تقدم المحامي عمرو عبد السلام، بلاغ للنائب العام ضد ايراهيم عيسي برقم 144145 لسنة 2022، بتهمة استغلال الدين في الترويج للأفكار المتطرفة والتشويش علي إقامة الإحتفال باحدي الاحتفالات الدينية “ليلة الإسراء والمعراج” بقصد إثارة الفتن داخل البلاد وتكدير الأمن والسلام المجتمعي.
وقال عبد السلام في بلاغه: ان المبلغ ضده قد داب بصفة دورية ومسلسلة ومعروضة علي العامة من خلال البرنامج الذي يقدمه تحت مسمي “حديث القاهرة ” المذاع عبر فضائية قناة “القاهرة والناس ” علي استغلال الدين في الترويج لافكاره ومعتقداته المتطرفة والمغلوطة الموجهة للجماهير قاصدا من ذلك خلق حالة من الاضطراب والفرقة والتشتت وفتنة العامة وتشكيكهم في معتقداتهم وثوابتهم الدينية دون امتلاكه لاي دليل او سندا صحيحا قاصدا من ذلك اثارة الفتنة والاضرار بالامن العام وتكديريه بمفهومه الواسع ( الامن المجتمعي –والاسري –والديني – والسلام الاجتماعي “- ومنذ الساعات القليلة الماضية وقبيل الاحتفال السنوي بليلة الاسراء والمعراج التي يشهدها العالم العربي والإسلامي في شتي بقاع الأرض وتخصص له الدولة المصرية احتفالا خاصا احتفاء بها – اطل علينا المبلغ ضده عبر برنامجه بوجه غابر يغشاه سواد قلبا غلفه كره الدين وعقلا امتليء بكل ماهو متطرف وشاذ اعتنقه واستقر بوجدانه مرتديا حمالات اعلي كتفيه ليحافظ علي ثبات بنطاله من السقوط والتي كان اولي به ان يضعها فوق ام راسه حتي تحافظ علي ثبات عقله من الانحراف خلف أفكاره المتطرفة ليواصل استمرار نشاطه الاجرامي وافكاره المتطرفة حيث قام المبلغ ضده بتاريخ الجمعة الموافق 18 فبراير- ليبث سمومه في عقول مشاهديه ومتابعيه منكرا ومشككا ومكذبا لحادث الاسراء والمعراج كما فعلها من قبله كفار قريش مع النبي صل الله عليه وسلم منذ ما يجاوز الف واربعمائة عام – قاصدا من ذلك التشويش علي إقامة احدي الشعائر الدينية والتي تتمثل في الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج بافكاره المتطرفة المغلوطة – حيث أورد المبلغ ضده في معرض حديثه إن 99% من القصص التي يرويها الشيوخ والدعاة كاذبةوأضاف أن واقعة المعراج عبارة عن قصة وهمية كاملة، مؤكدا أنه لم يكن هناك معراجا وما ورد قصة وهمية، وهو ما ورد في كتب السيرة والتاريخ- وأضاف أن كتب الحديث، قالت إنه لم يكن هناك معراجا وأن ما حدث قصة وهمية، مشيرا إلى أن المشايخ يقدمون أنصاف القصص، ما يترتب عليها أن تكون غير حقيقة وأضاف أن الحكايات الواردة عن المعراج، دعائية وغير حقيقية وقصص وهمية اختلقها الشيوخ معتبرا أن ما يحدث هو ذكر القصص التي تقول إن المعراج قصة حقيقية، ولكنهم يتجاهلون الروايات التي تنفي حقيقة المعراج واستطرد أن المشايخ الناقلين لتلك القصص سلفيي الفكر، يقدمون صوتا واحدا، وقاصرين على عرض وجهة نظرهم فقط، ولا يسردون باقي أراء وروايات العلماء من الأشاعرة والمعتزلة، ولا يقدمون الإسلام بشكل عام.- وحيث ان الثابت بما لايدع مجالا للشك ان رحلتي الاسراء والمعراج تعد احدي المعجزات الإلهية التي اختص بها رب العزة سبحانه وتعالي نبيه محمد صل الله عليه وسلم بمناقب لم تُمنح لأحدٍ غيره، حيث أُسرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وفيها أمَّ الأنبياء، لتكون الرحلة شاهدةً على أفضليته ﷺ على سائرِ الخلق، وفيها فُرِضت الصلوات الخمس تكريمًا للمسلمين.
وحيث ان تلك القضية قد تم حسمها من خلال جمهور العلماء ومشايخ الامة الإسلامية علي مر العصور حيث سبق لدار الإفتاء المصرية ان اكدت علي حدوث هذه المعجزة الإلهية التي شهدتها السموات والأرض حيث ورد برد دار الإفتاء نصا ” إن الإسراء والمعراج معجزة اختص الله تعالى بها نبيه سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم تكريمًا له وبيانًا لشرفه صلى الله عليه وآله وسلم وليطلعه على بعض آياته الكبرى، وأضافت أن جمهور العلماء اتفق على أن الإسراء حدث بالروح والجسد معا، حيث صرَّح القرآن الكريم بذلك، فقال تعالى: ﴿أَسْرَى بِعَبْدِهِ﴾، والعبد لا يطلق إلا على الروح والجسد، وكذلك المعراج وقع بالجسد والروح معا يقظةً، وذلك في ليلة واحدة وأكدت دار الإفتاء أنه إذا كان القرآن الكريم قد تحدث عن الإسراء صراحةً وعن المعراج ضمنًا، فإن السنة جاءت مصرحةً بالأمرين، من ذلك ما ورد عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ.. فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ»، قَالَ: «فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ.. ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.. ثُمَّ عُرِجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ، فَقِيلَ: مَنَ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ، قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: َ قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ، فَفُتِحَ لَنَا.. ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهَى، وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ، وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلَالِ» متفق عليه وأشارت إلى أن ذلك حدث بعدما فقد زوجه خديجة -رضي الله تعالى عنها-، وعمَّه أبا طالب، فمن رأى قدرة الله تعالى وعظيم فضله هان عليه كل شيء، منوهة بأن بالنسبة لحكمتها، فقد جاءت رحلة الإسراء والمعراج منحة من رب العالمين بعدما لاقى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم ألوانًا من المحن مع قومه، لتُذهب عن صدره الآلام والأحزان، وتربط على قلبه وتثبت فؤاده، فإذا كان أهل الأرض قد تَخَلَّوا عنه فإن السماء تفتح له أبوابها”. كما اكدت دار الإفتاء أن رحلة الإسراء والمعراج معجزة كبرى تذكرنا بقدرة الله سبحانه وتعالى وعبوديته، كما أنها كانت مواساة لسيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتثبيتًا لقلبه، وللمؤمنين، حيث إنه عندما أخبر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قريشًا عن رحلة الإسراء والمعراج كذبوه، ولم يصدقوه..” كما اكد في وقت سابق مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية في معرض رده علي المشككين في حدوث معجزة الاسراء والمعراج ” إن في هذه المنزلة الرفيعة والدرجة العالية التي بلغها النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج أضفى الله على عبده بالنعم، وكشف له عن حقائق وغيبيات.
وحيث ان الثابت بما لايدع مجالا للشك ان المبلغ ضده علي النحو المعروض سلفا يكون قد استغل الدين الاسلامى فى الترويج والتحبيذ لأفكاره المتطرفة والمغلوطة بان قام باعداد وتجهيز وتجميع المادة الصحفية والإعلامية التي قام ببثها وتوجيهها الي جماهير المشاهدين وكان ذلك باحدي طرق العلانية المنصوص عليها بالقانون وهي القول والصياح عبر وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والالكترونية حيث قام بتكذيب وانكار والتشكيك في حادث الاسراء والمعراج دون امتلاكه لاي دليل او سندا صحيحا قاصدا من ذلك خلق حالة من الاضطراب والفرقة والتشتت وفتنة العامة وتشكيكهم في معتقداتهم وثوابتهم الدينية بغية اثارة الفتنة والاضرار بالامن العام وتكديريه بمفهومه الواسع ( الامن المجتمعي –والاسري –والديني – والسلام الاجتماعي ” بالإضافة الي التشويش علي إقامة الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج احدي احتفالات المسلمين في مصر حكومة وشعبا – وهو ما يعد مجرم طبقا لنص المادتان 98 فقرة “و” والمادة 163 من قانون العقوبات – حيث جري نص المادة 98فقرة “و” علي ان”يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين فى الترويج او التحبيذ بالقول او بالكتابة او بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد اثارة الفتنة او تحقير او ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية اليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعى “وهذه المادة أضيفت بالقانون رقم 29 لسنة 1982 الصادر فى 14/4/1982 والمنشور فى 22/4/1982.
وقد جاء تقرير لجنة الشئون الدستورية والتشريعية لمجلس الشعب ان اللجنة رأت تعديل مقدار الغرامة .. وذلك لخطورة الافعال المؤثمة بموجب تلك المادة وهى استغلال الدين والترويج او التحبيذ بالقول او الكتابة او بأية وسيلة أخرى لافكار متطرفة بقصد اثارة الفتنة او تحقير او ازدراء احد الأديان السماوية او الطوائف المنتمية اليها .. (نقلا عن قانون العقوبات وزارة العدل إدارة التشريع طبعة 1993 ص 550). وتبين من هذا النص ان المشرع تتنطلب لقيام هذه الجريمة توافر ركن مادى وركن معنوى، أما عن الركن المادى فإنه يتكون من عدة عناصر أولا: استغلال الدين، ثانيا: الترويج أو التحبيذ. ثالثاً: وسائل الترويج أو التحبيذ على أفكار متطرفة.
ومن جماع ماسبق وبالبناء عليه يتبين ان المادة 98 فقرة “و” من قانون العقوبات المصري قد عرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن. ومن ثم ، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، ولا يسمح به مطلقا، والقانون الجنائي يعاقب عليه. لذلك، فازدراء الأديان يعني العمل على تحقير المعتقدات والرموز الدينية الخاصة بما يقلل احترام المجتمع لها. فالسلم المجتمعي هو الركيزة الأساسية في استقرار الدولة، والمعكر الأول لصفو هذا السلم هو انتقاد أديان الآخرين والمعتقدات الدينية لهم، وهو ما يجب أن يقابل بكل حزم وشدة في الدولة التي تسعى إلى الاستقرار والسلم بين مواطنيها وحيث .ان الهدف من جريمة ازدراء الأديان تتمثل جريمة ازدراء الأديان في استغلال الدين في الترويج لأفكار متطرفة، بأي وسيلة كانت، مثل الكتابة، والتصوير، أو النشر، أو القول، أو ترديد الشائعات، وغير ذلك من وسائل العلانية في نشر هذه الأفكار المتطرفة، بهدف إثارة الفتنة أو الإساءة لأحد الأديان السماوية بهدف الإضرار بسلام المجتمع وأمنه ووحدته الوطنية .وتتحقق جريمة ازدراء الأديان بوقوع الفعل المجرم، وتوافر النية، بغض النظر عن تحقق الهدف المرجو من هذا الفعل من عدمه . ومعنى ذلك أن المشرع يعاقب على جريمة ازدراء الأديان، حتى لو لم تتحقق النتيجة الإجرامية المرجوة منه لسبب خارج عن إرادة الجاني، إما بوقفها، أو خيبة آثارها، وهذا ما يسمي في القانون الجنائي (بالشروع ).
أولاً: استغلال الدين :
لم ترد كلمة استغلال صراحة فى نصوص قانون العقوبات المصرى سوى فى هذه الجريمة وقد استخدمت عرضا فى جريمة استغلال النفوذ ويراد بها فى القانون الجنائى او القانون المدنى وفق ما ورد عن شرحها فى مجال عيوب الارادة انها تعنى كل استعمال او تناول او متاجرة أو تذرع بالشىء المستغل. فإذا استغل الجانى الدين فى قوله او كتاباته او اعتمد عليه فى ابداء آرائه او نصحه او ارشاده مستندا للدين فى ذلك أمرا لتأكيد او نفى هذا الرأى او النصح او الارشاد فقد تحقق بذلك معنى الاستغلال، اما عن كلمة الدين فقد وردت طليقه دون تحديد ويقصد بها كما جاء بعجز المارة احد الأديان السماوية وبالرجوع الى مبادىء الاسلام باعتباره دين الدولة فى تحديدتلك الأديان السماوية الجديرة بالحماية فتبين انها اليهودية والمسيحية والإسلام. ثانيا: الترويج والتحبيذ :يتحقق الترويج عن طريق خلق فعل أو قول أو إيماءه عن أمر معين ثم يتم تداوله أو نقله أو توزيعه او عرضه، أما التحبيذ فإنه يختلف عن الترويج ثم أنه لا يتضمن خلقا لفعل او قول او ايماء وتداوله او نقله او توزيعه او عرضه بل يتحقق فى وقوع الفعل او القول او الايماء اولاً ثم يأتى الجانى فيقره او يستحسنه او يؤيده ثالثا: وسائل الترويج او التحبيذ :لم يتطلب المشرع ان يتم الترويج او التحبيذ بوسيلة معينة بل اورد به “أو بأية وسيلة اخرى”، ومن ثم يتحقق الترويج او التحبيذ بأية وسيلة مما ذكر بالنص او غيرها وسواء كان فى ذلك علانية او غير علانية.رابعا: أن ينصب هذا الترويج أو التحبيذ على أفكار متطرفة :
وقد تطلب المشرع توافر هذا الشرط حتى تقوم الجريمة فهو جوهر هذه الجريمة وبدونه لا تقوم ولم يرد فى القانون المصرى تعريفا محددا لمعنى الفكر المتطرف وبالرجوع الى القواعد الشرعية التى توضح ان التطرف فى الدين يعنى الحياد عن الحقائق المعلومة عن الدين بالضرورة سواء فى نواحى أحكام العبادات أن المعاملات او الرموز او المقدسات.
أما عن الركن المعنوى :
فإن المشرع تتطلب فضلا عن توافر القصد الجنائى العام – وهو العلم والإرادة – علم الجانى بما يفعل وإرادة حقيقية “أن يتوافر لديه نية خاصة تتمثل فى اتجاه ارادته الى اثارة الفتنة او تحقير او ازدراء احد الأديان السماوية او الطوائف المنتمية اليها.
ويقصد بإثارة الفتنة:- خلق او محاولة خلق الاضطراب والفرقة والتشتت فقد تحقق فى حالة ان يفتن الشخص فى معتقداته مكتنفة الظن والشك بعد اليقين وقد يتحقق معنى الفتنة بين أهل الدين الواحد فتكثر بينهم الملل والمذاهب وكل فرقة تكفر الأخرى وتتحقق أيضا من أهل الدين الواحد وغيرهم من أهل الديانات وهو ما يطلق عليه بالفتنة الطائفية أما لفظ التحقير فيقصد به اسناد عيب معين او غير معين للدين فى أساسه أو أحكامه كأن يقال ان أحكام الدين لا تناسب العصر او انها من عند غير الله أما الازدراء فهو خلق الكراهية والتحذير من اتباع الدين او التمسك به إذ أنه مرده للبدائيه والتخلف والرجعية .
وقضى بأن “توافر القصد الجنائى هو من الأمور التى تستخلصها محكمة الموضوع من الوقائع والظروف المطروحة امامها ولا يشترط فى الحكم بالعقوبة ان يذكر فيه صراحة سوء نية المتهم بل يكفى ان يكون فى مجموع عباراته ما يفيد ذلك “الطعن رقم 197 فى الدعوى رقم 653 لسنة 11 ق جلسة 27 يناير 1941”.