بعد الصفعة المفاجئة التي تلقتها حركة النهضة التونسية، برفض البرلمان للحكومة التي اقترحتها برئاسة الحبيب الجملي، طار زعيم "النهضة" راشد الغنوشي على عجل، ليلتقي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في اجتماع مغلق بزيارة لم تكن معلنة، مما أثار حالة من الغضب عبّر عنها تونسيون عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
فبالرغم من أن أهداف الزيارة وما دار فيها لم يتم إعلانه بشكل واضح، فإن توقيتها كان كفيلا بإثارة غضب التونسيين.
فقد التقى الغنوشي حليفه الرئيس التركي مباشرة بعد الفشل السياسي الذي لحق بحركته، مما اعتبره البعض إشارة على تحكم أردوغان بمجريات الأحداث وولاء الغنوشي وتبعيته له.
وفي هذا السياق، نشرت مستخدمة في تويتر، تدعى مها بوسليمي، تغريدة قالت فيها: "الغنوشي في تركيا دون سابق إعلام. هل أصبح زعيم حركة النهضة ورئيس مجلس نواب الشعب مخبرا عند أردوغان؟!!".
وأثارت في تغريدتها مجموعة من التساؤلات، قائلة: "أليس من حق النواب مساءلته وهم يجهلون هذه الزيارة؟، هل هي زيارة دولة غير معلنة أم هي زيارة شخصية؟!!، ألا توجد قوانين وأعراف تنظّم مثل هكذا زيارات؟!!، ألا يمكن اتهامه بالتخابر؟".
تغريدة أخرى من مستخدم يدعى عبد الفتاح بن عطية، اعتبر فيها أن الغنوشي يحاول الاستفادة من تجربة حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان.
وقال: "لا شك أن زيارة الغنوشي لتركيا ولقاءه المغلق مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان جاء بعد دعوة رسمية من الأخير، لكن حركة النهضة ممثلة في زعيمها تلتمس وصفة لحل معضلة تشكيل الحكومة، تستشفها من تجربة العدالة والتنمية!".
أين العلم؟
من جانبه، تساءل المستخدم محمد ناعم الحاج منصور، وهو "كاتب وناشر وصحفي استقصائي"، عما إذا كانت تونس قد تحولت إلى "مقاطعة تركية".
وقال في تغريدة: "مباشرة بعد فوز حركة النهضة في الانتخابات التشريعية 2019، سافر رئيسها إلى تركيا عندما التقى بأردوغان وحينما غاب العلم التونسي فذاك طبيعي جدا، لكن أن يتحول مؤخرا رئيس مجلس النواب الغنوشي إلى تركيا لمقابلة أردوغان ويغيب العلم، فذاك مؤشر خطير".
مطالبات بسحب الثقة
ومع تصاعد التدخلات التركية وخضوع الغنوشي لها، طالب بعض مستخدمي تويتر بسحب الثقة من رئيس البرلمان.
وقالت المستخدمة "مايسا بن عائشة"، إنه نظرا لزيارة الغنوشي لتركيا، ...، "في اليوم التالي لسقوط الحكومة للقاء أردوغان ومعاونيه من تنظيم الإخوان الإرهابي"، فيجب "محاكمته بتهمة التخابر مع جهة أجنبية".
وأضافت: "كما يندرج ذلك في خانة الخيانة العظمى، وهو ما يوجب سحب الثقة منه فورا ومحاكمته".
أما المستخدمة على موقع فيسبوك، باسم "Takwa Takwa"، فاعتبرت أن الزيارة "تشجع على الاستثمار في تونس"، قائلة: "كل التقدير والاحترام للسيد راشد الغنوشي على المبادرة لمقابلة الرئيس أردوغان، وحثه على الطلب من رجال الأعمال الاستثمار في تونس".
زيارة الغنوشي.. و"تهاني السيارة التركية"
ويشير هذا المنشور إلى البيان الذي نشرته حركة النهضة تعليقا على زيارة الغنوشي لتركيا، الذي قالت فيه إن الزيارة تناولت التطورات التي تشهدها المنطقة، و"لتهنئة الرئيس أردوغان على السيارة التركية الجديدة".
وقال البيان: "دار بين الجانبين حوار حول التطورات الجديدة في المنطقة والتحديات التي تواجهها. وكان اللقاء مناسبة هنأ فيها الأستاذ راشد الغنوشي الرئيس أردوغان على السيارة التركية الجديدة، التي تعتبر نموذجا يحتذى للصناعات الوطنية".
وتابع: "وجدد رئيس الحركة دعوة الرئيس أردوغان إلى تشجيع رجال الأعمال الأتراك على زيارة تونس والاستثمار فيها، وبعث شراكات مع رجال الأعمال التونسيين بما يعدل الميزان التجاري بين البلدين".
وأثار هذا البيان موجة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي، وقال المستخدم على موقع فيسبوك، تميم محجوب: "ذهبت لتهنئه على سيارة؟، مصاريف وطيران ومجهود كي تهنئه على سيارة؟، كان بإمكانك أن تبعث له رسالة نصية أو تتصل به. لماذا الفساد؟".
وعلى صعيد الأحزاب، فلم تستوعب بعضها كيف يمكن أن تتحول مؤسسة البرلمان في شخص رئيس المجلس، إلى حالة تبعية لدولة أجنبية.
وذهب الحزب الدستوري الحر في تونس، إلى حد الدعوة إلى سحب الثقة من الغنوشي، موضحا في بيان، أنه يعتبر التصويت بأغلبية مريحة على إسقاط الحكومة، "بداية إيجابية للشروع في عملية إصلاح شامل للمنظومة السياسية".