مع دخول الصراع العسكري في ليبيا مرحلة فاصلة، يتكاتف الحراك الدولي لوقف القتال ففي موسكو عقد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قمة مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حظيت خلالها الأزمة الليبية بحيز كبير على طاولة المباحثات، بوتين خلال المؤتمر الصحفي للقاء حذر من خطر نقل المرتزقة من سوريا إلى ليبيا كما دعا إلى وقف إطلاق النار فيما أعلنت ميركل أن أمام الأطراف الليبية فرصة لإنهاء أزمة البلاد خلال مؤتمر برلين.
سباق مع الزمن خاضته ألمانيا لتوفير شروط النجاح لمبادرة ميركل بشأن ليبيا، ومع اعلان البيان الختامي لمؤتمر برلين تصاعدت وتيرة ردود الأفعال خاصًة من جانب أوروبا التي تخشى من تحول ليبيا إلى سوريا آخرى وتريد كذلك خفض تدفق اللاجئين على حدودها بعد أن استقبلت في السنوات الأخيرة مئات الألاف من المهاجرين الفارين من النزاعات في الشرق الأوسط.
فهل نجح مؤتمر برلين في فرض ضغط دولي على الأطراف الداخلية لوقف الصراع بالفعل؟ وهل ستلتزم تركيا بما أقرته قمة برلين؟ وما موقف الاتحاد الأوروبي من الصراع الدائر بين فرنسا وإيطاليا على الأراضي الليبية؟ وهل نجحت ألمانيا في خفض "زفير الحرب" الطاحنة في طرابلس.
حصار الأطماع التركية
أكد عبد الستار حتيتة، الباحث المتخصص في الشان الليبي، أن فرص تنفيذ مخرجات مؤتمر برلين الخاصة بنقطة حظر تصدير السلاح في ليبيا على أرض الواقع هذه النقطة تعد مرهونة ما يمكن أن تتوصل إليه البعثة الأممية بفرض القيود على الدول التي تخرق حظر تصدير السلاح وتهريب الأسلحة والمقاتلين إلى ليبيا وتركيا في المقام الأول حيث تعد الدولة الوحيدة التي تخرق تخرق هذا الحظر وترسل أسلحة ومقاتلين إلى العاصمة الليبية طرابلس.
واشار إلى أن لجنة 5+5 العسكرية التي ستجتمع في جنيف نهاية هذا الشهر ستبحث هذا الأمر لتفعيل اتفاق حظر التسليح ومنع إرسال وتدفق مقاتلين أجانب، مؤكدًا أنها مرهونة بالضمانات التي يمكن أن تقوم بها وتقدمها البعثة الأممية خلال التلويح بورقة العقوبات على أي دولة تخترق هذا الحظر ولكن ربما يصعب تنفيذ هذا الأمر في ظل الحالة التي تعيشها ليبيا من سيطرة بعض الميليشيات المسلحة على منافذ برية وبحرية وجوية تمكنها من ادخال أسلحة ومقاتلين في أي وقت.
وحول رد الفعل الأوروبي عقب تصريح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، أكد الباحث المختص بالشأن الليبي، أن الموقف الأوروبي يعد الوحيد القادر على ردع تحديدًا التدخلات التركية، فورقة العقوبات الأوربية من شأنها أن ترهب أنقرة وتجعلها تتراجع عن قرارتها بإرسال قوات أو مقاتلين أو أسلحة أو الطائرات المسيرة إلى ميليشيات طرابلس المسلحة الداعمة لحكومة الوفاق.
وشدد على أن هذه الورقة من الممكن أن تكون فاعلة إذا قررت فرنسا وإيطاليا الانضمام إلى ألمانيا لإرسال هذه التهديدات إلى الجانب التركي، مما يجعل تركيا تتراجع، مدللًا بكلامه على ما قام به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال فرض عقوبات مشددة على تركيا عندما أقدمت على غزو الشمال السوري.
وحول التحضير لاجتماع آخر ستعقده برلين، أكد أن الاجتماع المقبل سيكون مطلع الشهر المقبل على مستوى وزراء خارجية الدول المنخرطة في الأزمة الليبية أو بالأحرى الدول التي شاركت في اجتماع برلين، وسيتم من خلاله بحث ردود الأفعال حول البيان الختامي لمؤتمر برلين وما ستنتج عنه اجتماعات برازفيل واجتماع جنيف والاجتماعات الداخلية بين الأطراف الليبية وتحديدًا اجتماع بين القبائل الليبية بين وزراء الخارجية لبحث هذه التحركات وهذا الحراك السياسي وامكانية العمل على المساعدة في تفعيل مخرجات مؤتمر برلين عبر نقاط واضحة ومحددة ووضع ضمانات كافية لتنفيذ وتفعيل هذا الاتفاق والعمل على تشكيل اللجنة الدولية التي ستعمل بشكل شهري على إصدار بعض التقارير حول من يحاول خرق مؤتمر برلين أو إرسال أسلحة إلى ليبيا.