عاشت سوريا لأكثر من عقد في عزلة كاملة، فقد جمدت عضويتها في جامعة الدول العربية، وفيما قطعت العديد من الدول علاقاتها بالدولة السورية، كما فرضت القوى الغربية العقوبات على نظام الأسد.
وبين هذا وذاك لم يكن هناك ضحية سوا الشعب السوري الذي دفع الثمن، الذي عاش السنوات الأخيرة أما لاجئ في أحد المخيمات على حدود الدول، أو في دياره تحت القصف من قوى عالمية مختلفة.
لكن المتغيرات العالمية لم تترك شئ ساكن، فـ استطاعت بكين اقتناص انتصار دبلوماسي مهم من خلال وساطتها لعقد اتفاق بين السعودية وإيران، ولا شك أن هذا الأمر إنعكاس على الملف السوري، من خلال إعلان مصادر مطلعة على اتفاق سعودي سوري على معاودة فتح سفارتيهما وفقاً لما أفادته وكالة رويترز للأنباء، بجانب زيارة الرئيس السوري بشار الأسد للإمارات، وإستقباله بشكل لافت من قبل السلطات الإماراتية.
فيما خلقت كارثة الزلزال الذي ضرب سوريا فبراير الماضي، تعاطف كبير خصوصاً من الشعوب العربية تجاه الشعب السوري.
«القويسنى»المتغيرات الإقليمية والعالمية تؤكد صعوبة بقاء هذا الوضع
ومن جانبه، فقد أوضح السفير أحمد القويسني مساعد وزير الخارجية الأسبق خلال تصريحات خاصة لـ بلدنا اليوم، أن الكارثة الإنسانية حركت الساكن في قضية سوريا، حيث نتج عنها موجة تعاطف عربي كبيرة للدفع لحل الأزمة السورية.
ولفت القويسني خلال تصريحاته إلى أن خلال الفترة الأخيرة، تعالت الدعوات العربية لضرورة عودة سوريا للصف العربي، مؤكداً على أن الأمر لم يبدأ بالتزامن مع حادث الزلزال المدمر فقط، بل يعود إلى القمة العربية الأخيرة التي عقدت في الجزائر، وتضمنت دعوات جادة لضرورة عودة سوريا لمقعدها بالجامعة العربية.
وأفاد مساعد وزير الخارجية الأسبق للشئون العربية، أن المتغيرات سواء على المستوى الإقليمي أو العالمي، تؤكد أنه
من الصعب ترك سوريا في حالة المقاطعة العربية، كما بات من الواضح أنه لا فائدة من تجميد العلاقات العربية مع دمشق.
حيث أكد السفير أحمد القويسني أن تجميد العلاقات العربية مع النظام السوري، ودعم بعض القوى الإقليمية للمعارضة المسلحة وبعض التنظيمات الإرهابية من أجل إسقاط نظام الأسد، تعد سبب رئيسي في الوضع الحالي في سوريا، حيث أصبحت هدف سهل للضربات الأمريكية بجانب تواجد قواتها في بعض الأراضي السورية، وعلى أثر ذلك ارتمي النظام السوري في أحضان إيران.
استهداف سوريا بغرض إزاحتها عن طريق دولة الاحتلال
وأشار القويسني خلال تصريحاته إلى أن ما حدث في سوريا بـ عام 2011، كان في حقيقة الأمر مؤامرة دولية، تستهدف إزاحة الدولة السورية عن طريق دولة الإحتلال الإسرائيلي و تخليصها من هذا العبء، حيث كانت سوريا قبل هذا التاريخ دولة مناوئة لسياسات إسرائيل في المنطقة.
وأضاف مساعد وزير الخارجية الأسبق خلال تصريحاته، أن هناك بعض الدول التي كانت توفر التحويلات البنكية للتنظيمات الإرهابية التي تنفذ عملياتها في سوريا، وهو ما يؤكد أن استهداف الدولة السورية كانت بناء على مؤامرة دولية.
فيما تطرق أيضا السفير أحمد القويسني خلال تصريحاته، إلى أن هناك مسئولية تقع على النظام السوري، حيث أنه أساء التصرف في بعض المواقف، حيث ساهم بشكل أو بآخر في تحول الإحتجاجات التي جرت في 2011 إلى حرب أهلية.
حتمية عودة دمشق لوضعها الطبيعي على الخريطة العالمية
هذا وقد أكد مساعد وزير الخارجية الأسبق خلال تصريحاته، على أن ما يشهده العالم من ميلاد نظام عالمي جديد، وهو ما ظهرت آثاره في وساطة بكين لعقد اتفاق سعودي إيراني، يحتم ضرورة عودة سوريا لوضعها الطبيعي في الصف العربي و على الخريطة العالمية.
واختتم القويسني تصريحاته، بقوله أن التحرك المصري فيما يخص الملف السوري يعد حيوي ورئيسي، وذلك لثقل مصر على المستوى الإقليمي، مشيراً إلى أن مصر تتفق مع الأشقاء على ضرورة عودة سوريا إلى الحضن العربي في أقرب وقت.