كشف مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، الذي يعد أول مهرجان سينمائي في تاريخ المملكة العربية السعودية ويقام بمدينة جدة، عن الإحتفاء بالمصور الفوتوغرافي والسينمائي السعودي الرائد صفّوح نعماني "1926 - 2016" في الدورة الأولى للمهرجان "مارس 2020".
ويعرض المهرجان للجمهور للمرة الأولى فيلمًا تسجيليًا نادرًا لـ صفّوح نعماني عن رحلة الحج من إنتاج سنة 1963م، أضافة إلى عرض فيلم يدمج لقطات سينمائية لمدينة جدة لم يسبق عرضها اتخذت بكاميرا المصوّر الشخصية في الفترة بين 1954 الى 1968.
يشار إلى أن فيلم "الحج الى مكة" صُوّر بتصريح رسمي في موسم حج 1963، وهو فيلم تسجيلي ملوّن، مدته 35 دقيقة، وقام منتجه بتحميضه في معامل "وليم بالمر فيلم" في سان فرانسيسكو، وكرس فيه المصوّر خبرته في معرفة أدق تفاصيل مكة الجغرافية ليقدّم وثيقة محلية غير استشراقية لرحلة قدوم الحجاج الى مكة، تميزت بالمشاعر الإنسانية، وبالتركيز على إلتقاط المناظر الطبيعية والجمالية وإبراز الطقوس الدينية.
وقال مدير المهرجان، محمود صباغ : "هذا الإكتشاف يعيد كتابة تاريخ السينما الوطنية في بلادنا؛ ان اكتشاف فيلم متكامل الأركان والصناعة يعود تاريخ إنتاجه الى عام 1963، حتمًا يضيف عنصرًا أصيلًا لقصة السينما السعودية عبر اضافة فيلم يندرج ضمن سلسلة الأفلام التأسيسية.
كما يقدم المهرجان للجمهور لأول مرة بانوراما سينمائية عن مدينة جدة تتراوح تواريخ تصويرها من عام 1954 إلى 1968، تعود للمجموعة الفيلمية الخاصة بالمصوّر نعماني، التي صورها بكاميرات 16 مللم شخصية، وهي تنطوي على مشاهد نادرة توثق تاريخ التحولات العمرانية والحضرية التي عاصرتها المدينة خلال عقديّ الخمسينات والستينات الميلادية.
وقامت مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، بتحميض وترميم خمسة شرائط خام تعود للمصوّر نعماني، في أحد المراكز المتخصصة بميونخ بألمانيا، ومن ثم قامت إدارة المهرجان بتنسيقها ودمج مختاراتها في فيلم قصير تتراوح مدته نصف الساعة، سوف يكون جاهزًا للعرض أمام الجمهور للمرة الأولى في مارس المقبل.
وتشمل مضامين فيلم "لقطات من جدة" بين أجواء احتفالات الأهالي بعودة جلالة الملك سعود سالمًا من رحلته العلاجية بالخارج عام 1954، ونصبهم لأقواس النصر، إلى التقاط الحياة التجارية اليومية في مرفأ جدة.
وتتنوع لقطاته البانورامية ما بين لقطات نادرة لواجهة المدينة البحرية على امتداد ميناء البنط القديم، وأخرى لساحة البيعة وفندق جدة بالاس وعمارة باخشب. كما يحتوي الفيلم على لقطات نادرة لهدميات شق الشارع الجديد “شارع الذهب” في عام 1964.
ويقارب الفيلم بين لقطات للبيوت التراثية في حارتيّ الشام واليمن بأخرى بانورامية لحارة البحر وشارع الملك عبدالعزيز بمبانيهما الإسمنتية الحديثة، وبين لقطات لساحل الصيد في ضاحية الرويس وبيوت السعف، مقابل الفيلات الفارهة حديثة البناء على طول طريق مكة القديم خارج سور البلدة التاريخي.
وقال مدير المهرجان محمود صباغ: "إننا نضيف الى الدرس التاريخي، ونحقن رواية توسعات المدينة وقصة تحولاتنا الشعبية، بوثائق بصرية أصيلة نادرة، أجاد المصوّر الراحل صفّوح نعماني في التقاطها، كأنما يعلم ويستشرف حضور مثل هذه اللحظة حيث تعرض شهادته لأول مرة للأجيال اللاحقة".
ويعتبر صفّوح عزّت نعماني، احد رواد التصوير الفوتوغرافي والسينمائي في جدة، انطلق أولًا في بيع كاميرات ومعدات التصوير عن طريق التجزئة منذ عام 1952 في متجر عائلته "محلات النعماني" الواقعة على شارع الملك عبدالعزيز التجاري، ثم استقل في "استديو صفّوح" الواقع في عمارة عبدالله الفيصل، حيث كان يصور البورتريه الشخصي ويحمّض الأفلام.
وتأتي جهود ترميم أعمال صفّوح نعماني وإخراجها للجمهور المحلي كجزء من مهام مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي، للحفاظ على التراث السينمائي المحلي واحياءه، والى جهودها في تقديم روايات متنوعة أصيلة ومتفرقة عن التاريخ السعودي الحديث.