أصدر ملتقى الحوار للتنمية وحقوق الإنسان تقريرًا حول ظاهرة حرمان المرأة من حقها فى الميراث، تحت عنوان «الحرمان من الميراث.. انتهاك اجتماعى لحقوق المرأة»، رصد خلاله الانتهاكات الحقوقية التى تتعرض لها المرأة المصرية فى بعض مناطق الصعيد.
وشدد الملتقى على أن تلك الانتهاكات تعد شكلًا من أشكال التمييز ضد المرأة، وظلمًا بيّنًا لها يتنافى مع كل الأديان والشرائع السماوية وكل المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
وأشار التقرير إلى أنه تم تجريم الامتناع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، أو حجب سند الميراث أو الامتناع عن تسليمه حال طلبه من أى من الورثة الشرعيين، إلا أن العادات والتقاليد والثقافة المجتمعية المتوارثة تقف حائلًا أمام نفاذ القانون فى المجتمع المصرى.
وقال: "يتطلب نشاطًا مكثفًا يستهدف الجانبين الثقافى والاجتماعى، حتى تتم محاصرة الظاهرة والقضاء عليها، موضحًا أن المرأة فى الصعيد محرومة من الميراث وفقًا للعادات والتقاليد السائدة فى المجتمع، وإذا فكرت فى أن تحصل على حقوقها التى شرعها الله لها، تكون قد ارتكبت إثمًا شديدًا وتصبح حديث الساعة فى القرى والنجوع".
وذكر التقرير أن بعض الدراسات كشفت عن أن نحو 95٪ من النساء فى محافظتى سوهاج وقنا لا يرثن، وفقًا للعرف والتقاليد التى لا تحبذ توريث المرأة خوفًا من استيلاء زوجها وأبنائها على الميراث الذى قد ينتقل بذلك إلى أشخاص أغراب عن العائلة، أو أن الفتاة لا يحق لها أى ميراث بعدما قام والدها بتعليمها وتجهيزها بكل شىء أثناء الزواج، بل إن بعص الآباء يتنازل لأبنائه الذكور عن ممتلكاته بعلم الإناث، محاولًا استرضاءهن أحيانًا ودون علمهن أحيانًا أخرى.
ولفت إلى أنه قد تستخدم بعض العائلات مع بناتها ما يعرف بـ«عرف الرضوى»، حيث تتم ترضية الإناث بمبلغ مادى عوضًا عن حقهن فى الميراث، وهناك كثير من الشواهد والحالات لسيدات تنازلن عن حقوقهن فى الإرث نتيجة ضغوط الإخوة والأم، مقابل مبالغ مالية زهيدة باعتبارها ترضية لهن.
وأشار التقرير إلى أنه وصل الأمر فى بعض قرى محافظة سوهاج إلى انتهاج مبدأ أن المرأة التى تطالب بالميراث تقتل، وأجرت وزارة العدل دراسة عام ٢٠٠٨ أظهرت أن نحو ٨ آلاف جريمة قتل تقريبًا ترتكب سنويًا ضد إناث وذكور بين أفراد الأسرة الواحدة بسبب الميراث.
وذكر أنه رغم إدراك المجتمع خطورة ظاهرة حرمان المرأة من الميراث، ومخالفة ذلك أحكام الشرائع السماوية والمنطق البشرى، إلا أن الأنانية وحب الذات ما زالا يدفعان تجاه ممارسة هذا السلوك.
واستعرض التقرير نماذج لسيدات تنازلن عن حقهن فى الميراث وندمن، إذ كشفت دراسة أعدتها الدكتورة سلوى محمد المهدى، أستاذ علم الاجتماع المساعد بكلية الآداب بقنا جامعة جنوب الوادى، عن أن ٥.٥٩٪ من نساء عينة عشوائية من ٢٠٠ امرأة عاملات وغير ذلك، وحاصلات على مؤهلات مختلفة وغير حاصلات، محرومات من المطالبة بميراثهن.
وتبين أن ٥٧٪ من هذه النسبة طالبن بميراثهن مقابل ٤٣٪ لم يطالبن، لأنهن يعرفن يقينًا أنه من المستحيل حصولهن على ميراثهن، لأن تقاليد العائلة تمنعهن أو لأنهن سوف يخسرن أهلهن أو لأنه «عيب»، حيث يعتبر عدد كبير من عائلات الصعيد أن مطالبة المرأة بحقها الشرعى فى الميراث جرم شديد، وتتسبب فى مقاطعة الأهل لها ومحاربتها.
ورصد التقرير أسباب حرمان المرأة من ميراثها، وهى: الأعراف والعادات والتقاليد، والثقافة الذكورية فى المجتمع، والضغط النفسى وخوف الفتاة، وأن النساء يفكرن بعواطفهن لذا يجدن أنفسهن أمام خيار صعب، إما اختيار طريق المطالبة والمحاكم وإما عدم المطالبة بحقهن الذى شرعه الله، إضافة إلى الجهل وضعف الوازع الدينى والطمع المادى والتسلط والاستبداد لدى بعض الرجال، والتنشئة الخاطئة وتقصير بعض الأئمة ورجال الدين.