قديمًا كان الأجداد والجدات يرددون دومًا على الأشخاص الذين يتصفون ببعض الصفات السيئة وتحديدًا النساء "أم قويق وغراب البين" اعتاد الجميع قديمًا من تداول الجملة دون معرفة ما تعنيه، وعلى مرّ الزمان نُقلت الجملة هكذا وتم تداولها كما هي "أم قويق" تطلق على السيدة التي تتصف بصفات سيئة أبرزها محاولة وضع الجميع في مشاكل وزرع الفتنة في المكان الذي تذهب إليه، ولم يختلف كثيرًا الأمر مع "غراب البين".
في السطور القليلة القادمة نكشف السر وراء انتشار جملة " أم قويق" وخوف المصريين منها وربطها دائمًا بالكوارث.
أم قويق والتي هي عبارة عن بومه صغيره لها صوت مميز، حتي اعتبره البعض طائرا ثرثارا، ويصف العامة السيدة الثرثارة بـ"أم قويق" تشبها بالبومة، وتعتبر البومة طائرًا لا يفضله الكثير من المصريين بالرغم من أنّها ذات شكل مميز، لكن لا يقضل المصريين مشاهدتها أو تربيتها، كونها فى الموروث الشعبى المصري نذير شؤم وخوف بينما تختلف رمزيتها في أوروبا تماما، منذ حملتها آلهة الحكمة أثينا على كتفها. ـ وسبقت مصر القديمة أوروبا في الاحتفاء بالبومة.
البومة في مصر القديمة كانوا يطلقون عليها تاووكت، كما أنّها كانت طائر رمسيس الثاني المفضل، إلي أن ضربته ذات يوم بجناحها على وجهه فكادت تفقأ عينه فغضب ونقم عليها، وربما تغيرت نظرة المصريين للبومة بعد هذه الحادثة،لكنها ظلت في الكتابة الهيروغليفية رمز حرف الميم، ما يشير إلي أن المصريين القدماء لم يعتبروها مصدر شؤم، بل فيما بعد اتخذها اليونانيون رمزا للنصر.
وفى الهند كانت رمزا للحكمة والمساندة والنبوة ولكنها تغيرت فى العصور الوسطى وأصبحت رمزا للموت. وكانت عند الرومان أيضا رمزا للموت ويحكى أن موت يوليوس قيصر تم التنبؤ به برؤية البومة، كما ترمز البومة للموت لدي الإنجليز ويؤمنون أن تعليق بومة ميتة وتثبيتها بمسامير على واجهة باب البيت يبعد الموت عن أهله.
والبومة طائر ينام نهارا وينشط ليلا مُعتمدا على حاسة سمعه القوية، وعيناهِ الواسعتان تتمتعان برؤية حادة تساعده في اصطيادِ الفئران والأرانب وغيرها من الحيوانات الصغيرة. وريشه ناعم يتيح له طيرانا صامتا لاتحس به الفريسة.
ويقيم البوم عادة فوق أعالي الأشجار، والأماكن الخربة التي لا يرتادها الإنسان، ولا يراها الناس غالبا لكنهم يسمعون صوتها المخيف في الليالي المظلمة، وربما لهذا يعتبرونها نذير شؤم. وعادة مايحدث طائر البوم ضجيجه بعد التهام صيده وإحساسه بالشبع، ويصدر نعيبه بإلحاح، وبعض أنواعه لها صوت مميز، حتي اعتبره البعض طائرا ثرثارا، لكن وبالرغم من ذلك إلا أنّه لا يمكن الاستغناء عنها كونها حلقة أساسية في توازن الطبيعة، وربما لو علم الفلاحون حجم منفعته لهم لامتنعوا عن استخدام المبيدات شديدة السُمِّية، ولتغيرت نظرة المجتمع الريفي لهذا الطائر الذي يخلصهم من القوارض والزواحف، ولتحولوا من اعتباره نذير شؤم ليصبح فأل خير بأنظارهم.