وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بشأن إنشاء "صندوق مواجهة الطوارئ الطبية"، حيث جاء مشروع القانون في أربع عشرة مادة، بخلاف مواد الاصدار، ونص خلالها على أن يُنشأ الصندوق وله الشخصية الاعتبارية العامة، وأن يتبع رئيس مجلس الوزراء.
وأشار مشروع القانون، إلى أن الهدف من إنشاء صندوق مواجهة الطوارئ الطبية هو استدامة تمويل الخدمات المقدمة من وزارة الصحة والسكان للمواطنين في مجال الوقاية والعلاج والتأهيل، وعلى الأخص فيما يتعلق بالقضاء على قوائم الانتظار للمرضى ومنع تراكمها، بالإضافة إلى دعم شراء الأدوية، ومواجهة تمويل حالات الحوادث الكبرى والطوارئ وحالات العناية المركزة والأطفال المبتسرين والحروق، هذا إلى جانب ما يستجد من احتياجات لا تكفى الاعتمادات المالية المتاحة فى موازنة الدولة لتغطيتها.
إدارة الصندوق
كما يتولى إدارة صندوق مواجهة الطوارئ الطبية كل من مجلس الأمناء، ومجلس الإدارة، ومدير تنفيذي له، بحيث يشكل مجلس الأمناء برئاسة رئيس الوزراء وعضوية كل من وزير الصحة والسكان، ومحافظ البنك المركزي المصري، ووزير التعليم العالي، ووزير المالية، بالإضافة إلى ثلاثة أعضاء من الشخصيات العامة وذوي الخبرة يختارهم رئيس الوزراء، ويختص مجلس الأمناء برسم السياسة العامة للصندوق وإقرار الخطط الرئيسية المتعلقة بتنفيذها ومتابعة وتقييم عمل مجلس إدارة الصندوق، وله أن يتخذ ما يلزم من القرارات لتحقيق أغراضه وفقاً لأحكام هذا القانون.
مبدأ الصدقة
برلمانيون وخبراء اقتصاد أكدوا أن فكرة إنشاء صندوق خاص لكل شيء في الدول ليست مجدية، خصوصًا في ظل ما يتبعها من أزمات وعلى رأسها تعيين العمالة التي تعمل على الصندوق والتجاوزات التي تحدث في كثير من الأحيان، مشيرين إلى أن مصادر تمويل الصندوق سالف الذكر مبهمة.
قالت النائبة الدكتورة إيناس عبدالحليم، وكيل لجنة الصحة بمجلس النواب، معلقة على موافقة مجلس الوزراء على مشروع قانون بشأن إنشاء "صندوق مواجهة الطوارئ الطبية" إنه لا يصح أن تتم إدارة وزارة الصحة بمبدأ الصدقة، موضحة أن صندوق "تحيا مصر" قام بتغطية كل قوائم الانتظار التي كانت موجودة لدى الوزارة.
وأضافت وكيل صحة البرلمان، أنها طالبت في وقت سابق أن يكون هناك صندوق برئاسة مجلس الوزراء تضم تحتها كل التبرعات التي تصل إلى الدولة، موضحًا أن الأزهر له صندوق واحد رئاسة الشيخ أحمد الطيب وهو صندوق الزكاة، مبينة أن وجود صندوق مثل هذا يساهم في تقنين عملية التبرعات التي تصل بدلًا من أن تنفصل كل جهة بتبرعها.
فكرة مبهمة
وتابعت إيناس عبدالحليم، أن ذلك يساعدنا على تحديد الأماكن التي تحتاج إلى أموال ونصبها عليها بدلًا من كثرة الصناديق المنتشرة التي ينتج عنها أن هناك أماكن كثيرة يصلها الكثير من التبرعات وأماكن أخرى لا يصلها أي تبرع، مشيرة إلى أن فكرة صندوق الطوارئ مبهمة بالنسبة لها في ظل وجود صندوق "تحيا مصر".
وأكملت "عبدالحليم" أن من يقول بأن الحكومة أنشأت هذا الصندوق لتغطية تكاليف تطبيق التأمين الصحي الشامل، فهيئة التأمينات هيئة مستقلة وتعتمد مواردها على اشتراكات الأعضاء، إضافة إلى تأمين القطاع الخاص، كما أن الدولة تتولى الدفع عن غير القادرين، مبينة أن كل ما سبق اتصالات هي اشتراكات مدفوعة بالفعل وبالتالي فالموارد للقانون متوفرة.
وواصلت النائبة البرلمانية، أن هناك اتجاه حاليا لإلغاء الصناديق، موضحة أن مجلس النواب بدء في إلغاء الصناديق بالفعل، خصوصًا مع أزمة الصناديق الأخيرة ومطالبة العاملين عليهم بتعينهم، مبينة أنها ستنتظر حتى يصل البرلمان لتعرف هل سيتم الموافقة عليه بهذه الصورة أم سيجرى عليه تعديلات جديدة.
أمر صعب
فيما قال النائب عمرو الجوهري، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن كثرة الصناديق التي تنشىء أصبح أمر صعب للغاية، موضحًا أن الدولة لابد أن تعتمد على المؤسسات والوزارات الموجودة لابد أن تعمل وتؤدي دورها، مشددًا على رفضه كثرة وجود الصناديق في الدولة.
وأضاف الجوهري أن الصندوق لابد أن يكون له موراد واضحة وعلى هذا الأساس، مشيرًا إلى أن وزارة الصحة لها مخصصات في الموازنة العامة وفي حالة إذا لم تكفي هذه الموارد فإن وزارة المالية عليها أن توفر لها ماتحتاجه، إضافة إلى وزارة التخطيط، والصحة أيضًا التي يجب أن تقوم بدورها في هذا الجانب.
كثرة المشاكل
وتابع عضو اقتصادية النواب، أن فكرة الصناديق تحتاج إلى رقابة، والعمالة التي تأتي على الصناديق من مستشارين وغيره، وفي نهاية المطاف ينتج عنها الكثير من المشاكل على رأسها تثبيت هذه العمالة، ضاربًا المثل بالصناديق الخاصة التي عليها عمالة تصل إلى أكثر من 600 ألف عامل، فإذا انضمت إلى الموازنة سيكون من الضروري تعيين هذه العمالة وهنا تظهر أزمة الرواتب التي جيب أن توفرها الموازنة لهم.
وأكمل النائب البرلماني، أن الموظف على الصندوق ليس له حد أدنى ويعتمد على موارد الصناديق إذا حصلت إيرادات يأخذ روتبه وإذا لم تحصل أي إيرادات لا يكون له راتب، وبالتالي فإن كثرة الصناديق ينتج عنها مشاكل في نهاية المطاف، مؤكدًا أنه إذا كان لديك مشكلة في الصحة مثلًا فتستطيع أن تعالجها عبر توفير المال من الموازنة.
مأزق للدولة
وواصل أن ما يقول بأن الصندوق سيغطي التأمين الصحي الشامل فالتأمين له موراده، لكن المشكلة هنا أن الحكومة أعلنت أن ستدفع عن غير القادرين، وإذا حصرنا هذا العدد طبقًا للتعبئة والإحصاء سيكون العدد تقريبًا حوالي 32 مليون مواطن وهذا رقم ضخم جدًا وعبء كبير على الدولة.
وتسأل الجوهري إذا كانت الدولة قد أنشأته لتغطية ما يستجد من احتياجات لا تكفى الاعتمادات المالية المتاحة فى موازنة الدولة لتغطيتها فكيف إذا لم يكن في الصندوق موارد مالية من أين سيتم تغطية هذه الاحتياجات.
مصادر التمويل
فيما قال النائب البرلماني محمد بدراوي، عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب، إن صندواق الطوارىء الطبية يجب أن تتضح مصادر تمويله بشكل مباشر للجميع ، موضحًا أن قلة الموارد بوزارة الصحة هي سبب في إنشاء هذا الصندوق.
وأضاف بدراوي أنه على المستوى الاقتصادي ليس مع فكرة تعدد الصناديق، ضاربًا المثل بصندوق الطوارىء للعمال الذي به حجم تجاوزات كبيرة للغاية فهو مجرد صندوق يصرف رواتب ومكافآت لمجلس الإدارة فقط ولا ينفق على الغرض الأساسي الذي أنشأ من أجله.
وبين الخبير الاقتصادي أن الصناديق الخاصة أزمتها الرئيسية أنه لا توجد حوكمة لها فكل صندوق تكون له لائحته التنفيذية الخاصة به ومع الوقت تتغيير اللوائح لتصبح خاضعة للجهة التي تحكم الصندوق، ثم بعدها تنفذ اللوائح على الهواء والكيف لتكون النتيجة في نهاية المطاف أن الأموال الموجودة في هذه الصناديق بلا ظابط ولا رابط.
الصناديق الخاصة
وأوضح النائب البرلماني أن اللجنة تناقش مع الحكومة منذ فترة كبيرة ملف الصناديق الخاصة وهو من الملفات التي ينفق بها عشرات المليارات سنويًا وبلا سقف واضح للحوكمة ولوائح واضحة، مشيرًا إلى أن الصناديق الخاصة هدفها نبيل لكن في نهاية المطاف تكون النتيجة غير ذلك.
وذكر أنه بما أن الدولة مقبلة على تطبيق التأمين الصحي الشامل فلماذا لا أنشىء صندوق في إطار هذه المنظومة وأجعله مصدرًا من مصادر تمويل هذه المنظومة، مؤكدًا أن أزمة الصحة واضحة فالجهاز المركزي ذكر أن المصريين ينفقوا نسبة 10% من الناتج الإجمالي على الصحة وبناء على ذلك تستطيع أن تحدد أنك تحتاج لمنظومة التأمين من 120 إلى 140مليار، وهذا من السهل توفيره.
ولفت بدروي إلى أن المنظومة بالكامل تحتاج إلى أن تصاغ بطريقة واضحة، خصوصًا وأن المزانية تسمح بزيادة الإنفاق على الصحة والتعليم وفقًا لخطة التنمية المستدامة.