قال الشيخ أحمد سليم الدرملي من علماء الأزهر الشريف في تصريحات خاصة لـ"بلدنا اليوم"، أن الدين حرم زواج الفتيات في السن المبكر، والادله على عدم زواج القاصرات هو قوله تعالي "وَابْتَلُواْ الْيَتَامَي حَتَّيَ اِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَاِنْ انَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ اِلَيْهِمْ اَمْوَالَهُمْ"، والمقصود من قوله عز وجل بلغوا النكاح هو صلاحيه كل من الزوج والزوجه للزواج وتحمل مسؤولياته وتبعاته، وهذا ما ذهب إليه العديد من المفسرين، كما ذهبوا علي أن البلوغ كما يكون بالعلامات الطبيعيه فكذلك يكون بالسن.
وأضاف" الدرملي"، أن الدليل من السنه علي عدم جواز القاصر أيضا هو ما رواه ابو هريره رضي الله عنه عن النبي أنه قال: "لا تنكح البكر حتي تستاذن ولا الثيب حتي تستامر فقيل يا رسول الله كيف اذنها؟ قال: اذا سكتت" واستدلوا بهذا الحديث علي أنه لا يجوز تزويج القاصر التي لم تبلغ ولم تكن تطيق الوطء، فلابد أن تكون بالغه راشده حتي يتسني أخذ أذنها ومشورتها، وذلك لا ينطبق علي من لم تبلغ، كما استند إلي ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي قال: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، واستدل العلماء علي هذا الحديث فقالوا: أن الشرع أتاح لولي الأمر اتخاذ كل ما فيه اصلاح لشان الرعيه، وفعل ما هو ادعي لحفظ المصلحه العامه، بشرط ألا يتعارض ذلك مع نص صريح في الكتاب أو السنه، فيحق له أصدار قانون بتحديد سن معينه، والحكم بعدم تزويج الصغار والقاصرات لانعدام المصلحه في الغالب، وذلك من باب السياسه الشرعيه، مشيرا إلي أنه من الواجب علي الرعيه السمع والطاعه لولي الأمر، لقوله تعالي "يَا اَيُّهَا الَّذِينَ امَنُواْ اَطِيعُواْ اللّهَ وَاَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاُوْلِي الاَمْرِ مِنكُمْ"، وما جاء عن سيدنا من اثار الصحابه:فقد استدل هؤلاء العلماء علي أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه اسقط حد السرقه عن السارق في عام المجاعه، نظرا لتغير الحال ومجاراه للواقع الذي يعيشونه، فقال رضي الله عنه "لا يقطع في عذق، ولا في عام سنه"، وهذا ليس من قبيل انشاء حكم شرعي جديد، يحرم الحلال ويحل الحرام، بل هو من قبيل مراعاه تغير الفتوي بتغير الحال.
واستكمل " الدرملي"، أما ما استدلوا به من السنه النبويه عن الزواج المكبر، هو حديث زواج النبي من أم المؤمنين عائشه رضي الله عنها وفيـه:" أن النبي تزوجها وهي بنت ست سنين، وأدخلت عليه وهي بنت تسع، ومكثت عنده تسعا"، فقالوا في الاستدلال علي هذا الحديث بأنه دل بمنطوقه علي أن النبي تزوج بأم المؤمنين عائشه رضي الله عنها وكانت قاصرا لم تبلغ الخامسه عشر من عمرها، وبالتالي جواز تزويج القاصرات دون تحديد سن معينه، وفعله صلي الله عليه وسلم تشريع لامته، وقال النووي في شرحه علي مسلم: "وليس في حديث عائشه رضي الله عنها تحديد ولا المنع من ذلك فيمن اطاقته قبل تسع، ولا الاذن فيمن لم تطقه وقد بلغت تسعا".
وتابع "الدرملي"، أن الوَلِيِّ في عقد الزواج جاء فيه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ "لا نكاح إلا بوَلِيِّ وشاهِدَيْ عدْل ” رواه ابن حِبَّان في صحيحه، وروى أصحاب السنن قوله ” لا نكاح إلا بولِيِّ " كما روَوْا حديث ” لا تُزوِّج المرأةُ المرأةَ، ولا تُزَوِّج المرأةُ نفسَها، فإن الزانية هي التي تُزَوِّج نفسها ” .
يُؤخذ من هذا أن الزواج يُشترط في صحته وجود وَلِيٍّ ذكرًا عن الزوجة، فلا يصح أن تُزوِّج نفسها كطرف في العقد، ولا أن تَنوب عنها امرأة أخرى، والتحذير من المخالفة جاء بوصف المرأة التي تفعل ذلك بأنها زانية، يُراد به التنفير؛ لأن التي تتوَلَّى تزويج نفسها بدون إذن أوليائها أو بدون نيابتهم عنها قد تتحكم فيها العاطفة، فتتغلَّب على عقلها، فكان لا بد من الولي لإيجاد التوازن الذي ينظر أيضًا إلى المصلحة العامة، وهذا في الحقيقة إدراك لخطر بناء الأسر، فهو عمل في الغاية القصوى من الأهمية؛ لأنه بناءُ خليةٍ يُبْنى منها المجتمعُ كلُّه، وقد لخَّص الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم " ج 9 ص 205 " حكم النِّكاح الذي لا يتولاه الولي فقال: إن العلماء اختلفوا في اشتراط الولي في صحة النكاح، فقال مالك والشافعي: يشترط، ولا يصح نكاح إلا بولِي، وقال أبو حنيفة : لا يُشترط في الثَّيِّب ولا في البِكْر البالغة، بل لها أن تُزوِّج نفسها بغير إذن وَلِيِّها، وقال أبو ثور: يجوز أن تزوِّج نفسها بإذن وَلِيِّها، ولا يجوز بغير إذنه، وقال داود : يُشترط الولِيُّ في تزويج البِكْر دون الثَّيِّب.
الأرصاد تعلن حالة الطقس المتوقع غدا الخميس 12 نوفمبر 2020
استشاري الصحة النفسية يكشف أسباب التفكير في الهروب من المنزل