صالح المسعودى:
كم أمقت ذلك المثالي المزيف ، أو ذاك المتنطع المدعي لكل فضيلة ، لأنني على يقين أنه من عهد ( أبونا أدم عليه وعلى نبينا وعلى كل أنبياء الله ورسله الصلاة والسلام ) لم يكن أحداً مثالياً إلا ( المعصومون من الأنبياء والرسل ) وهم أيضاً لهم أخطاء ، ولكن لا ترتقي لدرجة الخطيئة ، ورأينا أن رب الأرباب قد عاتب نبيه وعبده ( محمداً صلى الله عليه وسلم ) في كتابه العزيز أكثر من مرة ، ولكنه عتاب المحبين ، وأيضاً لابد أن نضيف إلى المعصومين عباد لله يعرفهم هو سبحانه وتعالى فلا يجب أن نعمم شيء في مُلك ملك الملوك إلا بإذنه
فجميعنا خطاؤون ولولا ستر الله لأصبحنا نتوارى من الناس من سوء معاصينا ، ولكن ما هو تصرفنا بعد الخطأ ؟ ، هذا هو السؤال الذي يجب أن نجيب عليه بيننا وبين أنفسنا ، هل نرجع من قريب ؟ أم نتمادى في الخطأ ، وخطأ يتلوه خطأ حتى نعتاد على الخطايا فتصبح العودة لله من وجهة نظرنا الضيقة مستحيلة ، هل نملك نفس لوامة تعاتبنا إن أخطأنا وتدفعنا للتوبة والأوبة لله بأقصى سرعة ؟ أم نملك نفس أمارة بالسوء ( أعاذنا الله وإياكم منها ) ؟ هذه الأسئلة وغيرها يجب أن نسارع بالإجابة عليها لا سيما عقب أي خطأ نرتكبه
قد يتبادر لذهنك عزيزي القارئ أن هناك نفس لم أذكرها وهي ( النفس المطمئنة ) جعلني الله وإياكم وأهلنا وأهلكم جميعاً من أهلها ، أقول لك النفس المطمئنة تخص أهل الصلاح جمعنا الله واياكم في زمرتهم ، وأهلها كما ذكرت ممن رضي الله عليهم من الأنبياء والصديقين وممن باع الدنيا بالآخرة من عباد الله الصالحين ، وهذا النوع من البشر موجود ويعلمه علام الغيوب.
ولكننا اليوم نتحدث عن أهل الأخطاء بل والخطايا وكما أسلفت يجب أن تجيب أنت بعد الخطأ على نفسك هل لامتك نفسك ونكست رأسك لتستغفر الله عز وجل فإن فعلت ذلك فأنت إن شاء الله على خير وأذكرك بقول الله عز وجل ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومَن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ) ( آل عمران ) وهذه قمة رحمة الله لعباده الذين يؤوبون من قريب ، وقد ربطها الله أيضاً بعدم الإصرار على المعصية وإلا أصبح الاستغفار نوع من أنواع الألعوبة وهذا أمر منافي للأوبة والتوبة من قريب ، وأيضاً نذكر قول الله تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون ) ، فالعودة إلى الله يقابلها بالغفران فهو الرحمن الرحيم.
أما أهل المعصية الدائمة والمُتجرئون على الله بكثرة المعاصي ، والذين يحملون النفس الأمارة بالسوء فالأمر يبدأ بمعصية تتلوها معصية ، وكل معصية تترك ( نكتة سوداء ) بالقلب حتى يعم السواد ذلك القلب ( والعياذ بالله ) وهنا نذكر حديث رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) الذي رواه ( أبو هريرة ) ( إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء ، فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب ، صقل قلبه ، فإن عاد زيد فيها، حتى تعلو على قلبه ، وهو الران الذي ذكره الله في كتابه ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )
أعزاءي القراء قد لا أكون مبحراً في العلم والفقه بالدرجة التي تجعلني واعظاً ، ولكنني أخذت على نفسي عهداً أن أكتب ما يفيد القارئ راجياً المثوبة من مالك الملك ، ولأنني أيضاً لا يروق لي من يتصنع التقوى والمثالية ( فهو أمام الناس التقي النقي ) وتصرفاته تناقض ذلك فيدخل الالتباس على الناس في أخلاقهم وفي دينهم ، فاردت أن أبين أمراً هاماً أن الشخص ( المتدين ) ، أو الملتزم دينياً ( في أي دين من الأديان ) إن هو أحسن كان بها وإن هو أساء فهذا ليس معناه أن دينه سيء أو يحضه على ذلك فهو أولا وآخراً إنساناً معرضاً للصواب ومعرضا أيضاً للخطأ ، أما الخطأ الحقيقي أن يصر الشخص على أنه منزه عن الخطأ ويتكلم باسم الدين في الوقت الذي يظهر للقاصي والداني سوء فعله ، فهو في هذه الحالة يسيء لدينه قبل أن يسيء لنفسه ، ولو أنه لم ( يكابر ) عند خطئه فتاب وأناب وأعترف بخطئه لزاده ذلك قدراً عند الله ( سبحانه وتعالى ) وبين الناس أيضاً ( فخير الخطائين التوابون ) ، فباب التوبة مفتوح حتى النفخ في الصور استقيموا يرحمكم الله.
الصحة العالمية توجه تحذير شديد اللهجة للعالم.. تفاصيل