حينما تذهب لشارع 26 يوليو بوسط القاهرة، تقع عيناك على مبنى طرازي يحكى أصالة ورونق فن العمارة، مبنى يعود تاريخه لعام 1937 يحكى فن عمارة الطراز الإيطالي الكلاسيكي، وينعكس ذلك على شكله وارتفاعه وحجم غرفه، ويشبه إلى حد كبير بالقصر، ألا وهو " دار القضاء العالي".
بعد اتفاقية "مونترو" تم إلغاء ما يسمى بالقضاء المختلط، وأصبح " دار القضاء العالي" رمزًا للقضاء المصري حتى يومنا هذا.
يحتضن دار القضاء العالي مقر عددًا من الهيئات القضائية كمكتب النائب العام ومحكمتا الإستئناف والنقض والنقابة الفرعية للمحامين بالإضافة لوجود عدد قليل من قاعات المحاكم ولا سيما قاعة عبد العزيز باشا فهمي المحامي والسياسي المصري الذي بعد رمزًا من رموز اعلام الحركة الوطنية في النصف الأول من القرن 20، وشهدت تلك القاعة العديد من المحاكمات المهمة والمفصلية في تاريخ مصر الحديثة، مثل النطق بالحكم في النقد المقدم من رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي، وستشهد القاعة ذاتها النطق بالحكم في النقد المقدم من الرئيس السابق حسني مبارك.
والجدير بالذكر أنه تم بناؤه في عهد أول رئيس للوزراء نوبار باشا عام 1937، ونقشت رسوماته الهندسية الخلابة على يد المهندس محمد كمال إسماعيل.
وكان هذا المبني قديمًا مقر لنادي الزمالك بقرار من المحامي البلجيكي " جورج مرزباخ" حيث رأى أن نادي الزمالك أصبح يتمتع بشعبية كبيرة، وذلك الكيان بحاجة لمكان أكبر فقام بنقله من القصر العيني إلى وسط البلد شارع 26 يوليو "دار القضاء" والتي كانت تسمى آنذاك بـ"المختلط"، ولكن في نوفمبر 1959 انتقل نادي الزمالك لمقره الحالي، وأصبح هذا المبنى " دار القضاء العالي" المقيم بشارع 26 يوليو الذي كان يمثل منطقة من بولاق الدكرور الذي حظيت باهتمام وافر من الخديو إسماعيل عندما خطط لـ"القاهرة الخديوية"، فكل شبر من تلك المنطقة له تاريخ ملئ بالأحداث مما يدل على عظمة وأثرية المنطقة
مكونات دار القضاء العالي
تعد أعلى محكمة في الدولة، أنشأت في 2 مايو 1931، أول رئيس لمحكمة النقض هو المستشار عبد العزيز باشا فهمي، في الفترة من 3/5/1931 حتى 1/5/1936، ويقال إن عبد العزيز باشا فهمي هو الذي اختار اسم محكمة النقض، وتمثل قمة الهرم القضائي، ومهمتها العمل على توحيد تطبيق القانون في المحاكم المصرية، فهي لا تعيد الفصل في المنازعات التي عرضت على المحاكم الأدنى منها، ولكنها تكتفي بمراقبة الأحكام التي صدرت من تلك المحاكم لمراقبة مدى اتفاقها مع القانون، ولكن تستطيع محكمة النقض أن تفصل في المنازعات، بصفتها محكمة موضوع لا محكمة قانون كما هو الأصل، إذا عرض عليها النزاع للمرة الثانية، وذلك وفقا للتعديل رقم 74 لسنة 2007 على المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959.
تعتبر من محاكم الدرجة الثانية، بمعنى أنه يحق للمحكوم عليه أن يتظلم أمامها من الأحكام الصادرة عن محاكم الدرجة الأولى (سواء الابتدائية أو الجزئية)، فيطرح دعواه أمامها مرة أخرى لتفصل فيه بإصدار حكم نهائي، وتختص محاكم الاستئناف بنظر الطعون على كافة الأحكام الصادرة في المواد المدنية، والجنائية العادية، وجنايات أمن الدولة.
تتكون كل محكمة استئناف من رئيس، وعدد كاف من النواب، ورؤساء الدوائر، والقضاة. وتقسم المحكمة إلى عدة دوائر، تضم كل دائرة منها 3 قضاة، وتختص الجمعية العامة لكل محكمة استئناف بتحديد عدد دوائرها وتوزع العمل فيها.
ومحاكم الاستئناف لا تنشأ إلا بقانون خاص يصدر بذلك. وتوجد فى مصر 8 محاكم استئناف، وتتوزع على: القاهرة، والإسكندرية، وطنطا، والمنصورة، وأسيوط، والإسماعيلية، وبني سويف، وقنا.
يحتضن دار القضاء العالي مقر فرعي لنقابة المحامين، يقدم عددًا من الخدمات لأعضائه بصفة خاصة المترددين على المبنى، والذي يلاصقه مقر النقابة العامة للمحامين بشارع رمسيس.
ودع القضاء العالي أمس أخر يوم في عامه الماضي، واليوم ينطلق بعام جديد 2019-2020 والذي يأتي مطلع شهر أكتوبر من كل عام، طبقًا لقانون السلطة القضائية.
وتعود جميع المحاكم للعمل بكامل طاقتها عقب انتهاء الإجازة القضائية التي ينظمها قانون السلطة القضائية، حيث تنص المادة 86 منه على أن: "للقضاء عطلة قضائية تبدأ كل عام في أول يوليو وتنتهى في آخر سبتمبر، وتنظم الجمعيات العامة للمحاكم إجازة القضاء خلال العطلة القضائية، وفى جميع الأحوال لا يجوز أن تجاوز مدة الإجازة شهرين بالنسبة للمستشارين ومن فى درجاتهم، وشهرا ونصف بالنسبة لمن عداهم".