لا يخلو بيت مصري من القهوة، التي تعد من أكثر المشروبات شعبية حول العالم، التي يحرص محبوها على تناولها باستمرار، لا سيما في فترات الاستيقاظ من النوم.
وبينما لا يولد الناس محبين للقهوة بفطرتهم، فإنهم مع الوقت يكتشفون مذاقها الخاص ومن ثم يتولد ارتباطهم بها، وتمضي تلك العلاقة قائمة ومستمرة على مدار سنوات وسنوات.
وربما لن يصدق كثيرون عند معرفة أن الماعز كانوا أول من ارتبطوا بالقهوة وليس البشر، ومن ثم بدأ يكتشف الناس مذاقها في أثيوبيا خلال القرن التاسع الميلادي.
وتشير تقارير بهذا الخصوص إلى أن رجلا أثيوبيا يدعى كالدي هو أول من اكتشف الأمر، بعد ملاحظته أن الماعز التي يربيها تتصرف بشكل مضحك في كل مرة يتناولون فيها مجموعة من حبوب القهوة اللذيذة، حيث يصيرون أكثر حيوية ونشاطا.
وسرعان ما اكتشف كالدي أن لحبوب القهوة فعالية خاصة بالفعل، وأنها المسؤولة عن زيادة حيوية وطاقة الماعز التي يربيها، ثم بدأ هو بتجربتها، ليصير بذلك أول شخص على وجه الأرض يكتشف تلك المزايا والفوائد المذهلة التي يقدمها الكافيين لجسم الإنسان.
ويقال، بحسب الروايات المتداولة، إن كالدي قام بعدها بإحضار حبوب القهوة لرجال دين محليين، سرعان ما نبذوها ورفضوا الاعتراف بها، وألقوا بها في النار، ليعجبوا فقط بالرائحة المنبعثة منها. لكن يقال أيضا إنهم وافقوا على تجربتها مرة ثانية، حيث قاموا بخلطها بالمياه لإنتاج أول مشروب قهوة في العالم، ومن هنا كانت البداية.
وبينما يصعب بشكل كبير تأكيد تلك الرواية المتداولة عن كالدي وطريقة اكتشافه للقهوة من عدمها، فإن الشيء المؤكد بالفعل هو أن أثيوبيا هي موطن القهوة، وأن بعض الأثيوبيين ربما كانوا يتناولون حبوب القهوة منذ قرون، وأن عشاق القهوة الأوائل كانوا يفضلون خلطها بالزبدة والدهون الحيوانية لإنتاج قضبان من البروتين الطبيعي.
ومن ثم بدأت تتلاشى موضة القهوة المحمصة حديثا بحلول القرن الـ 13، والفضل يعود في ذلك إلى العرب، فبمجرد اكتشاف المجتمعات الإسلامية لهذه الثمار الأثيوبية الرائعة، فقد سارعوا لنقلها للشمال ومن ثم جربوا طرق التخمير.
وبعدها ببضعة قرون، بدأت تظهر أول محلات للقهوة في العالم بكل من تركيا، بلاد فارس، سوريا ومصر، ومن ثم تحولت هذه المحلات لتصير محاور اجتماعية رئيسية، كما المقاهي اليوم. ولم تدخل القهوة أوروبا إلا بحلول القرن الـ 17، ثم بدأت في الانتشار.