"هتدفعوا كام ؟".. باتت تلك العبارة منتشرة في الوسط الإعلامي من جانب الفنانين، حيث أصبحت أول مايكون على ألسنة نجوم الفن أثناء الاتصال بهم وطلب استضافتهم في أحد البرامج، وفكرة حصول الفنانين على مقابل مادي من أجل الظهور على شاشات القنوات الفضائية ليست بالجديدة، لكن الأمر الذي يدعو للاستياء هو اشتراطهم مبالغ مالية ضخمة والتي تُعد تعجيزية في بعض الأمور، لدرجة أن وصل الظهور على الشاشات مقابل المال "سبوبة" جديدة ومصدر رزق، شأنها شأن مشاركته في الأعمال الفنية، ويؤكد النقاد على أن ظهور الفنانين في البرامج كان من أجل الشهرة الأكثر و"تلميع" صورته، لكن حاليًا بات من أجل الحصول على أجر كبير، وفي السوق الإعلامي وصل الأمر إلى المنافسة بين القنوات الفضائية على جذب الفنانين والفنانات جعلتهم يغلون من أجورهم بحسب قانون العرض والطلب.
وفي هذا الصدد تحدث رامى عبدالرازق، الناقد الفني قائلًا "بات الفنانين أكثر إعتمادًا على كسب المال أكثر من وقت سابق، من خلال استضافتهم على القنوات الفضائية، وأصبحوا يتعاملون مع أنفسهم على أنهم سلع تباع، وتحتاج الي ثمن، والفنان يرى أن استضافته في أي برنامج تزيد من نسبة الإعلانات وأن له حق في تلك الإعلانات".
وأوضح الناقد الفني، أن السبب شركات الإعلانات هي السبب الرئيسي في طلب الفنانين بمقابل مادى عالي، حيث أنها تدفع مبالغ ضخمة للفنانين من أجل الظهور، وبالتالي أصبح الأمر طبيعًيا، فلا يوجد فنان يظهرعلى شاشات التلفاز بدون أجر مادي عالي، ولكن هناك استثناء وحيد هو استضافته لسبب ترويج أعماله في هذه الحالة لا يطلب أجر".
وأضاف، "عبد الرزاق" ، أن الفنان يرى الحديث عن حياته الشخصية شئ محبب للجمهور وفي هذه الحالة يشترط مقابل، والسبب في انتشار الأمر هو قلة الأعمال السينمائية والدرامية، مشيرًا إلى أن الممثل في التسعينات كان يشارك في أكثر من 5 أعمال في السينما بجانب مشاركته في الدراما والمسرح، لكن حاليًا أصبح الفنان لا يشارك في أعمال بالسنتين وأكثر، لذلك يلجأ للظهور في البرامج أو الإعلان من أجل زيادة دخله.
وأشار "عبد الرازق" إلى أن الكثير من النجوم في الماضي كانوا مرتبطين بالفن ويتسثمرون أموالهم وأوقاتهم في الأعمال الفنية، مثل فريد شوقي ومحمود المليجي ونور الشريف كان لديهم شركات إنتاج، لكن حاليا الممثل يستثمر أمواله في البيزنس الخاص.
وتابع "عبد الرازق" حديثه عن المخاطر التي تترتب على هذا الأمر قائلًا: "الأمر كارثة خطيرة لا يعلمها الفنان، لأنه لايخلد في التاريخ فإن الأفلام والمسلسلات والأعمال الفنية بشكل عام هي التي تحفر في أذهان الجمهور، وليست نهائيًا البرامج هي التي تُذكر، وذلك لا يعني أن الممثلين قديمًا كانوا لايظهرون في برامج، بل كانوا متواجدين للهدف الأساسي ويشعرون بأنهم ذات قيمة ثقافية، لكن حاليا اختلف تمام " تعالى يا فنان اشرب شاي والعب معانا شوية" على حد قوله".
وأكد "عبد الرازق" على ضرورة أن لانحمل الفنان المسئولية وحده، فكل الأطراف مسؤولة، لأن القنوات مرتبطة بالإعلانات والمعلنين يشترطون نجوم، لأنه لا يتحمل أجر الفنان في الإعلان، لكنه يستطيع دفع مقابل ظهوره في برنامج، وهذا بالنسبة له أوفر، وتقع المسئولية على الفنان، لأنه حول نفسه الي سلعة معروضة من أجل الظهور، وأيضًا مسئولية شركات الإنتاج والمنتجين وصناع الدراما بشكل عام بسبب قلة عدد إنتاج الأعمال ومشاكل الانتاج والتوزيع، وينعكس ذلك على أن الفنانين يحتاجون إلى مصادر دخل أخرى فيتجهه إلى البرامج، مضيفًا وظهور القنوات العربية له دور في تلك الظاهرة، التي بدأت مع الفضائيات العربية الكبيرة ومنها إلى القنوات المصرية، وأصبح أمر معتاد أن يستضاف الفنان مقابل الأموال، ومشيرًا أن برامج المقالب لا تعيش في أذهان الجمهور، لكنها تدفع أعلى مبالغ للفنان.
استطرد حديثه عن دور نقابه الإعلاميين: بقوله " أن دور النقابات متدني للغاية وفي النهاية الممول الأساسي للنقابة هم الممثلين، فتحول دور النقابة مقتصر على العزاء والمرض فقط، بدلًا من أن تكون مشرف على المنظومة كلها، والنقابة مرتبطة بالسينما والتمثيل لكنها أصبحت دار مناسبات كبيرة".
واختتم رامي عبدالرزاق حديثه قائلًا: "الأمر أصعب على القنوات الفقيرة والتي أصبحت كالمتسولين و تعمل على "تنجيم" شخصيات ليس لها علاقة بالفن نهائيًا، وفتيات الإعلانات قائلا:"فتحت مرة برنامج مستضافين فتاة في البرنامج عشان جملة سوبر لايت يا حبيبي لايت".
وفي ذات السياق أكد طارق الشناوي، الناقد الفني، أن الأمر ليس جديدًا على الساحة الإعلامية، فالقنوات الفضائيات التي ظهرت على الساحة في نهاية التسعينات وبداية القرن الواحد وعشرين، أصبحت تشكل مصدر رزق قوي للفنانين، وخلقت منافسة على ظهور الفنانين، وبدأت في التهافت عليهم وتحول الأمر الي مزاد علني، أرى أنه يجب تقنين الظهور في البرامج كونها بعدنا أصبحت مصدر دخل إضافي، كما أن الفنان الذكي لا يظهر كثير في القنوات الفضائية لأن ذلك هيأثر سلبيًا على سعره ،لأن جزء من قوة السعر يرتبط بقانون الندرة أي التواجد القليل والظهور على فترات.
وأضاف الشناوي أن القنوات لاتمتلك ماتقدمه كمادة للجمهور، لذلك تستخدم تلك الأساليب لزيادة نسب المشاهدة ورفع مستوى الإعلانات، حيث أن طلب النجم مبلغ مادي ضخم، يرجع لسوق العرض والطلب هو القانون السائد في القنوات الخلجية والمصرية مؤخرًا فمقابل أن يحكي عن تفاصيل في حياته الشخصية يحصل على نسبة من الإعلانات وثمن للظهور".
وعن دور النقابة قال طارق الشناوي: "نقابة الإعلاميين ليس لها الحق في توقف تلك الظاهرة لأنها متواجدة في العالم كله وليس في مصر فقط، لكن في حالة الخروج عن الآداب تتدخل النقابات ويتم إيقاف المخطئ فورًا، لكن الحديث عن الحياة الشخصية لا يعني الخروج عن الآدب".
واختتم طارق الشناوي تصرحاته قائلًا: القنوات الفقيرة لاتمتلك إمكانيات أمام القنوات الكبيرة لذلك فهي تعيد إذاعة البرامج المذاعة من قبل من أجل التواجد على الساحة وحفاظًا على ظهورها.
أما ماجدة خير الله، الناقدة الفنية ترى أن مطالبه الفنان أجر مادى محدد حق له، والقناة عندما تدفع للنجم أجر مادي ضخم هي تعرف أن مكسبها من الإعلانات سيرتفع بسببه ونسبة مشاهدة البرنامج سترتفع، فالفنان يعلم هذا الأمر أيضًا ويشعر بقيمته التسويقية كما أن المذيع والمخرج والمعد يحصلوا على أجر إذًا من حق الفنان اشتراط الحصول على مقابل معين لأن البرنامج قائم عليه، وذلك شئ متعارف".
وتابعت ماجدة خير الله:" كل فنان له قيمة وسعر حسب تاريخه وأعماله الفنية، كما أن القنوات الخلجية مثلها مثل أي قناة تريد أن تكسب وتربح، لذلك هي تستضيف الأشخاص أصحاب القيمة والتاريخ فني الثقيل، وتستطيع أن تدفع الملايين للعديد من الممثلين، كما أن النقابة ليس لها علاقة بذلك لأن ذلك يقوم بالإتفاق بين الممثل والبرنامج، وكل فنان له قيمة تسويقيه معينة، مثله مثل لاعبي كرة القدم".