تعاني المناطق الشعبية والريفية في مصر, من ارتفاع حاد في أسعار إيجارات الشقق، مما يشكل صداعًا في رأس المواطن، وفي هذا السياق يناقش الدكتور حمدي عرفه، أستاذ الإدارة الحكومية والمحلية، تجارب الدول المتقدمة وبعض الدول النامية التي نجحت في إدارة ملف الإسكان الاجتماعي وعلاقته بإيجارات الشقق.
في البداية أشار عرفه إلى أن إيجارات الشقق السكنية تمثل 80% من راتب الموظف الحكومي، وتزيد عن 90% من راتب غالبية العاملين في القطاع الخاص، حيث يتراوح متوسط الرواتب للعاملين بين 4000 و6000 جنيه (ما يعادل حوالي 100 دولار أمريكي).
وفيما يتعلق بأسعار الإيجارات، أوضح عرفه أن سعر إيجار شقة بمساحة 85 مترًا في المناطق الشعبية يصل إلى 5000 جنيه، بينما يصل في مدينة نصر إلى 12000 جنيه، مع زيادة الأسعار لتصل إلى الضعف حسب المساحة.
وأكد عرفه أن أسعار إيجارات المحلات التجارية قد ارتفعت إلى أربعة أضعاف السعر المتداول. ووفقًا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، هناك 3.106 مليون وحدة مؤجرة طبقًا لقانون الإيجار الجديد,وأدى هذا الارتفاع إلى طرد العديد من المصريين من قبل أصحاب الشقق بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار، مع تهديد الأسر الأخرى بالحرمان من منازلهم.
وشدد عرفه على أن تصريحات المسؤولين بشأن إيجارات الشقق تحتاج إلى مراجعة، نظرًا لمعاناة ملايين المواطنين في هذا الملف.
واعتبر عدم تحديد أسعار إيجارات الشقق والمحلات أمرًا يمس الأمن الاجتماعي المصري، مما يؤدي إلى ظهور سوق سوداء للإيجارات، خصوصًا في المناطق الشعبية والعشوائية، حيث لا يستطيع المواطنون محدودو الدخل تحمل الإيجارات التي تتجاوز 300%.
وأضاف عرفه أن ملف إيجارات الشقق والمحلات يتطلب إدارة شاملة تشمل التخطيط والتنظيم والرقابة والتوجيه. وانتقد عدم تدخل الدولة في تحديد أسعار إيجارات الشقق، مما تسبب في معاناة المصريين، مشيرًا إلى أن ارتفاع إيجارات الشقق السكنية وصل إلى 300% بسبب عدم إدارة الملف بفاعلية من قبل الوزراء والمحافظين، مما يتطلب استراتيجيات جديدة.
واستشهد عرفه بتدخل الدولة السابق في تحديد أسعار عدد من السلع الأساسية مثل السكر والأرز، حيث قامت الحكومة أيضًا بمنع تصديرها لفترات معينة، مؤكدًا أن إيجارات الشقق تمس حياة المواطنين بشكل مباشر.
وأوضح عرفه أن أسعار إيجارات الشقق ليست سلعة ترفيهية تترك لقوانين العرض والطلب، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية التي يواجهها المواطنون. وطالب الحكومة بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى الناجحة في إدارة هذا الملف.
في ختام حديثه، أكد عرفه على أهمية تدخل الدولة في تحديد أسعار السلع والخدمات، سواء الحكومية أو الخاصة، لحماية الاستقرار الاجتماعي وحماية المواطن. وأشار إلى ضرورة توفير الدولة مسكنًا دائمًا لكل مواطن، حيث بلغت أسعار الوحدات السكنية في بعض المناطق الشعبية إلى مليون جنيه، مما يضع ضغوطًا إضافية على المواطنين.
كما تطرق عرفه إلى أن التحكم في أسعار الإيجارات في الستينيات أدى إلى العديد من الأضرار والسلبيات نتيجة عدم قدرة الدولة على البناء وإدارة ملف الإسكان بشكل فعال.