مفهوم الإرهاب في العالم يقتصر فقط على الرجل الذي يطلق لحيته ويرتدي الملابس الإسلامية، ودائما ما تسعى وسائل الإعلام الغربية للربط بين الشخص المسلم والإرهاب، وقد نجحت فى ذلك خاصة بعد حاثة ضرب أبراج التجارة العالمية، حيث رسخت الصورة الذهنية بشكل سلبى عن الإسلام والمسلمين، لكن في الفترة الأخيرة شهد العالم مجموعة من العمليات الإرهابية من قبل مسلحين لا ينتمون إلى الإسلام، بل يقومون بقتل المسلمين ولعل أشهر العمليات التي وقعت في نيوزيلندا، وبلغ عدد ضحاياها نحو 50 مصليا مسلما في إحدى المساجد فى مدينة كرايست تشورش، وتكرر الأمر ذاته في النرويج حيث حاول مسلح أوروبي الهجوم على مصلين بمسجد بمدينة أوسلو، ولم يكن الحال يقتصر على مهاجمة المسلمين فقط، لكنه تطور ليشمل غير المسلمين، ففي إسرائيل يتعرض يهود الفلاشة أصحاب البشرة السوداء إلى العديد من الانتهاكات من قبل اليهود أصحاب البشرة البيضاء، وكانت أخرها مصرع يهودي أثيوبي على يد شرطي إسرائيلي، وهذا كله يدل على أرهاب جديد يستند على التميز والتهديد بالعنف من قبل جماعات يمينية محلية أو كيانات غير حكومية لها أهداف عرقية، أو تعصب ديني أو أنها معادية لسلطة الحكومة يدعي "الأرهاب الأبيض" أو أرهاب اليمين المتطرف، الذى أرتفعت وتيرة عملياته الأرهابية بنسبة 88 في المئة بين 2016و2017.
قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن المشهد فى الستين عام الأخيرة، شهد الكثير من العمليات الإرهابية من قبل الرجل الأبيض ليس فقط على فصيل مثل المسلمين فقط أو ذات البشرة السوداء، لكنه يمتد ليشمل كل فرد لا ينتمي إليهم، هجمات اليمين المتطرف سجلت أرتفاعا ملحوظا في أوروبا والولايات المتحدة، بالإضافة إلي أنحاء أخرى من العالم، مضيفاً أن هناك الكثير من التقارير العالمية عن الإرهاب العالمي في الأعوام الماضية تؤكد أن الهجمات المسلحة لجماعات اليمين المتطرف شهدت انتشار مخيف للغاية على العالم وكان أخرها ما حدث في مسجدين بنيوزيلندا والنرويج، من قبل أشخاص منفردون من أصحاب المعتقدات اليمينية المتطرفة أو القومية البيضاء.
وأكد جمال بيومى، أن الشعوب الان على وعي تام بالتطرف فلا يوجد من يحكم الدول أو الشعوب أو حتى فرض فصيل معين على المواطنين في كل دول العالم، والأنظمة الحاكمة في أى بلد تتغير دائما، ففي أوروبا علي سبيل المثال ينتقل الحكم بين الأحزاب اليمينية والأحزاب اليسارية وفقا لرغبة الشعب، لكن عملية انتشار الأرهاب المتطرف من قبل الأحزاب اليمينية تكون منفرده كما ذكرنا من قبل.
وأكد السفير أن اليمين المتطرف ليس وليد هذه الفترة لكن صعود الأحزاب اليمينة في الحكومات الأوروبية في أكثر من دولة في الفترة الحالية يظهرحالة من الخوف نحو سير الأحداث وفق ما يتم التحضير له من قبل هذه التيارات، وإبرز ما يخيف الكثير الان أن هذه التيارات تسعى إلى أخراج الجاليات التى تعيش في المجتمعات التي تحكمها، علي سبيل المثال دعوات اليمين في فرنسا بطرد الجاليات المسلمة من بلادهم بدعوى أنهم ينشرون الفوضى والدمار في الدولة، لكن في الحقيقة أذا تم تهجير كل هذه الجاليات سيتضرر اقتصاد فرنسا حيث يقوم على أعمال هذه الفئات التي تبلغ 25 فى المية من السكان.
وتابع مساعد وزير الخارجية الأسبق، الشئ الأكثر قلق الأن هو دعم عدد من الدول لهذا التطرف خاصة الدول المصدرة للسلاح، فأن خلق الخلافات المسلحة وشحن الشعوب ضد بعضهم البعض، يزيد من الحروب، وهذا بدوره يزيد من مبيعات السلاح لهذه الجماعات المتطرفة، وأقرب مثل لذلك دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتيارات اليمينية، ويدعم عدة قيادات أوروبية، ومن بين من يؤيدهم ترامب زعيمة اليمين بفرنسا الشهيرة ماري لوبان، وهو لايخفي هذا بل يعلن عبر تغريداته على وسائل التواصل الاجتماعي، كما يعمل على تسخير الإعلام العالمي لخدمة هذه الجماعات، والدليل علي ذلك أن وسائل الإعلام الغربية لاتطلق على هجمات المتطرفين اليمينين "عملية إرهابية" لكن المسمى الدائم بالحادث فقط، مثل حادث النرويج أو نيوزيلندا.
وأضاف بيومي أن نهج ترامب يتبعه الدول العظمي في دعم التطرف اليميني وأى تطرف عالمي، حيث يهمهم أرضاء رجال الأعمال وصناعات بلادهم، ومن الملاحظ فى هذا الفترة أن دول تصنيع السلاح تخالف العديد من الأتفاقيات الدوليه ليظل التوتر قائم، وهذا بدوره يزيد من بيع السلاح و يزيد من صناعه السلاح، فهذه معادلة تنص على "كلما زاد التوتر كلما زاد مشتريات العالم من السلاح".
وأوضح جمال بيومي أن التطرف فى العموم موجود، لكن الظاهره الجديدة أن المتطرفين ليسوا متدينين بمعني أن من يسئ للمسلمين فى أوروبا، ليس المسيحيين لأن الفرد المسيحي الحقيقي يتحلى بالتسامح وليس العنف، فاليمين المتطرف لا يمثل دين، والإرهاب كما نعرف لا دين له، لكنه يعتمد على عرقية أو قومية معينة، مثلا أزمة صور الرسول في صحيفة "شارل أبدو" بفرنسا، هؤلاء الصحفيين لا ينتمون لاي دين، فيظل التطرف مشكلتنا وهذا يتطلب تضافر الجهود والثقافه لنتفادى هذا النوع من التهديد البيضاء.
أما عن علاقة الإرهاب الإبيض بإرهاب تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، قال متولى أن هناك عوامل مشتركة بينهم في عمليات القتل وطرق القيام بها، مثل الهجوم على تجمعات لطوائف أو فصائل معينة، كما أن هناك تشابه فى الرؤى والأساليب وطرق التنفيذ، حيث يشتركون فى الخطابات المتطرفة والأفكار المتشددة، لكن تختلف المسميات، فهم الإرهاب الأبيض أو اليمين المتطرف، والأخرين الجماعات الإرهابية الإسلامية.