الأمم المتحدة أي ترحيل قسري للفلسطينيين من غزة بأنه "محظور تمامًا" بموجب القانون الدولي، بينما اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن سياسة التهجير ستكون "جريمة أخلاقية".
من جانبها، أدانت منظمة العفو الدولية تصريحات ترامب، ووصفتها بأنها "مثيرة للغضب ومخزية"، محذرة من أنها قد ترقى إلى مستوى جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية.
تصعيد إسرائيلي ودعوات لتنفيذ التهجير
فيما تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في القطاع، أيد وزير الأمن القومي الإسرائيلي السابق، اليميني المتطرف إيتامار بن جفير، خطة ترامب، معتبرًا أن "تشجيع" الفلسطينيين على مغادرة غزة هو الحل الوحيد لإنهاء الحرب، داعيًا الحكومة الإسرائيلية إلى تنفيذ هذا السيناريو "على الفور".
وفي ظل استمرار القصف الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد القتلى في غزة تجاوز 47,552 شخصًا حتى يوم الأربعاء.
ردود فعل متباينة في أستراليا
أشاد زعيم المعارضة الأسترالي، بيتر داتون، بدونالد ترامب، واصفًا إياه بـ"المفكر الكبير"، معتبرًا أن تصريحاته حول غزة قد تكون "تكتيكًا تفاوضيًا" لحث دول الشرق الأوسط على المساهمة في إعادة إعمار القطاع.
في المقابل، تجنب رئيس الوزراء الأسترالي، أنتوني ألبانيز، التعليق المباشر على تصريحات ترامب، مشيرًا إلى أن بعض القضايا تتطلب "التحفظ وعدم الإدلاء بأي تصريح".
بهذا، تتضح الصورة؛ رغم الضغوط الدولية، يرفض الفلسطينيون مغادرة أرضهم، فيما تستمر الإدانات العالمية لمقترح ترامب، وسط تحذيرات من عواقب كارثية لأي محاولة لفرضه على أرض الواقع.