قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، إن الابتلاء يكون في الخير والشر معًا، مُستشهدًا بقول الله تعالى: «وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» [الأنبياء: 35].
وأوضح شيخ الأزهر، خلال برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، المذاع يوميًا على عدد من القنوات في مصر والعالم العربي، أن كلًا من الغنى والتضيق في الرزق ابتلاء، فالإنسان يُبتلى بالخير والشر، والمطلوب منه الصبر على البلاء لكي يحصل على الثواب، مشددًا على أن البلاء بالخير أو الشر يلزمه الصبر ومن أجل ذلك يثاب الإنسان، لأنه يعاني مرارة الصبر وثقل الحياة.
وردًا على سؤال يوجه البعض: «كيف يبتلى الله تعالى شخصًا قد وسع عليه في رزقه؟»، أفاد الإمام الأكبر، بأن الابتلاء بالحسنات أو السراء يتطلب نوعًا خاصًا من الشُكر، فبعض الأغنياء يظن أنه يكفي فقط لشكر الله تعالى أن يقول: «الحمد لله والشكر لله»، منبهًا على أن هذه خطأ والصحيح أن الشكر في هذه النعمة لابد أن يكون من جنسها، فيعطي الآخرين من الفقراء والمحتاجين الزكاة والصدقات وحقوق أولي القربى والمساكين، فعليه باستمرار أن يأخذ جزءًا من خيراته وأمواله لنفع الآخرين بها.
وتساءل شيخ الأزهر: «هل هذا سهل على الإنسان الغني أن يعيش يوميًا في حساب كيف يخرج للفقراء من ماله وأملاكه؟»، وأجاب «الطيب» قائلًا: «فهذا شيء صعب قد يفوق صعوبة الإنسان الفقير على البلاء، ومن هنا صبر الإنسان الشاكر على معاناة السير في عكس اتجاه طبيعته، فالإنسان خُلق شحيحًا والأموال مُقدمة على الأنفس فكونه يعاني يوميًا من السير عكس هذا الاتجاه، وهذا يتطلب إنسانًا قادرًا وقويًا ويتحمل ويُضحى في كل يوم بنوع من التضحية كالمال أو بشيء من أماله، فثواب الصبر هنا: أنه يفعل شيئًا ضد طبيعته أو أنه يفعل أشياء يختنق بها باستمرار كما يختنق الفقير بما نزل به من مرض أو جوع.
ولفت إلى أن الحكمة في الابتلاء بالنوعين «الغني والفقر»، أن كلًا منها صبرا على الرغبة والشهوة وطبيعة النفس، فالفقير صبر على ألم حقيقى يتألمه نتيجة فقد شيء المال أو الجوع أو المرض، والغني يعاني من كيفية إخراج جزء من أملاكه يوميًا للمحتاجين، وهذه المعاناة لكلٍ منهما نطلق عليها «الصبر» الذي يحصل بسببه كلاهما على الثواب.
وواصل: اختلف العلماء والسلف قديمًا أيهما أفضل فقير صابر أم غني شاكر؟، فلا شك أن الاثنين في الجنة، وكثير من الأتقياء والصالحين يفضلون الصبر على البلاء بمعنى الفقد أي المرض أو الفقر عن غيره من الابتلاء بمعنى النعمة».
وأكمل: «وهذا ما عناه سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حينما قال: «بُلِينَا بِالضَّرَّاءِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فَصَبَرْنَا، وَبُلِينَا بِالسَّرَّاءِ فَلَمْ نَصْبِرْ»، موضحًا: أي كان الصبر على الضراء أسهل بكثير من الصبر على السراء.