«القعيد»: واقعة مخزية وقتل للفن.. والقانون غائب
«شومان»: حزنت من المصيبة وخيبة الأمل.. والأمر كارثى
«سعدالدين»: الحادثة الأولى من نوعها.. والمسارح أصبحت بيوتًا للأشباح
«الشرقاوى»: والدى لا يعلم.. والإدارة هى المسئولة
السناتر التعليمية سلاح فتاك يدمر أجيالا، ولم يكتف بذلك بل إنه يحتل المسارح أيضًا، فلأول مرة فى تاريخ المسرح المصرى منذ إنشائه، يتحول لقاعة دروس خصوصية لطلاب الجامعات، فمن هنا تحول المسرح من منبر للفن وتصدير القوة الناعمة للعالم إلى سنتر تعليمى، وهذا ما شاهده مسرح المخرج الكبير جلال الشرقاوى فى الأيام القليلة الماضية، وكان قاعة تعليمية لطلاب كلية الحقوق الفرق الأولى جامعة حلوان، وكل هذا رغم الصراع الذى عاشه جلال الشرقاوى مع الدولة ووزارة الثقافة المصرية للحفاظ على هذا المسرح، حيث حصلت جريدة "بلدنا اليوم" على مستندات وصور للمحاضرات داخل مسرح الفنان جلال الشرقاوى، وجدول حضور المراجعات أيضًا مما جعل الجريدة تتحرى الأمر وتحاول كشف تفاصيل الواقعة.
تواصلنا مع النائب والكاتب الكبير يوسف القعيد، الذى أكد أنه ليس لديه أى فكرة عن امتلاك المخرج جلال الشرقاوى للمسرح حتى هذه اللحظة أم تركه، مشيرًا إلى أن تحويل مسرح أيا كان ملكية خاصة أو عامة إلى سنتر تعليمى هذه الواقعة الأولى فى التاريخ، وهذا خطأ للغاية وقتل للفن والثقافات ويجب ألا يستمر.
وأضاف القعيد، عضو مجلس النواب، أن هذه الواقعة مخزية للغاية وهى الأولى فى حدوثها وللأسف لا يوجد قانون يعاقب من يفعل ذلك الأمر، وسوف أطرح ذلك الأمر على أعضاء مجلس النواب فى جلسة يوم 26 يناير المقبل، لطرح قانون يجرم تحويل المسارح إلى سناتر تعليمية أو استغلالها فى هذا الأمر على الإطلاق.
وحاولنا التواصل مع المخرج الكبير جلال الشرقاوى لتوضيح حقيقة الأمر، إلا أنه لم يستجب للمحاولة فقمنا بالتواصل مع نجلته الفنانة المعتزلة عبير جلال الشرقاوى، وأكدت أنها ليست على دراية تامة بما يحدث فى المسرح بالوقت الحالى لأنها ليست مسئولة عنه ولا تعمل به وأن المسئول الأول هو والدها المخرج جلال الشرقاوى وإدارة المسرح التى تديره وتتحكم به فى حالة غياب والدها وعدم تواجده بالمسرح.
وأضافت عبير، أن هذا من الصعب أن يحدث لأن المخرج جلال الشرقاوى تاريخه الفنى لا يسمح له بذلك الأمر، فهو دخل فى صراع مع الدولة لفترة كبيرة للحفاظ على مسرح جلال الشرقاوى فكيف له أن يحوله إلى سنتر تعليمى فإن حدث ذلك الأمر بالفعل فتكون هنا الإدارة هى المسئولة بشكل كامل لأنهم سيكونون تصرفوا دون علم والدى رئيس المسرح.
كان لنا لقاء مع أحد الطلاب الذين حضروا محاضرات الفرق الأولى لكلية الحقوق جامعة حلوان والذى أكد أن مسرح الفنان والمخرج جلال الشرقاوى تحول إلى سنتر تعليمى لجامعة حلوان، ورفض ذكر اسمه حتى لا يضطهده معيد المادة التى كان يلخصها لهم فى أربع محاضرات داخل المسرح بسبب كبر عدد الطلاب واكتفى بذكر حرفين فقط لتشابه اسمه مع عدد من طلاب الدفعة وهما "أ. م".
وأضاف "أ.م"، أن الفرقة الأولى بكلية حقوق حضرت محاضرات فقط لتلخيص المنهج داخل مسرح جلال الشرقاوى وكانت المحاضرات بها عدد كبير من الطلاب ولا يسعهم سوى المسرح أو قاعة سينما لكى تستوعب العدد المطلوب ولا أعلم أن باقى الفرق حضرت أم ماذا فأنا لم أحضر سوى مع فرقتى فقط وحصلت على الملازم وغادرت.
وفى سياق مختلف، تواصلنا مع الناقدة الفنية حنان شومان التى أكدت أن تلك الدروس لا علاقة لها بجامعة حلوان، ولكنها دروس خصوصية للطلاب بغرض جمع المال، فهذا يدل أن المسرح يؤجر إلى المعيدين، فأنا أشعر بالحزن وخيبة الأمل والمصيبة، لأنه منذ سنوات تصارع المخرج الكبير جلال الشرقاوى مع محافظ القاهرة بسبب هذا المسرح؛ لأنه كان تحت شعار أن الدولة تهدم المسارح وأغلب الإعلام تعاطف مع جلال الشرقاوى وقتها ضد محافظ القاهرة، لأن إغلاق مسرح يوازى إغلاق مدرسة.
وأضافت شومان، فإذا كان المخرج جلال الشرقاوى قام بتحويله إلى قاعات تعليمية للدروس الخصوصية، فهذا أكبر دليل أن أوضاع المسرح تحولت 360 درجة، فهذا يدل أن مصر الآن لا يوجد بها مسرح، وهذا جزء من العشوائية التى ضربت الفن فى الفترة الحالية، فكل ما فى الفن عشوائى من الغناء إلى الدراما والسينما وأخيرًا المسرح.
وتابعت شومان: الفن النقى أصبح يأتى صدفة فالقبح جزء من العشوائية، وإذا تحول مسرح إلى جزء من السناتر التعليمية بغرض كسب المال أو جمع أموال فاتورة كهرباء المسرح لتسديدها فهذا شىء كارثى لا يسمح به على الإطلاق، مشيرة إلى أنه لا يوجد قانون داخل وزارة الثقافة يجرم ذلك الأمر، لأنها الحادثة الأولى من نوعها، وهذا شىء نادر ولكن عمومًا بغض النظر عن القانون، بعد نشر هذا الموضوع أكيد وزارة الثقافة ستفتح تحقيقات فى هذا الأمر وسيحاسب المسئول أيا كان من هو.
وواصلت شومان، أن محافظ القاهرة كان يريد الحصول على مسرح جلال الشرقاوى بحجة أنه لا يوجد به مواصفات الحماية المدنية وظل الصراع أكثر من 6 أشهر فأنا أتعجب أنى أعيش حتى أجد مسرح جلال الشرقاوى يتحول إلى سنتر تعليمى، فمن المسئول عن هذا جلال نفسه أم إدارة المسرح، فكلنا دافعنا عن مسرح الشرقاوى لأن المسارح بؤر تنويرية، فأنا ندمت أنى دافعت فى يوم ما عن مسرح جلال الشرقاوى بعد تحويله لسنتر تعليمى، وهذا بسبب عدم نهضة المسرح داخل مصر.
وفى ذات السياق أكد الناقد الفنى أحمد سعد الدين، أنه مصدوم عندما سمع ذلك الأمر، فكيف لتاريخ مخرج كبير مثل جلال الشرقاوى أن يفعل ذلك الأمر، مشيرًا إلى أنه من المؤكد أن جلال الشرقاوى لا يعلم شيئا عن تحويل مسرحه إلى سنتر للدروس التعليمية، فجلال الشرقاوى رمز من رموز المسرح المصرى ولا يقبل من يهين المسرح بأى شكل من الأشكال فكيف يهينه هو؟
وأضاف سعد الدين، أن انهيار المسرح المصرى هو من يتسبب فى تلك الحوادث التى أصبحت تظهر لأول مرة فى تاريخ المسرح المصرى فى وقتنا هذا الوقت الذى قتل به المسرح المصرى بالفعل، فأين المسرحيات الجديدة التى تعرض للجمهور ويستمتع بها، فكل 10 أعوام نجد مسرحيتين جديدتين فقط مع تجديد المسرحيات القديمة مثل مسرحية "الملك لير" التى يقدمها العملاق يحيى الفخرانى، فأنا صدمت من فكرة استغلال مسرح فنى فى سنتر تعليمى، وأنا كنت أعلم أن هذا الأمر بالطبع كان سيحدث لأن المسرح الخاص لا يكسب المال والدولة تريد منه مستحقاتها، فكيف لهم أن يسددوا فواتير الكهرباء والمال ومرتبات الإداريين بالمسرح.
واختتم سعد الدين، أن جميع المسارح الخاصة منهارة الآن فكيف لهم أن يأتوا بالمال، فمن الممكن أن نشاهد مسرح "الزعيم" وكيف أصبح حاله، فهو كان مكانا مهجورا وأحياه محمد رمضان بمسرحيته لفترة، ليعود المسرح مهجورا مرة أخرى ولا يستخدم على الإطلاق ليقتل الفن المسرحى بمصر.