بورسعيد المدينة الباسلة تروي قصصاً وتاريخ، تحكي بين جنباتها قصص البطولة والفداء، المحافظة الوحيدة في جمهورية مصر العربية التي بناها أبناؤها ردمًا على مياة البحر والقنال، لتتسع لهم فلم تكن سوى جزيرة صغيرة بناها أبناؤها بدمائهم لتكن الأن "قاطرة التنمية بمصر"، ومساجد بورسعيد شهدت على مر التاريخ كيف بنيت بورسعيد.
مسجد التوفيقي
يرجع تاريخه تزامناً ببدء شركة قناة السويس بإستقدام العمال المصريين لحفر القناة، حيث قامت ببناء مسجد لهم في قرية العرب سنة ١٨٦٠م "حي العرب حالياً"، وقد كان هذا المسجد عبارة عن شونة للأغلال عليها مئذنة، ولم تكن الخدمات في هذا المسجد على قدر أعداد المصلين المتزايدة.
أهتمت محافظة بورسعيد منذ عام ١٨٦٨م، بهذا المسجد واستجابة لمطالب الأهالي من حيث فرشه والإعتناء به، فقد صدرت التعليمات في يونيو عام ١٨٦٩م، بإنشاء مسجد ببورسعيد على نفقة الحكومة المصرية، وقد واجهت محافظة بورسعيد عدة صعوبات إزاء تنفيذ إقامة هذا المسجد منها عدم توفر مواد البناء مثل الطوب والأخشاب وعدم توفر المياه اللازمة لعملية البناء، وقد أدى تنازل شركة القناة عن المسجد الذي أقامته بالأرض المقام عليها إلى تأجيل تنفيذ الحكومة لهذا المسجد، ومن ثم فقد إتجهت إلى إصلاح وتوسيع المسجد المقام بالفعل والعناية بفرشه وترتيب الموظفين من الدعاة وخدام المسجد اللازمين لإقامة الشعائر وخدمة المسجد، وكذلك توفير زيت لإضاءته.
لم يصمد هذا المسجد المقام من الخشب طويلاً إذ تسببت المجاري الخاصة به في خلله وتعطل إقامة الشعائر به، وذلك لأنها كانت ضيقة ولعدم تفريغها بإنتظام خارج المسجد وقد استغرق إصلاح المسجد عدة أشهر.
وعلى أثر وفاة إمام وخطيب المسجد في أكتوبر عام ١٨٧٨م، ومنعًا لعدم تعطل صلاة الجمعة والجماعة فإنه لم يتم إنتظار تعيين الأوقاف لإمام آخر، إذ تقدم قاضي قضاة بورسعيد وعمد ووجهاء قرية العرب بإختيار الشيخ عبد الرحمن أبي الحسن، لهذه الوظيفة لما تميز به من سعة العلم وحسن الخلق وقدرته على الخطابة وإرشاد المسلمين لأمور دينهم وأحكامه، وسمى الشارع المواجه للمسجد باسمه شارع "أبو الحسن" حتى الان، وقد تمت الموافقة على هذا التعيين.
ومع إتساع بورسعيد وزيادة سكانها وبخاصة قرية العرب، فإن ذلك قد أوجب إنشاء مسجد آخر بها نظراً لتداعي وسقوط المسجد المقام، وعند زيارة الخديوي توفيق لبورسعيد في عام ١٨٨١م، ورؤيته لمسجد القرية فقد لمس مدى ما يعانية المصلون من المشاق في وصولهم إليه والصلاة به، ومن ثم فقد أصدر أمراً إلى ديوان الأوقاف بإنشاء مسجد آخر وإنشاء مدرسة ملحقه به لتربية الأطفال، وقد أحتفل في السابع من ديسمبر عام 1882م بإقامة أساس مسجد التوفيقي، في موكب ضخم سار في أنحاء بورسعيد يتقدمه العلماء وعلى رأسهم الشيخ عبد الرحمن أبي الحسن شيخ علماء المسلمين ببورسعيد، والقاضي وأعيان المدينة وأرباب الطرق وامامهم الموسيقى.
وقال إمام وخطيب المسجد التوفيقي، محمد عوض، أن هذا المسجد هو أول مسجد ببورسعيد صليت فيه صلاة الجماعة، وأقيمت به صلاة التراويح بأمر ملكي من الخديوي توفيق، وتوارد عليه أكبر علماء الأزهر الشريف، منوهًا بأنه يمثل قوة علمية وتاريخية، وارتبط بكافة الأحداث الهامة التي عاشها أبناء بورسعيد كونه هو وسط البلد.
مسجد العباسي
تم بناء وتشييد المسجد العباسي سنة ١٩٠٤م، ليكون بذلك ثاني المساجد ببورسعيد بعد المسجد "التوفيقي"، أقدم مساجد المدينة الباسلة، وذلك كـ نتيجة للنمو السريع في عدد السكان ببورسعيد والتوافد من باقي البلاد والحاجة إلى إنشاء مسجد جديد يستوعب أعداد المصلين، استمد المسجد العباسي اسمه من اسم خديوي مصر اّنذاك "عباس حلمي الثاني"، ويمثل المسجد العباسي حقبة تاريخية معمارية مميزة حيث أقامه الخديوي عباس ضمن ١٠٢ مسجد على هذا الطراز في مختلف المحافظات، وأعيد بناء وتجديد المسجد أكثر من مره منذ نشأته بواسطة وزارة الأوقاف التي يتبعها المسجد كان آخرها عام 2000، وقد تم تسجيل المسجد كأثر بعد مرور 100 عام على انشائه.
مسجد الشاطئ
شيد مسجد الشاطئ على طراز المسجد الأقصى من قبل القوات المسلحة المصرية، وافتتح في أعياد القوات المسلحة عام ١٩٧٨م، وقام بتصميمه سلاح المهندسين بالجيش المصري، بعد ذلك قام أحد رجال الأعمال بإعادة بناءه مرة أخرى على نفس الطراز للمسجد الأقصى، وقام بتوسيع مساحته حتى صار بالشكل الذي عليه الآن، وتم افتتاحه يوم ٢٦ ديسمبر عام ٢٠٠٣ في احتفالات بورسعيد بعيد النصر، ويعتبر هذا المسجد من مساجد بورسعيد المميزة ومن معالمها، ويقع في شارع الشهيد عاطف السادات "طرح البحر"، "حي المناخ"، على شاطئ بحر بورسعيد، وتراه السفن القادمة للعبور من قناة السويس.