ذكرأحد السلف قائلا: "إذا أردت أن يكلمك الله فعليك بقرائة القرآن، وإذا أردت أن تكلم الله فعليك بالدعاء، وإذا أردت أن تكلم الله ويكلمك فعليك بالصلاة".
كان الحسن يقول: روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: أيها الناس، اقرؤوا القرآن، وابتغوا ما عند الله عز وجل بقراءته، مِن قبل أن يقرأَه قوم يبتغون به ما عند الناس.
وكان يقول: إن الرجل إذا طلب القرآن والعلمَ لله عز وجل، لم يَلْبَث أن يُرَى ذلك في خشوعه، وزهده، وحلمه، وتواضعه.
وكان يقول: رحم الله امرَأً خلا بكتاب الله عز وجل، وعرض عليه نفسه، فإن وافقه، حَمِد ربه، وسأله المزيد من فضله، وإن خالفه، تاب وأناب ورجع من قريب.
فقرائة القرآن الكريم لها فضل كبير على المسلم، وقد خص الله بعض السور والآيات بمزيد من الفضل، وخصوصًا إذا قُرئت في وقت معين، فقراءة سورة الكهف كل يوم جمعة تقي من فتنة المسيح الدجال، حيث قال صَلَى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف وتدبرها، عُصم من الدجال»، أي: حفظه الله ووقاه من فتنة الدجال الذي يخرج في آخر الزمان ويدعي الألوهية.
سورة الكهف والمسيح الدجال
قراءة سورة الكهف وحفظ الآيات العشر من منها سبب للعصمة من الدجال لما في هذه الآيات من العجائب والآيات؛ فمن علمها لا يستغرب أمر الدجال، ولا يفتتن به، ويسهل عليه الصبر والصمود أمام تلك الفتنة الكبرى التي يفتن بها الدجال غير المؤمنين ويكفرهم، وتكون العصمة من الدجال هي من خصائص الله لمن حفظ هذه الآيات.
قراءة سورة الكهف كل يوم جمعة تضيء الوجه والقلب
قراءة سورة الكهف كل يوم جمعة سنة مستحبة يحرص عليها كثير من المسلمين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة، أضاء له من النور ما بين الجمعتين»، وهذا النور يقذفه الله في قلب القارئ، أو في بصره، أو بصيرته، أو في كل أحواله، أو هو نور يصعد له مع أعماله إلى السماء، أو تشاهده الملائكة، أو يسطع له في الآخرة نور، ويظل هذا النور طوال الأسبوع من الجمعة إلى الجمعة.
وقت قراءة سورة الكهف
وتبدأ قراءة سورة الكهف من وقت غروب شمس يوم الخميس إلى غروب شمس يوم الجمعة، ومن كان أميًّا لا يقرأ، واستمع إليها مبتغيًا الأجر والثواب الوارد في فضلها حصل عليه بإذن الله؛ كما قال الفقهاء وأهل العلم، أما من كان يحسن القراءة فعليه بقراءتها، ولا يكتفي بالاستماع إليها؛ لأن الأجر ورد على القراءة، وليس على الاستماع.
قراءة سورة الكهف بتدبر تقي من فتن الدنيا
الحكمة من قراءة سورة الكهف كل أسبوع؛ تعطي العديد من الدروس، والعبر التي تساهم في تشكيل حياة المسلم نحو طريق البر؛ كما عرضت لنا سورة الكهف فتن الدنيا وكيفية النجاة منها، وعلى كل مسلم الوقوف عليها، والحذر منها، ولهذا ورد الأمر بقراءتها كل جمعة.
سورة الكهف تؤكد حفظ الله للمؤمنين
كما تؤكد سورة الكهف أن الله مع من آمن به، والتزم طاعته، وصار على نهجه، يدافع عنه بطرق ربما يصعب على العقل البشري إدراكها، ويظهر لنا هذا بوضوح في قصة أصحاب الكهف، هؤلاء الفتية الذين آمنوا بربهم، وخرجوا من بلادهم ليحافظوا على دينهم، ولجأوا إلى كهف في الجبل، ليمكثوا فيه حتى يأتي الصبح، فألقى الله عليهم النوم ثلاثمائة وتسع سنين، ثم بعثهم الله بعد تلك المدة الطويلة ليكونوا آية تشهد على قدرة الله وعظمته وحفظه للمؤمنين.
سورة الكهف تؤكد أن الشر والخير فتنة
وتوضح لنا سورة الكهف أن الابتلاء كما يكون بالنقم والبلايا يكون أيضًا بالنعم والعطايا، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 35]. وهذا الملمح نتعلمه من سورة الكهف من خلال صاحب الجنتين، الذي كان من الأغنياء؛ ومع ذلك هذه النعمة بدلا من أن يشكر الله عليها كفر، فأخذها الله منه.
سورة الكهف تعلمنا أن فوق كل ذي علم عليم
وتعلمنا سورة الكهف أن المعرفة دائما نسبية، وأن فوق كل ذي علم عليم، وأن الإنسان مهما بلغ من العلم فعلمه قليل، {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، وأن الإنسان مهما أوتي من المعرفة، فهناك من هو أكثر معرفة وعلمًا ودراية منه، {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]، وهذا الملمح نتعلمه من سورة الكهف من خلال قصة سيدنا موسى مع سيدنا الخضر، وما جرى من الأمور الغيبية التي أطلع الله عليها ذلك العبد الصالح سيدنا الخضر، ولم يحط بها علمًا سيدنا موسى الذي كان نبيًا، حتى أعلمه بها ذلك العبد الصالح.
سورة الكهف تحذرنا من ابتلاء السلطة
وتحذرنا السورة من ابتلاءات السلطة واختباراتها، وعلى صاحبها أن يحسن استخدامها لخدمة دينه وأمته ومجتمعه، وتعلمنا سورة الكهف هذا الدرس من خلال قصة ذي القرنين، ذلك الملك الصالح لذي أعانه الله على حماية البشرية من خطر يأجوج ومأجوج ببنائه السد إلى أن يشاء الله.
سورة الكهف تعلمنا آدابًا كثيرة
كما ذكر أهل العلم أن سورة الكهف تعلمنا آدابًا كثيرة، ينبغي للمسلم مراعاتها والحفاظ عليها، ومما ذكروا في ذلك قراءة سورة الكهف والتطيب والتبكير إلى المسجد من سنن يوم الجمعة.