أعلنت دار الإفتاء المصرية عن وجود شرطان لقبول العبادة حتى لا تكون منقوصة، حيث اهتم السلف الصالح ببيان الأمور التي بموجبها يتقبل المولى تبارك وتعالى من عبادة طاعتهم.
حتى لا تكون عبادتك منقوصة
العبادة هي التذلل والخضوع والانقياد حسبما تعرفها اللغة العربية، وفي الاصطلاح فهي كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأعمال سواء أكانت ظاهرة أم باطنة، وهي متنوعة ما بين الفروض والنوافل وغيرها، ويشترط لقبولها أمور عدة منها:" الإسلام، الإخلاص، والاتباع".
ولفتت الإفتاء في جوابها سائل يقول: حينما أقوم بفعل عبادة من العبادات أكون مهمومًا بقبولها؛ فما رأي فضيلتكم في هذا الأمر؟ وماذا أفعل لكي تقع موقع القبول عند الله؟، إن السلف الصالح اهتم بقبول العبادة أشدّ من اهتمامهم بأدائها؛ إذ لا يدري أقبلت منه أم لا؟ فيستولي هَمُّ القَبول على مجامع القلوب؛ مصداقًا لقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾ [المؤمنون: 60]؛ فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قلتُ: يا رسول الله، قولُ الله: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ﴾، أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو مع ذلك يخاف الله؟ قال: «لَا يا ابْنَة أبي بَكْرٍ -أو: يَا ابْنَةَ الصّدِيقِ-، وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَيخافُ أنْ لا يُقْبَل مِنْهُ» رواه الإمام أحمد في "المسند"، والترمذي وابن ماجه في "سننهما"، والحاكم في "المستدرك" وصححه، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجه: "كونوا لقَبول العمل أشدَّ همًّا منكم بالعمل؛ ألم تسمعوا الله يقول: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27]" أخرجه ابن أبي الدنيا في "الإخلاص والنية".
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول في آخر ليلة من رمضان: "مَن هذا المقبولُ منا فنهنيه؟ ومن هذا المحرومُ المردودُ فنعزيه؟ أيها المقبول هنيئًا هنيئًا! أيها المحرومُ المردودُ جبر الله مصيبتَك!" أخرجه الإمام محمد بن نصر المروزي في "قيام الليل"، وابن الشجري وأبو الفتح المقدسي في "أماليهما".
وقال عبد العزيزِ بنُ أبي روَّاد: "أدركتُهم يجتهدونَ في العملِ الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهمّ؛ أيقبلُ منهُم أم لا؟" أخرجه ابن أبي الدنيا في "محاسبة النفس".
وشدد: هذا الهمُّ القلبي يُطلِقُ اللسانَ بطلب قبول العبادة؛ فإنَّ اللسَانَ ترجمان الجَنَان؛ كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فَإِنَّمَا يُعَبِّرُ عَنِ الْقَلْبِ اللِّسَانُ» أخرجه عبد الرزاق في "المصنف"، والطبراني في "مسند الشاميين"، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخ دمشق"، من حديث قبيصة بن ذُؤَيْبٍ رضي الله عنه؛ فإذا شَعُر الإنسان بهَمِّ قبول العبادة فيُعَبِر عن هذا الـهَمِّ بطلب القبول من الله تعالى؛ فالله لا يردّ من دعاه.
مفهوم العبادة
فيما يقول إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي وزير الأوقاف الأسبق في بيان مفهوم العبادة، إن أرسل الرسل والأنبياء ليصححوا العقيدة في قمتها وأن يجعلوا الناس يؤمنون بإله واحد، وهذا هو معنى العبادة، لكن السطحيون أرادوا جعل الإسلام مجرد طقوس معزولة عن الحياة، ونقول لهن الإسلام حين دخل في حركة الحياة غزا الدنيا كلها، وجعل البدو الأميين يطيحون بالنظم والحضارات التي عرفها العالم القديم ليبنوا حضارتهم.
وشدد على أن العبادة معناها أن يطيع العابد أوامر المعبود، والتي تتمثل في افعل ولا تفعل، وما لم يرد في افعل ولا تفعل فهو مباح، ونقول لهم أيضاً أن العبادة هي كل أمر صادر عن الله فلا تعزلوا الإسلام عن الحياة وهو من جاء لها، أما الطقوس هي أركان بني عليها الإسلام.
لافتاً إلى أن العبادة هي كل حركة في الحياة، فالحق سبحانه وتعالى يقول "إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع" فأخرجهم إلى صلاة جامعة ومن بعدها أمرهم بالعودة إلى البيع، باعتباره قمة الحركة للحياة سواء كانت زراعة أو تجارة أو صناعة .