العراق، أرض الفرات تلك التي تغلي منذ شهور وكل يوم هي في حال، ولكن انقلب الوضع رأسا على عقب بعد مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ونائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
جلسة طارئة
يعقد البرلمان العراقي، الأحد، جلسة طارئة لبحث الرد السياسي لحادثة مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ونائب رئيس ميليشيا الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس.
ويسعى نواب الكتل الشيعية إلى إقرار قانون إخراج القوات الأمريكية، وإلغاء اتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة بين بغداد وواشنطن.
متخصص: لن تحدث حرب عالمية ثالثة
ومن جانبه، قال الدكتور هاني سليمان المتخصص في الشأن الإيراني في تصريحات خاصة لـ "بلدنا اليوم" : "بعد مقتل سليماني فنحن أمام مرحلة جديدة، فلن تكون تلك المرحلة مثل قبل مقتله باعتبار أن ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية هي مرحلة جديدة واستراتيجية مختلفة نوعيا وجادة في تقليم أظافر طهران وضبط سلوكها وتأديبها سياسيا ودبلوماسيا بشكل يمكن أن تحمل رسالة مختلفة تماما ، لكن أعتقد أننا أمام سياسة مغايرة عن سياسة بومبيو وبولتون وتوليد الضغوط الداخل الإيراني أو عزل إيران دبلوماسيا فنحن أمام تحرك مختلف وهذا ما يجعل النظام الايراني في حالة ارتباك ويضع خياراته في الرد محل خلاف النخبة السياسية لأن الرد الأمريكي غير مأمون وهناك تحرك مختلف بشكل كامل".
وأضاف: "الشرق الأوسط هو مسرح العمليات والدول العربية تحديدا على اعتبار أن المواجهة بين واشنطن وطهران لن تخرج عن الساحة العراقية والساحة اللبنانية بشكل أساسي وقد تنضم لها اليمن وسوريا وغيرهما، لكن في العراق بشكل أساسي وفي لبنان ولذلك اعتقد أن الملفات ستصبح أكثر سخونة كرغبة أمريكية في زيادة الرغبات للضغط على طهران وعزلها وإخراجها من المشهد السياسي العراقي وفي المقابل تصعيد إيراني وإنقاذ ما يمكن إنقاذه ومحاولة حسم الأمور داخليا من خلال الميليشيات الخاصة بالحرس الثوري الإيراني والحشد الشعبي، فأظن أن الوضع بعد مقتل سليماني سيسمح بوجود مسارات أكثر عنفا وغير محمودة العواقب على اعتبار أن طهران ربما تستهدف المصالح الأمريكية أو خطف دبلوماسيين واستهداف مدنيين أمريكيين".
أما عن علاقة السعودية بما حدث، فقال المتخصص في الشأن الإيراني :"في ظني أن البعض يحاول زج المملكة العربية السعودية في المشهد، لمحاولة التأكيد بأن ما حدث لسليماني هو انتقام نتيجة الهجوم على أرامكو ولكن في ظني أن هذا الأمر ليس مرجحا لأن السعودية تحاول تهدئة الأمور على الرغم ما تبديه طهران من عداء وممارسات غير منضبطة بالمرة ولكن المملكة لطالما تعاملت مع هذا الأمر بحكمة وحرص شديد، ولكن في ظني أن قتل سليماني جاء لمحاولة اقتحام السفارة الأمريكية كما حدث عام 1979، لكن أمريكا كان عليها أن ترد عندما تعلق الأمر بالمصالحة المباشرة وهناك كان حديث كبير من أن سليماني كان يجهز بعض الأمور لحسم المعركة في الداخل العراقي واستهداف المتظاهرين وبعض الشخصيات".
وتابع "سليمان": "مصر تحاول طوال الوقت التأكيد على نشر السلام والدعوة إلى الاستقرار وعدم الانزلاق للخروج عن المسار، والموقف المصري قد دعا إلى تهدئة الأوضاع وضبط النفس والحل السلمي لكافة المشكلات وهذا موقف ليس بجديد عن مصر، ولكن إذا حدثت بعض التطورات في باب المندب فأعتقد أنه سيؤثر بشكل كبير على مصر على اعتبار وجود قناة السويس وحركة الملاحة والتجارة الدولية ستتأثر وهو ما سيعود سلبا على مصر بأي حال".
وأردف: "نحن بصدد الحديث عن حرب عالمية ثالثة وتهويل الأمور، فأنا أرى أن الأمور متوترة للغاية وقابلة للتصعيد وكافة السيناريوهات موجودة، لكن سيناريو الحرب العالمية الثالثة هو أمر مبالغ فيه باعتبار أن الحديث عنها ليس بهين، وحتى وجود حرب تقليدية هو قرار مؤجل وذلك رغم من أهميته الشديدة في حسم المعارك لكن سيكون عواقبها شديدة"
وأردف هاني قائلا: "إذا حدثت مواجهات ومناوشات فسوف يكون لها تأثير على أسعار النفط والذهب، فعندما يتعلق الأمر بالولايات المتحدة الأمريكية فسوف يكون له تأثيرات مباشرة على العالم".
أما عن موقف القوى الإقليمية والتحالفات من مقتل سليماني، فأوضح "سليمان": "الأمر يخص طهران وحدها وبعض الميليشيات التي دربها سليماني لكن باقي الدول من أمثال الصين وغيرها لا يخصها الأمر ولكن سيحاولون رأب الصدع وتهدئة الأمور".
وواصل: "سليماني شخصية لها مكانتها، فهو أحد أدوات النظام الإيراني ومكانته لا تقل عن روحاني والمرشد الأعلى، لكن في ظني أن الأمر لن يتوقف أو يسقط النظام الإيراني بمقتله والدليل بتعيين نائبه فور مقتله".
واختتم: "ما حدث لسليماني يؤكد أن ترامب قد غير استرايجيته وتعامله مع الملف الإيراني، ولكن لا يمكن فصل ما حدث عما يحدث بالداخل الأمريكي ومحاولات عزل ترامب وربما تكون نقطة إيجابية في سجل ترامب في محاولة دعم موقفه في الانتخابات القادمة، وأرى أن ترامب بتلك الخطوة قد أثبت جدية وأعاد الهيبة الأمريكية، وبالمجمل فهي رسالة للديمقراطيين ولإيران".