على ما يبدو أن الأعمال الدرامية وبشكل خاص المصرية والخليجية أصبحت صداعا في رأس دولة الاحتلال وبشكل خاص كل من مسلسل "النهاية" ومسلسل "أم هارون" ليتيحوا لأنفسهم عملا دراميا مثل مسلسل "فوضى" من أجل أن يجملوا صورتهم القبيحة.
وتعليقا على الانتقادات التي توجهها تل أبيب للدراما بشكل عام وتجميلها صورة مسلسلها، قالت الدكتورة إلهام شمالي، باحثة في مركز التخطيط الفلسطيني في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم":" المسلسل الاسرائيلي فوضي بجزئه الثالث الذي يعرض على قناة عالمية تسمى" نيتفليكس" حول فرق الموت المنظم ما هو إلا محاولة لتجميل صورة دولة الاحتلال بالتضليل والكذب، فالجميع يعرف دور عصابات المستعرفيم أو فرق الموت ودورها الإرهابي الذي مارسته منذ أن شكلت هذه الوحدة في ثلاثينيات القرن الماضي، حين تتنكر بالزي العربي لتنفيذ عمليات اغتيال واعتقالات لا زالت تمارسها حتى اليوم، ومن المعروف أن هذه الوحدة عناصرها من ذوي ملامح شرقية، يمارسون عمليات الخطف في التظاهرات التي وقعت في الأراضي، وأهم هذه الوحدات دوفدفان المعروفة بحرس الحدود، وكذلك وحدة متسادا التي تعد واحدة من وحدات النخبة التابعة لجيش الاحتلال ، ووحد غدعونيم التي خصصت للعمل في مدينة القدس".
وتابعت الباحثة الفلسطينية:"المسلسل في جزئه الثالث يتحدث عن أسر اثنين من الاسرائيلي لدى حركة حماس في قطاع غزة، ولكنه لا يعرض كيف تم أسر هؤلاء الجنود الذين امطروا قطاع غزة بقذائف الفسفور، ومما لا شك فيه أن هذا مسلسل عن جرائم الحرب، كتبه الجناة أنفسهم، وشارك فيه شخصان متورطان ومشاركان بهذه الجرائم ، وعرضه على شبكة دولية مثل نيتفلكس هو نوع من التطبيع والموافقة الصريحة على الجرائم الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني وعمليات التطهير العرقي الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني، فالمسلسل يصور الفلسطينيون على أنهم إما ارهابين أو مناصرين للإرهاب، وأن الاسرائيلي هو البطل، مسلسل لتبرير جرائم الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني وأن المقاومة إرهاب وفوضى، الفلسطيني على أنه خائنه لوطن استمرار لرواية الاسرائيلية أنهم باعوا أرضهم لدولة، التي أشاعها المؤرخون الصهاينة في القرن الماضي كي لا يجد الفلسطيني أي تعاطف عربي أو دولي مع قضيته".
ورأت "شمالي أن مسلسل "فوضى" الإسرائيلي يعد من أخطر المسلسلات التي تحاول ضرب الوعي العربي، قائلة :"محاولة بائسة للعب بعقول الشباب العربي ، كون يبرز المستعرب هو الجندي الاسرائيلي المتخفي بالزي العربي، بالمظلوم وكذلك البطل المدافع عن دولة ليتعاطف معه المشاهد، خطورة المسلسل الإسرائيلي أنه بدأ ينتقل إلى بعض الدول العربية ، وأخذ رواج مع استفحال جائحة كورونا، وسياسة الحجر الصحي فوصل المرتبة الاولى في لبنان والثالثة في دولة الامارات، والسادسة في الأردن، وهذه الزيادة فاجأت حتى منتجي المسلسل الاسرائيلي نفسه ، بسبب استخدام اللغة العربية فيه ، فشكل هذا المسلسل أول تواصل مع المشاهد العربي، الذي اعتبره الإسرائيليون أنه كان وسيلة فعالة للتواصل مع العالم العربي كانت غائب عن ذهنهم".
وعن دور أفيخاي وجندلمان، فقالت "شمالي":" من المعروف ان كلا من افيخاي دري اوفير جندلمان من أصحاب الصفحات التي أخذت رواجاً في عالمنا العربي، فعدد المتابعين لهم تعد مئات الألاف ودورهم معروف في تبرير الإرهاب الإٍسرائيلي الذي يمارس ضد الشعب الفلسطيني، فهما يفعلنا كل ما بوسعهما لإلصاق تهمة الخيانة وعدم الوطنية بالفلسطيني، ثم أن أفيخاي درعي وجندلمان لا يمثلان رأي أشخاص بل هو طرح المؤسسة الإٍسرائيلية وروايتها، ومن قبل الاعلان عن صفقة القرن، فصفقة القرن بالصورة التي طرحتها بها هي اعتبار دولة الاحتلال دولة أولى في المنطقة العربية لها قوتها وقبولها في الدول العربية ، وهذا المسلسل يحاول إظهار الفلسطيني وهنا اقصد فلسطينيو الداخل بأنهم يتمسكون بدولة اسرائيل ويجندوا في جيش الاحتلال، على الرغم من الكثير رفضوا التجنيد في الجيش الإسرائيلي".
وعند طرح سؤال حول رأيها حول مسلسل هارون، فقالن "إلهام":" فيما يخصل مسلسل أم هارون أولا علينا أن نعي أن عدد اليهود في الخليج العربي لم يكون رقم يمكن اعتبارهم فيه أقلية، حتى الكويت نفسها لم يكن يتواجد بها أكثر من 50 يهودي عام 1890 وأغلبهم وصلوا الكويت من الهند وإيران والعراق ثم البحرين فالكويت، فرحيلهم من مواطنهم الأصلي العراق للكويت جاء للعمل في التجارة ولكنه لم يكن ثابتا فهم متنقلون مع تجارتهم ، والحد الاقصى لعددهم في الكويت لم يتجاوز 200 شخص على أكثر تقدير، فحسب المؤرخ الكويتي عبد العزيز الرشيد أشار أن عدد أهل الكويت وصل ثمانين ألفاً، منهم 150 يهودي عام 1926، أي أن وجود اليهود في الكويت كان وجود محدود، ولم تكن لهم مساهمات فعلية في الحياة الكويتية أو حتى في الخليج العربي منتصف القرن التاسع عشر ، ثم أنهم لم يتعرضوا لأي أذى أو اضطهاد سياسي أو ديني أو عرقي، حتى هجرتهم إلى فلسطين بمعرفة الوكالة اليهودية في سنوات الأربعينات".
وتابعت:"يبدو أن ما يطرحه المسلسل مقدمة لما تروج له دولة الاحتلال من مطالبات استناداً لما ورد في صفقة القرن بوجود تعويض يهود البلاد العربية عن ممتلكاتهم واموالهم التي تكروها في اماكن اقامتهم سواء في مصر أو اليمن وغيرها من الدول، وبإعتقادي المسلسل يحمل صفة تطبيعيه جاء مناسب مع طرح الرؤية الأمريكية التي تستند على الفلسفة والأسطورة الصهيونية التي أعدت وفقها صفقة القرن بأن أرض فلسطين هو الوطن القومي للشعب اليهودي وأن الوجود العربي بها ليس إلا وجود طارئ، ومن هذا المنطلق ورد في الرؤية الأمريكية أهمية التطبيع والقبول العربي بهذه الدولة ، فالتطبيع هو أخطر وسائل وأدوات تنفيذ الرؤية الأمريكية، برفض حركات المقاطعة العربية " BDS" التي قاومت كافة أشكل التطبيع وشكلت خطر على علاقات دولة الاحتلال، فالمقاطعة أثبت فعاليتها في مواجهة المشروع الصهيوني والمخططات الأمريكية ، ولذلك اعتبرت من أقوى الجبهات التي يجب محاربتها عبر التسلسل للوعي العربي".
وأضافت الباحثة في مركز التخطيط الفلسطيني:"لازالت الرواية الإٍسرائيلية تسعى نحو تزييف الحقائق التاريخية والتأكيد على الحالة العربية الانهزامية، لمحاولة زعزعة المواطن العربي بقضيته الوطنية، والتماهي مع دولة الاحتلال بوصفها المدافع عن مظلومية اليهود في العالم، وفهي تؤيد وتشجع المسلسلات التي تظهر اليهودي الضعيف المضطهد ولا ترغب بإظهار النضال العربي ونضال الجيش المصري ويقظته وقدرته على مجابهة هذه الدولة ومخابراتها العسكرية، ولكنها تتفاجأ في كل دراما رمضانية ببطولات مصرية نوعية، من أرشيف المخابرات المصرية ، دولة الاحتلال رحبت وصفقت لمسلسل أم هارون له حمل رسائل مبطنة للتعايش والقبول بها وبعنصريتها، في المقابل مسلسل فوضى حمل رسالة أخرى فحواها لا سلام مع الشعب الفلسطيني ".
أما عن مسلسل النهاية، فقالت "شمالي":" بكل تأكيد الدراما المصرية تؤرق إسرائيل بشكل يومي، ولو غير ذلك لما وجدت هذه التغطية الإعلامية في القنوات الإسرائيلية لمناقشة المسلسلات الرمضانية المصرية والخليجية كانت على طاولة النقاشات في البرامج التلفزيونية، حالة الترقب السنوي الإسرائيلي لما ستشكف عنه الدراما الرمضانية جعلت السياسي والإعلامي الاسرائيلي يدلي برأيه ويتابع بترقب كل حلقة من حلقات مسلسل الاختيار ومسلسل النهاية ولا أدلى عن ذلك التغريدات اليومية من الكتاب الإسرائيليين ، فقد وصل الأمر لوزارة الخارجية الاسرائيلية التي استنكرت وانتقدت المسلسل المصري النهاية واعتبرته مؤسف وغير مقبول".
وأضافت :"إسرائيل لا تريد سلام وانما استسلام وتعايش وفق الرؤية الإسرائيلية، واعتبرت توقع نهاية اسرائيل غير مقبول، على يد دول عربية، خاصة حول إظهار أطفال فلسطينيين دورسا حول الحرب لتحرير القدس وفلسطين عام 2120، واعتبار اسرائيل عدو وأن حرب تحرير القدس ستفضي لتدمير اسرائيل بعد مائة عام على تأسيسها، بفعل هروب معظم الإسرائيليين وعودتهم إلى بلدانهم الأصلية في أوروبا".
واختتمت إلهام تصريحاتها قائلة :"إسرائيل في مسلسلات رمضان ليست جديدة، ولكن القضايا المطروحة في الدراما المصرية تؤكد دوما أن الابداع والفن المصري سيبقى له مكانته في نفوس المصريين والعرب الفلسطينيون أيضاً، وكلما زعمت إسرائيل وجود تقارب بينها وبين العرب تأتي الدراما المصري لتجسد الواقع الحقيقي لتعود إسرائيل لحالة الغضب والانفعال والبيانات الاستنكارية، وهذ ليس جديد فالدراما الرمضانية المصرية عرضت مسلسل عوالم خفية الذي سلط الضوء على دور اسرائيل بالإرهاب الدولي وممارستها تجارة الاعضاء البشرية، لذلك لازالت جمهورية مصر العربية والدراما الرمضانية تؤكد للمشاهد العربي أن اسرائيل ستبقى العدو الأول للأمة العربية ويجب الحذر منها، وان طموحات وأمال اسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ستبقى أحلام".
موضوعات ذات صلة:
ترامب لـ"الصحة العالمية": أمامكِ 30 يومًا وإلا تحملي ما يحدث
ترامب يعلن عن قرار جديد بشأن منظمة الصحة العالمية