قبل 48 ساعة من إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، صباح اليوم الخميس ،بدء عملية عسكرية خاصة في إقليم دونباس (شرقي أوكرانيا)، وانطلاق الهجوم الروسي على أوكرانيا بعد أسابيع من التوترات، أعلن الرئيس الامريكي جو بايدن، مساء الثلاثاء 22 فبراير ، عن الدفعة الأولى من العقوبات على روسيا؛ بسبب ما قال إنها “بداية غزو لأوكرانيا”، وتعهد بأن تكون العقوبات الأمريكية على روسيا أشد إذا واصلت “عدوانها”.
“سنحرم موسكو من أي تعاملات تجارية في الولايات المتحدة، وستدفع ثمناً باهظاً وأكثر فداحة إذا واصلت عدوانها” – الرئيس الأمريكي جو بايدن
تستهدف آخر عقوبات أمريكية أعلنها بايدن البنوك الروسية، وعلى رأسها مؤسستان ماليتان رئيسيتان في موسكو، والديون السيادية، إضافة إلى عقوبات لاحقة على شخصيات مقربة من بوتين، وقال بايدن إن عقوبات بلاده تستهدف الاقتصاد الروسي “على نحو لا يضر باستقرار أسواق الطاقة العالمية”.
لكن هدَّد بايدن أنه في حال لم تتراجع روسيا واضطر لفرض عقوبات جديدة ستكون أقوى من تلك التي فرضتها بلاده في عام 2014، لكن كيف كانت العقوبات الأمريكية على روسيا قبل 8 سنوات؟ خصوصاً مع انطلاق الهجوم الذي حذر بايدن من حدوثه.
كانت الولايات المتحدة قد فرضت مجموعة عقوبات على روسيا في عام 2014 بسبب تدخلها العسكري في جزيرة القرم وانتهاك السيادة الأوكرانية، وفي 6 مارس 2014، فرضت (الأمر التنفيذي 13660) عقوبات على الأفراد والكيانات المسؤولة عن “انتهاك سيادة ووحدة أراضي أوكرانيا أو عن سرقة أصول الشعب الأوكراني”، ووضعت هذه العقوبات قيوداً على سفر بعض الأفراد والمسؤولين.
قبلها بأيام علقت الولايات المتحدة محادثات التجارة والاستثمار مع روسيا وكذلك التعاون العسكري.
منع تأشيرات وتجميد أصول مسؤولين روس
ثم في الـ17 من مارس 2014، صدر (الأمر التنفيذي 13661) أمراً بتقويض العمليات التي تهدد سلامة وأمن وسيادة المؤسسات الديمقراطية في أوكرانيا أو تساهم في اختلاس أصولها، وذلك بعد نشر القوات العسكرية الروسية في منطقة القرم بأوكرانيا.
كما فرضت قيوداً على التأشيرات وتجميد الأصول على 11 مسؤولاً روسياً، بما في ذلك رئيسة المجلس الفيدرالي فالنتينا ماتفينكو، ونائب رئيس الوزراء ديمتري روجوزين، ومساعد الرئيس فلاديسلاف سوركوف. ثم أصدرت قراراً بتوسيع القرارين السابقين وتجميد ممتلكات مزيد من المسؤولين (16 مسؤولاً) مع بنك روسيا.
في هذه الفترة؛ ردت موسكو بمنع 9 مسؤولين أمريكيين من دخول روسيا رداً على العقوبات الأمريكية، وكان من بينهم رئيس مجلس النواب السابق جون بوينر، وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد، والسيناتور جون ماكين.
أعقبه رد أمريكي بحظر إصدار تراخيص تصدير منتجات أو خدمات دفاعية إلى روسيا، لترد روسيا مرة ثانية بفرض حظر على مزيد من المسؤولين الأمريكيين ومسؤولي دول أخرى من دخول روسيا.
عقوبات اقتصادية ومنع تصدير واستيراد
طالت قائمة عقوبات وزارة الخزانة الأمريكية، واستمرت أمريكا في فرض عقوبات جديدة اقتصادية على جهات جديدة ومسؤولين، إذ أضافت 7 مسؤولين من القرم، وشركة النفط الأوكرانية بالقرم “تشيرنومورنفتجاز”، وأعقبها 17 شركة مرتبطة بالرئيس فلاديمير بوتين، و14 مسؤولاً آخر بعضهم من الانفصاليين الذين دعموا روسيا، مع تشديد القيود المفروضة على استيراد روسيا للبضائع الأمريكية.
أضيف للقائمة بنكان كبيران (غازبرومبانك وVEB) وشركات طاقة (نوفاتيك وروسنفت)، و8 شركات أسلحة بما في ذلك شركة “كلاشينكوف”، ثم استهدفت القيود قطاعات من الاقتصاد الروسي، بما في ذلك قطاع الأسلحة والطاقة والتمويل مثل بنك موسكو، والبنك الزراعي الروسي، فضلاً عن قيود على تصدير تقنيات النفط والغاز المختلفة إلى روسيا.
ردت روسيا بحظر استيراد معظم المواد الغذائية من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى فرضت عليها عقوبات.
لكن الولايات المتحدة استمرت في فرض العقوبات، إذ حظرت على الشركات الأمريكية توريد السلع والتقنيات لعدة شركات تقنية، كما جمدت أصول 5 شركات دفاعية روسية، وأصبحت القيود المفروضة على رأس المال تطال 6 بنوك روسية، كما حظرت تصدير واستيراد السلع والخدمات من وإلى شبه جزيرة القرم بعد السيطرة الروسية، وذلك وفق رصد راديو “أوروبا الحرة” الممول من حكومة الولايات المتحدة.
الحظر يمتد لشركات دفاعية ورجال بوتين المقربين
بعد أشهر؛ وتحديداً في 19 ديسمبر 2014، زادت الولايات المتحدة (الأمر التنفيذي 13685) عدداً من المؤسسات الدبلوماسية والمالية لتضاف إلى قوائم الحظر، شمل ذلك بما في ذلك 14 شركة دفاعية وأفراد في الدائرة المقربة من بوتين، وتضييق التمويل على ستة من أكبر البنوك الروسية وأربع شركات للطاقة.
كما علقت السلطات الأمريكية التمويل الائتماني الذي يشجع الصادرات إلى روسيا وتمويل مشاريع التنمية الاقتصادية في روسيا، وحظرت توفير أو تصدير أو إعادة تصدير السلع أو الخدمات التكنولوجية المستخدمة لدعم استكشاف وإنتاج المياه.
نسقت أمريكا مع شركائها الدوليين وفي الاتحاد الأوروبي لحثها على تضييق الخناق على الدعم للحكومة الروسية، وأعلنت استعدادها لاتخاذ خطوات إضافية لفرض قيود سياسية واقتصادية، وفق ما أورده الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الأمريكية.
استمرار القيود وتمديد العقوبات حتى عام 2018، وروسيا ترد بطريقتها
في أبريل 2015، وسَّعت السلطات الأمريكية نطاق العقوبات (الأمر التنفيذي رقم 13694) وحددت أفراداً وكيانات تساعد في أنشطة صنفتها “خبيثة” عبر الإنترنت وتضر بالأمن القومي الأمريكي، واستمرت طوال العام 2015 في إضافة أسماء لشخصيات وكيانات إلى قوائم عقوباتها، وكذلك حتى ديسمبر 2016 (الأمر التنفيذي 13757) حين كانت وزارة الخارجية الأمريكية والوكالات الحكومية الأمريكية الأخرى ما زالت تحدد الأفراد والكيانات والشركات التي تضر بمصالحها.
أيضاً فرضت قيوداً على المسؤولين في جزيرة القرم الذين تعاونوا مع الروس، إذ فرضت عقوبات على 6 من أعضاء مجلس الدوما من شبه جزيرة القرم، وحظراً على التأشيرات وتجميد لأصول 7 أفراد وعدد من الشركات العاملة في البناء والخدمات اللوجستية في شبه جزيرة القرم.
جرى تمديد العقوبات السياسية في يناير/كانون الثاني 2017 لمدة عام إضافي، وفي مارس 2017 جرى تمديد العقوبات الاقتصادية أيضاً، وأضافت أمريكا أكثر من 270 فرداً وكياناً أخرى إلى قائمة العقوبات، بما في ذلك الشركة العسكرية PMC Wagner، وشملت جميع أعضاء الحكومة الروسية، والإدارة الرئاسية، ورؤساء الشركات الحكومية، ومقربين من بوتين، عندها ردت روسيا بتمديد حظر استيراد المواد الغذائية حتى نهاية عام 2018.