علي بعد أمتار وقف "ماهر" صاحب العشر سنوات رفقة والدته في انتظار خروج والده الذي جاء من محافظة بني سويف لتركيب جهاز منظم ضربات القلب بمعهد القلب بإمبابة، وطوال أسبوع هي مده دخول وخروج والد "ماهر" لم يجد الصبي ووالدته مكان للذهاب إليه سوي افتراش الرصيف المقابل لمعهد القلب ينامون عليه ليلاً ونهارًا، يرافقهم عشرات الحالات المماثلة منهم أصحاب الحظ السعيد يأتون ويرحلون عن المعهد رفقة ذويهم المرضى في يومين أو ثلاثة علي أقصي تقدير ومنهم من يعانده الحظ بعد وضع الحالة التابعة لهم علي قائمة انتظار قد تطول أسبوع أو اثنين وربما شهر.
رصيف للإيجار
بين تجاهل وإهمال يبات يوميًا علي أرصفة معهد القلب بامبابة عشرات الرجال والنساء في انتظار ذويهم للخروج من المعهد والعودة بهم إلي المنزل، وفي تفاصيل الأزمة التي يعيشها الأهالي يوميًا وجد بعض البلطجية فرصتهم التي يبحثون عنها لتحقيق ربح علي حساب أوجاع الأهالي فجاءت الفكرة بتأجير الأرصفة بحسب نص شهادة أحد المواطنين الذي جاء رفقة والدته من محافظة المنيا والذي أكد أن بعض الأشخاص حول المعهد يقومون بتأجير الأرصفة للأهالي مقابل 10 جنيهات للمبيت في الليلة الواحدة ويتم فرضها بالقوة احيانًا وباللين في أحيان أخري وفي بعض الحالات يتم فرض بعض المشاريب والطعام علي نزلاء الأرصفة مقابل السماح لهم بالمبيت دون التعرض لهم بالقول والفعل أثناء الليل.
عالم جديد أمام معهد القلب يبدأ بعد منتصف الليل
"سعد حمدي" شاب عشريني جاء رفقة والدته لمعهد القلب بامبابة لإجراء جراحة بالقلب، ولم تكن الظروف المادية تسمح لهم باستئجار وحدة سكنية أثناء إقامتهم بالقاهرة مما دفعه ووالدته للنوم علي الرصيف وتم إعداد كل ما هو مطلوب من أغطية وخلافة للمبيت وفي اليوم الأول لهم بحسب شهادة "سعد" اكتشفوا عالم جديد أمام معهد القلب يبدأ بعد الساعة الثانية عشر ليلاً حيث يظهر مجموعة من الصبية تقوم بمضايقة الأهالي التي تنام علي الرصيف بتحريض من أقاربهم الذين يمتلكون "نصبة شاي" وفي الغالب حتى تستريح من هؤلاء الصبية تلجأ إلى والدته أو والده لشراء الشاي أو بعض الأكل حتى يتركوك دون مضايقة وهذا أفضل سيناريوا تتعرض له، أما السيناريو الآخر وهو الأشد قسوة حينما تتعرض لأحد البلطجية الذين يفرضون عليك إتاوة بالقوة للسماح لك بالنوم علي الرصيف بدعوى أن تلك المنطقة مملوكه لهم ويتم تأجيرها جراج للسيارات وأنت تنام مكان السيارات وعليه تدفع إكرامية 10 جنيه للفرد ليرحلوا عنك.
وأضاف، غالبية الأهالي لا يقدرون علي الدخول في مشاكل مع هؤلاء الأشخاص خاصة وأن أقارب المريض يقفوا طوال اليوم أمام بوابات المعهد علي أمل الدخول لذويهم والاطمئنان عليهم، ناهيك عن شرب المخدرات في الشارع وحالة من عدم الأمان لك اثناء النوم علي الرصيف حتى أنك قد تتعرض للسرقة.
غياب الرقابة وضياع أمان الأهالي
يلتقط "محمد فوزي" طرف الحديث، قائلاً: قبل سبعة أعوام كنت أحد المقيمين علي أرصفة معهد القلب برفقة عمي رحمة الله عليه والذى حضر لإجراء جراحة بالقلب وكانت أعمال البلطجة تمارس علينا جهارًا نهارًا ويتم تحصيل إتاوات من الأهالي بحجة ركن السيارات تارة والمبيت علي الرصيف تارة أخري لدرجة أن بعض الأشخاص أقام خيمة ووضع عليها لافته "للإيجار"، وبعد سنوات عدت برفقة أمي لأجد أن الحال علي ما هو عليه مع اختلاف غياب الخيمة ولكن استمرار نفس الوجوه التي تسيطر علي الأرصفة مع عدم وجود رقابة أو حماية للأهالي من هؤلاء الأشخاص الذين يقومون بمضايقة أهالي المرضي.