تعيش العلاقات المصرية السعودية في أزهى عصورها تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ بداية تكوين العلاقات الثنائية بين البلدين، وتتويجا لهذه العلاقات التاريخية والهامة يزور ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مصر ضمن جولة إقليمية تشمل الأردن وتركيا وتستمر 3 أيام.
ويبحث ولي العهد السعودي خلال الجولة مع قادة الدول الثلاث عدداً من القضايا الإقليمية والدولية، وسُبل تعزيز العلاقات في شتى المجالات.
ويلتقى الأمير محمد بن سلمان الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث من المقرر أن يبحثا أطر التعاون المشتركة بين البلدين في مختلف المجالات وعدد من الملفات والقضايا الداخلية والإقليمية والدولية وخاصة الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها على منطقة الشرق الأوسط.
ومن أهم الملفات التي ستكون على طاولة الحوار بين الزعيمين الملف الاقتصادي، حيث تسود علاقات اقتصادية قوية بين المملكة السعودية ومصر منذ زمن بعيد خاصة في أوقات الأزمات والمحن لكلا البلدين.
تتحدث الأرقام عن قوة المصالح المشتركة التي تجمع البلدين الشقيقين، فالزيارة التاريخية التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر في العام 2016، تمخض عنها تطوير آليات التعاون وتأطيرها في اتفاقيات جديدة بين البلدين؛ ليرتفع عدد الاتفاقيات المبرمة لأكثر من 60 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول، شملت جميع أوجه التعاون المشترك بين البلدين في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والاستثمارية، فضلًا عن تعزيز التنسيق والتشاور بين البلدين في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وخدمة الأمن والسلم الدوليين.
كما أسفرت الزيارة عن قيام مجلس التنسيق السعودي المصري الذي أسسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي؛ بإبرام 17 اتفاقية، شكلت خارطة طريق للتعاون الاقتصادي بين البلدين، في مجالات الإسكان والبترول والتعليم والزراعة والصحة، شملت اتفاقية لتطوير مستشفى "قصر العيني" بقيمة 120 مليون دولار، واتفاقية أخرى لتمويل إنشاء محطة كهرباء "غرب القاهرة" بقيمة 100 مليون دولار، إلى جانب توقيع 10 اتفاقيات تفاهم لتمويل مشروعات جديدة ضمن برنامج الملك سلمان لتنمية شبه جزيرة سيناء، من بينها تأسيس
جامعة الملك سلمان الدولية، التي بدأت بالفعل في استقبال الدارسين للعام الدراسي 2021/2020، وإنشاء 13 تجمعًا زراعيًا في شبه جزيرة سيناء بقيمة 106 ملايين دولار، وغيرهما من المشروعات التنموية وبالمثل، فقد شهدت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لمصر في مارس من العام 2018، التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون المشترك لتشجيع الاستثمار بين الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة في جمهورية مصر العربية، والهيئة العامة للاستثمار في المملكة العربية السعودية؛ بهدف تبادل فرص الأعمال والاستثمار، وتسهيل التعاون في هذا المجال الحيوي، وتبادل القوانين والتشريعات واللوائح وكل التطورات المتعلقة بمناخ الاستثمار في كلا البلدين.
وعلى مدى سنوات طويلة، استمرت اللجنة السعودية المصرية المشتركة - التي يترأسها وزيرا التجارة في كلا البلدين - في العمل الدؤوب لتعزيز الروابط الاقتصادية بين البلدين على المستوى الحكومي، وتمكنت من إحداث طفرة كبيرة في ملفات التجارة البينية، والتعاون الصناعي، وما يرتبط به من تنسيق في ملف المواصفات والمقاييس، وكذا الجانب المالي والمصرفي، والتعاون الجمركي، فضلاً عن مجالات النقل والأمن، والبترول والتعدين والطاقة، بالإضافة للتعاون في مجالات النقل الجوي والموارد المائية والكهرباء والاتصالات.
وفي مسار موازٍ، اضطلع مجلس الأعمال السعودي المصري بالتنسيق بين القطاع الخاص في البلدين. وخلال عام 2019، حينما استضافت القاهرة اجتماع رؤساء وأعضاء المجلس من كلا الجانبين، تم إطلاق شراكة استراتيجية بين البلدين لاستهداف السوق الأفريقية الواعدة، وفتح قنوات اتصال مباشرة بين الغرف في الجانبين لمصلحة منتسبيها من الشركات الصغيرة والمتوسطة، كما اُتفق على تشكيل أربع لجان فنية متخصصة في مجالات الصناعة والزراعة واستصلاح الأراضي والتشييد والإعمار والسياحة.
ونتيجة لتلك المعطيات، فقد ارتفع حجم التبادل التجاري بين البلدين في السنوات الأخيرة، وحقق أرقامًا تصاعدية، كما حافظت المملكة على موقعها بين أكبر الدول المستثمرة في مصر، وهو الأمر الذي حقق منافع مشتركة لكلا البلدين.
وبالتزامن مع ذلك، يقوم الصندوق السعودي للتنمية منذ سنوات بتقديم منح وقروض لتنفيذ مشروعات تنموية في عدة محافظات مصرية، وفي الوقت نفسه يستقبل السوق السعودية سنويًا آلاف الأطنان من السلع الغذائية والزراعية والصناعية المصرية، فيما تستضيف المملكة أكبر جالية مصرية مقيمة خارج مصر تعمل في مختلف المجالات.