الوضع هادئ للغاية، لا صوت يعلو فوق أصوات الترانيم المنسقة المريحة، ولا ضوء فوق أضواء المصابيح الصغيرة التي تضيء المكان، فهناك من يجلس راجيًا متعبدًا لربه، وعلى مرمى البصر يسند الآخر ظهره إلى الحائط تائها في تلك العلاقة الطيبة التي جمعته مع خالقه في هذا المكان المقدس.
المشاهد سالفة الذكر، تعودنا على رؤيتها في تلك الأماكن المقدسة ودور العبادة، ولكن ما بين الحين والأخر تنقلب هذه الأجواء الجميلة رأسًا على عقب، بسبب وقوع الحرائق واشتعال النيران، فتلك الكاميرا التي رصدت هذه اللقطات السابقة، وثقت أيضًا اللحظات المأساوية وقت التهام النيران في داخل الكنائس والتي تنتهي بالرماد الذي يترك لنا ذكرى مأساوية نعيش على صددها.
ففي ثلاثة أيام تقريبًا، حاولت النيران أن تجعل لنا ذكرى في حريق الكنائس بمحافظتي القاهرة والدقهلية، ولكن قوات الحماية المدنية كانت لها رأيًا أخر في هذه المأساة التي أرادت النيران صنعها، حيث اندلع حريقان في كنسية حلوان والمنصورة، واللتان حملتا اسم "مارجرجس"، حيث كانت أسباب الحريق متقاربة، لكنها لم تسفر عن أي ضحايا، ففي تلك السطور التالية، يستعرض بلدنا اليوم تفاصيل حرائق الكنيستين ووجه المقارنة بينهما.
كنيسة مارجرجس في حلوان
ليلة الأحد الماضي، وفي الساعة الثانية عشر ليلًا، التهمت النيران كنسية "مارجرجس" بحلوان، وعلى الفور دفعت الحماية المدنية بـ10 سيارات إطفاء للسيطرة على الحريق، و4 سيارات إسعاف تحسبًا لنقل المصابين إذا وجد، وبالفعل تمكنت الحماية المدنية من السيطرة، وعادت سيارات الإسعاف فارغة لعدم وقوع أي إصابات،
الكنسية التي حملت اسم "مارجرجس" بحلوان نشب الحريق في إحدى غرفها، وبدأ في التمدد خارجًا ولكن الأهالي ورواد الكنيسة من إخلائها ولم يسفر الحادث عن أي خسائر في الأرواح، وعلى الفور فرضت الأجهزة الأمنية كردونا أمنيا وجرى السيطرة على النيران.
بعد السيطرة على النيران ظلت أسباب الحريق مجهولة، حيث أصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بيانها قائلة إن الحريق، الذي اندلع بكنيسة الشهيد مار جرجس، التابعة لإيبارشية حلوان والمعصرة للأقباط الأرثوذكس، لم يسفر عن إصابة أي شخص إطلاقا.
وأشارت الكنيسة إلى أن أهالي حلوان يحتشدون للمساعدة في إخماد الحريق، ويساعدون رجال الإطفاء، وأنه جرى إخلاء منزلين بمحيط الكنيسة بسبب تصاعد الأدخنة وألسنة اللهب.
ومع إجراء التحريات الأولية لرجال مباحث القاهرة، تبين أن ماسًا كهربائيًا وراء حريق الكنيسة، وهذا ما أكده شهود عيان أثناء التحقيقات.
كنسية مارجرجس في المنصورة
امَّا اليوم وتحديدًا وقت الظهيرة اندلع حريقًا آخر في كنيسة حملت نفس اسم نظيرتها السابقة "مارجرجس" ولكنها في محافظة الدقهلية، بشارع بورسعيد في مدينة المنصورة، نشبت النيران في قاعة بالطابق الثاني وعلى الفور انتقلت قوات الحماية المدنية للكنيسة وسيطرت على النيران، ومنعت امتدادها لباقي محتويات الكنيسة.
وفي بيانٍ عاجل قال الدكتور سعد مكي وكيل وزارة الصحة في محافظة الدقهلية، إن الحريق الذي اندلع أسفر عن إصابة ٥ مواطنين.
وأوضح مكي، أن ٢ من بين المصابين من قوات الإطفاء، و3 من الأهالي، أحدهم أصيب بصدمة عصبية، والآخر جرح بسيط بالقدم والثالث جرح بسيط بفروة الرأس، وتم نقلهم جميعا للمستشفى الدولي بالمنصورة.
وبانتقال النيابة إلى مكان الواقعة لإجراء المعاينة، أكدت التحريات الأولية أن ماسًا كهربائيًا بالتكييف تسبب في الحريق، في مبنى الخدمات وقاعة المناسبات الملحقين بالكنيسة.
وأصدرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، بيانها منذ قليل، بشأن نشوب الحريق والذي أوضح أنه شب بقاعة المناسبات التابعة لكنيسة الشهيد مارجرجس بمدينة المنصورة والكائنة بالدور الثاني بالكنيسة ذاتها.
وأضاف البيان: "تمكنت قوات الدفاع المدني بمعاونة المتواجدين بالكنيسة من السيطرة على الحريق بشكل تام، مؤكدًا أنه لم يصب أي شخص من جراء الحادث".