ماذا تريد "نيتفليكس" من الحضارة المصرية والعربية وموروثاتها وعاداتها وتقاليدها الشرقية، التي ترسخت في عقول أبناءها طوال الـ 7000 سنة؟ هل المصلحة تفرض ذلك، فيستفزون مشاعر المصريين للدفاع عن ثوابتهم ويحتلون قوائم "التريند" والأكثر مشاهدة؟ هل هذا هو النجاح الذي يريدونه فقط بمعنى "فقط" أم هناك أسباب أخرى أخطر وراء ذلك.
مقدمة تكاد تكون قوية ومعانيها مخيفة بعض الشئ، ولكن الأزمة تحكم، فمنذ أمس، ومواقع التواصل الاجتماعي المختلفة لم تهدأ، منذ أن أعلنت المنصة الأمريكية، طرحها خلال الأيام المقبلة فيلم وثائقي جديد، تحت مسمى "QUEEN CLEOPATRA – الملكة كليوباترا" في تاريخ 10 مايو من الشهر المقبل.
أزمة فيلم الملكة كليوباترا - نتفليكس
اشتعال الأزمة
فور الإعلان عن الفيلم، وإطلاق البوستر والبرومو، خرج بعض المتخصصون في الآثار وعبروا عن غضبهم؛ بسبب ظهور الملكة كليوباترا بوجه "أسود"، بجانب سيطرة الملامح الأفريقية على وجهها وابتعادها عن الملامح المصرية، مما جعلهم يعتبرون الأمر يمثل تبني "نيتفليكس" العمل؛ دعمًا لرواية "حركة الأفروسنتريك" المتعصبة للعرق الأسود، وتناولها فكرة: أن الحضارة المصرية أصلها "زنجي إفريقي"، إذ صورت الرواية الملكة كليوباترا، بشفاه غليظة، وأنف شديدة العرض، وهو ما أثار استياء رواد التواصل الاجتماعي أيضًا، واعتبروه محاولات لسرقة وطمس تاريخ وحضارة مصر، ونسبها لحضارات أخرى.
أزمة فيلم الملكة كليوباترا - نتفليكس
فمن جانبه كتب مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الآثار، عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" منشورًا قال فيه: "لابد أن يقف كل المصريين ضد هذا الأمر، وضد هذ المنصة الغير مسئولة".
بينما كتبت إحدى المتابعات على موقع التدوينات القصيرة "تويتر" تغريدة، نوهت فيها على أن "نيتفليكس" تحمل أجندة ما لهدم القيم المصرية، كاتبة: "ما يقال إن نتفليكس لديها أجندة ما أصبح مؤكدا.. فمؤخرًا طرحة المنصة البوستر الرسمي؛ لأحدث أفلامها الوثاقية عن حياة الملكة كليوباترا، والفيلم من إنتاج جادا بينكيت سميث، وتظهر فيه الملكة أفريقية الملامح، سمراء البشرة".
أزمة فيلم الملكة كليوباترا - نتفليكس
وكتبت أخرى: "نتفليكس بتحاول بطريقة غير مباشرة لعب على التاريخ وتزوره وتقول إن كليوباترا الملكة المصرية كانت أفريقية البشرة علشان تساعد حركة الأفارقة الأمريكان اللي عايزين يقولوا إن الحضارة المصرية القديمة حضارة أفريقية من بشرة سمرا".
أزمة فيلم الملكة كليوباترا - نتفليكس
ليست هذه البداية!
فيلم "الملكة كليوباترا" لم يكن الأزمة الأولى مع "نتفليكس" في مصر، فمنذ عام فقط، خرجت علينا المنصة الأمريكية وطرحت فيلم "أصحاب ولا أعز" كأول فيلم عربي من إنتاجها، وتفاجئ الجميع وقتها أن صناع العمل يحاولون اللعب في الثوابت، من عادات وتقاليد وقيم عربية، لتتصاعد مطالبات بمنعه وحظر عرضه، وكان لم يتوقف الأمر عند ذلك، فخرج وقتها أيمن محفوظ، المحامي المصري، وقدم عوى قضائية طالب فيها، عدم عرض الفيلم بشكل جماهيري؛ لترسيخه أفكار تهدم القيم الأسرية.
أزمة فيلم الملكة كليوباترا - نتفليكس
المختصون يطالبون
ومن جانب آخر خرج الكثير من المتخصصين والأثريين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، محاولة إيقاف عرض فيلم "الملكة كليوباترا"، والتصدي للمنصة؛ بسبب تشويههم المتعمد للحضارة المصرية، وتخريب ثقافتهم وموراثاتهم، فهل ستكون هذه "القشة" التي يخرج بشأنها إجراء قوي ضد "نيتفليكس" أو يحد من جداولها الممنهجة؟