عاد الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى أرض الوطن عقب مشاركته في أعمال الدورة السادسة للقمة الإفريقية الأوروبية التي استضافتها العاصمة البلجيكية بروكسل على مدار يومين، تحت عنوان: "إفريقيا وأوروبا.. قارتان برؤيةٍ مشتركةٍ حتى 2030".
وشارك الرئيس السيسي في الدورة السادسة للقمة الإفريقية الأوروبية التي حضرها قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، والـ55 الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، وذلك بعد 5 سنوات من النسخة الأخيرة، (عقدت بالعاصمة السابقة لساحل العاج "أبيدجان").
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس السيسي هنأ "ميتسولا" على توليها منصبها الجديد، مؤكدًا "حرص مصر على تعزيز التعاون البرلماني مع الجانب الأوروبي، في ضوء أهمية العلاقة الاستراتيجية بين الجانبين، أخذًا في الاعتبار تشابك المصالح وتصاعد التحديات المشتركة، خاصةً ظاهرة الإرهاب وخطاب الكراهية، فضلًا عن التحديات المرتبطة بجائحة كورونا وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والصحية".
وأجرى الرئيس السيسي - خلال مشاركته في القمة عددا من اللقاءات الهامة لبحث سبل التعاون والملفات الشائكة بين مصر والاتحاد الأوروبي وكذلك مجموعة من القضايا محل الاهتمام بين القارة الإفريقية ونظيرتها الأوروبية ومنها: مكافحة الإرهابية والتغيرات المناخية والأمن والاستقرار والتمنية.
وشهد اليوم الثاني والأخير من أعمال القمة عقد الرئيس السيسي عددا من اللقاءات كان من بينها لقاء الرئيس مع روبيرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي.
وأكد الرئيس: "متانة العلاقات التي تجمع بين البلدين الصديقين، وحرص مصر على تعزيز أوجه التعاون الثنائي في شتى المجالات، خاصةً على صعيد التبادل التجاري والسياحة والصناعة والزراعة، وذلك لترتقي إلى مستوى العلاقات السياسية بين البلدين ثنائيًا وكذا في إطار الاتحاد الأوروبي".
من جانبها، أكدت رئيسة البرلمان الأوروبي على تقديرها للعلاقات المتميزة التي تربط بين الجانبين، وحرص الاتحاد الأوروبي على تعزيز الشراكة مع مصر في مختلف المجالات، خاصةً على مستوى العلاقات الاقتصادية والتجارية، وكذا دعم مصر في جهودها لتحقيق التنمية الشاملة، والتي تشهد طفرة كبيرة خلال الفترة الأخيرة، فضلًا عن التشاور المستمر بشأن أهم القضايا الإقليمية في الإطار الأورومتوسطي.
كما التقى الرئيس السيسي مع رئيس الوزراء البلغاري، كيريل بيتكوف، حيث صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أعرب عن ترحيبه بلقاء رئيس الوزراء البلغاري، موجهًا التهنئة له على توليه مهام منصبه في شهر ديسمبر الماضي.
من جانبه أكد رئيس الوزراء البلغاري سعادته بلقاء الرئيس السيسي، مؤكدًا حرص بلاده على تطوير وتعزيز علاقاتها مع مصر، لا سيما مع ما تمثله كركيزة محورية لاستقرار وأمن منطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، فضلًا عن تطلعها لمواصلة التنسيق والتشاور مع مصر من خلال اللجان المشتركة لتطوير مظاهر التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين بما يساهم في تحقيق مصالحهما.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء شهد استعراض سبل دفع العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصةً على صعيد التعاون في مجالات الدفاع والأمن ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى الصعيد الاقتصادي في ظل كون مصر تعد أكبر شريك تجاري لبلغاريا في منطقة أفريقيا والشرق الأوسط، فضلًا عن الجهود المصرية لتحسين مناخ الأعمال وتشجيع القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، والفرص التي توفرها المشروعات التنموية الكبرى الجاري تنفيذها، خاصةً محور قناة السويس والعاصمة الإدارية الجديدة.
والتقى الرئيس السيسي مع رئيس الجمهورية القبرصية نيكوس أنستاسيادس، وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية بأن الرئيس أشاد بالتطور المستمر في العلاقات المصرية القبرصية وما شهده التعاون الثنائي بين البلدين الصديقين من تقدم مضطرد، إلى جانب المواقف القبرصية الداعمة لمصر في المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية.
وأكد الرئيس - حرص مصر على مواصلة تفعيل أطر التعاون، وتكثيف التشاور حول القضايا والملفات ذات الاهتمام المشترك، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال آلية التعاون الثلاثي التي تجمع بين مصر وقبرص واليونان.
من جانبه؛ أعرب الرئيس القبرصي عن اعتزازه بخصوصية الروابط التاريخية بين مصر وقبرص، مشيدًا بمتانة العلاقات بين البلدين الصديقين، ومؤكدًا تطلع قبرص لتحقيق المزيد من الخطوات بهدف ترسيخ أطر التعاون الثنائي والصداقة القائمة بين البلدين، فضلًا عن مواصلة تعزيز آلية التعاون الثلاثي مع اليونان، لا سيما في ظل الدور الذي تقوم به مصر كركيزة للاستقرار في الشرق الأوسط، فضلًا عن جهودها في إطار مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية.
وأضاف المتحدث الرسمي، أن اللقاء شهد التباحث حول سبل تعزيز العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، والتعاون القائم بينهما على شتى الأصعدة، كما شدد الرئيسان على ضرورة المضي قدمًا في تنفيذ المشروعات المشتركة التي تم الاتفاق عليها في إطار آلية التعاون الثلاثي، بما يساهم في جعل هذه الآلية نموذجًا يحتذى به للتنسيق والتشاور بين دول البحر المتوسط، ويعكس خصوصية العلاقات المصرية القبرصية.
وأكد رامي إبراهيم، الباحث في الشؤون الدولية، أهمية مشاركة الرئيس السيسى في القمة الإفريقية - الأوروبية تحت عنوان: "إفريقيا وأوروبا.. قارتان برؤيةٍ مشتركةٍ حتى 2030"، خاصة في ظل التحديات المشتركة وتشابك الملفات التي تنعكس تداعياتها على القارتين.
وقال رامي إبراهيم، إن القمة جاءت في توقيت شديد الأهمية، حيث تُواجِه القارتان العديد من التحديات الأمنية والتنموية والاقتصادية والصحية خاصة في ظل انتشار وباء كورونا وتداعياته السلبية على اقتصاديات الدول، هذا إلى جانب تزايُد خطر قضايا تغيّر المُناخ، ما يؤكد ضرورة توحيد الرؤوى لمواجهة هذه التحديات.
وأضاف الباحث في الشؤون الدولية، إنه رغم كثرة وتنوع الموضوعات المدرجة على جدول أعمال القمة، إلا أن هناك ملفات عاجلة وملحة تتعلق بالأمن القومي الإفريقي والأوروبي وخاصة المصري، فيما يتعلق بقضايا الصراع في شرق المتوسط وانتشار الإرهاب في شمال إفريقيا وخاصة ليبيا، والأهم إلى جانب كل هذا هو قضية سد النهضة الإثيوبي التي تمثل أولوية قصوى لمصر.
وأوضح رامي إبراهيم، أن الرئيس السيسي أجرى مباحثات مع العديد من المسؤولين الأوروبيين حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية والتنسيق بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، حيث يعتبر الجانب الأوروبي مصر شريكاً استراتيجياً لما تمثله من مركز ثقل للمنطقة.
وأشار الباحث في الشؤون الدولية، أن لقاءات الرئيس السيسي، تناولت التعاون في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة، والبنية التحتية والتحول الأخضر، وذلك في ضوء استضافة مصر للقمة العالمية للمناخ العام الجاري، بالإضافة إلى التعاون فى مكافحة ظاهرة الهجرة غير شرعية، والفكرة المتطرف والإرهاب.
وتابع رامي إبراهيم، أن مشاروات الرئيس السيسي تطرقت أيضا إلى القضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك في منطقة المتوسط والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خاصة وأن مصر قادرة على تحقيق التوازن تجاه كافة القضايا الاقليمية.
وأكد الباحث في الشؤون الدولية، أن مصر سعت خلال القمة ومن خلال مشاوراتها مع القادة الأوروبيين والأفارقة إلى ضرورة دعم جهودها في التوصل مع الجانب الإثيوبي والسوداني إلى اتفاق قانوني وملزم بشأن قواعد ملى وتشغيل سد النهضة لما يمثله من خطورة ليس فقط على حصة مصر المائية وأنما ايضا أضراره على تربة الأراضي الزراعية.
واختتم أن الملف الليبي يمثل أيضا أهمية كبيرة بالنسبة لمصر خاصة في ظل انتشار الجماعات الإرهابية والمتطرفة هناك، مؤكدا أن رؤية مصر تجاه الأزمة الليبية تهدف إلى إخراج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من الأراضي الليبية وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب وقت ممكن حتى يتحقق الاستقرار للشعب الليبي الشقيق.