يحاول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، كسر الجليد في علاقته مع كوريا الشمالية وزعيمها كيم جونج أون، فعلى ما يبدو أنه قد علم بأنه لا جدوى من استخدام العنف أو الحرب في التعامل مع تلك القوة النووية، وأن أفضل الطرق لحل الأزمات هو الحوار.
وعلى هذا الأساس، عقد الرئيس الأمريكي مع نظيره الكوري الشمالي، قمتيين كانتا في سنغافورة والأخرى في فيتنام وفي ترقب للقاء جديد في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع .
القمة المرتقبة بين الرئيس الأمريكي ونظيره الكوري، كخطوة تظهر التقارب الكبير بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية رغم الجمود الذي يخيم على المحادثات النووية، فتحت العديد من السيناريوهات المتوقعة.
قمة سنغافورة ..
وكانت أولى خطوات الرئيس الأمريكي لرأب الصدع وكسر الجليد مع كوريا الشمالية هو القمة الأولى بينه وبين كيم جونج أون في سنغافورة بتاريخ 12 يونيو 2018.
وخلال تلك القمة، أعرب ترامب عن انسجامه المفاجئ مع زعيم كوريا الشمالية، قائلا بعد لقائه الأول وجها لوجه مع كيم :"كانت زيارة رائعة".
وخلصت تلك القمة بإعلان مشترك من كلا الدولتين والذي نص على نزع كامل للسلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية، زعلى الرغم من أن هذا القرار في ظاهره جيدًا إلا أن تلك الصياغة كانت مبهمة الأمر الذي جعل كل طرف يفسرها بطريقة مغايرة.
وعلى الرغم من أن النص مبهمً، إلا أن ترامب تباهى بأن عملية نزع السلاح النووي يمكن أن تبدأ سريعا جدا وذلك بعد عقود من التوتر حول طموحات بيونج يانج النووية، وحينئذ كتب ترامب على حسابه الرسمي على موقع التدوينات القصيرة "تويتر":"لم يعد هناك تهديد نووي من كوريا الشمالية".
قمة هانوي..
أما عن القمة الثانية، والتي جمعت كلا الرئيسين فتم عقدها في هانوي بالفلبين وذلك بتاريخ 28 فبراير 2019.
ولكن على عكس ما حدث خلال القمة الأولى، فانتهت قمة فيتنام بالفشل وتم إرجاع ذلك إلى التعثر وعدم الموافقة على طلب كوريا الشمالية بخصوص رفع العقوبات عنها.
وعقب انتهاء تلك القمة، صرح ترامب بأن كوريا الشمالية قد طلبت رفع كل العقوبات المفروضة عليها على خلفية برنامجها النووي والصاروخي المحظور دولياً، في حين قال كيم من جهته إنه لم يطلب سوى رفع "جزئي" للحظر عن كوريا الشمالية، مع ذلك أكد ترامب وكيم أن علاقتهما تبقى ودية.
لقاء بانمونجوم..
أما عن اللقاء الثالث بين ترامب وكيم جونج أون فكان في بانمونجوم، ووصف الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي القمة المرتقبة بأنها ستكون لحظة تاريخية عظيمة في عملية السلام بشبه الجزيرة الكورية، لأنه لا سبيل للسلام إلا من خلال الحوار.
لقاء من أجل الكاميرات
ويرى خبراء أن اللقاء قد لا يكون كافياً لحل الملف الحساس المتعلق بنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية الذي تعثربسببه التقارب مع واشنطن.
وتطلب إدارة ترامب أن تتخلى بيونغ يانغ نهائياً عن برنامجها النووي قبل رفع العقوبات الدولية، الأمر الذي ترفضه كوريا الشمالية.
ويقول الباحث الأميركي جوشوا بولاك، من معهد "ميدلبوري" للدراسات الدولية إن "لو حصل هذا الحدث منذ أكثر من عام، كان يمكن اعتباره بمثابة اختراق نفسي".
وكتب على تويتر "لكن الآن؟ لقاء من أجل الكاميرات ومن دون جدول أعمال لن يتمكن من محو عام من الأوهام والخيبات".
ويعتبر بولاك، أن إعادة إحياء المفاوضات تتطلب "أمراً مختلف عن رسالة مؤلفة من صفحة واحدة ومصافحة يد جديدة"، في إشارة إلى المراسلات بين كيم وترامب.
سيناريوهات مرتقبة..
1- الوضع كما هو عليه
بقاء الوضع على ما هو عليه، وهو السيناريو الذي ربما لا يرضي طموحات الزعيمين، فكلاهما يسعى إلى البحث عن خروج من المأزق الذي باتت فيه بلاده، سواء رفع العقوبات أم تخفيف الضغوط الداخلية.
2- وقف المفاعل النووي الكوري
تقديم حزمة من التنازلات البسيطة من جانب الزعيم الكوري، فقد يضحي كيم جونغ أون بصواريخه العابرة للقارات الموجهة للولايات المتحدة، وربما يعرض وقف المفاعل النووي الرئيسي، وذلك مقابل تخفيف العقوبات الأمريكية المشددة على بلاده.
3- رفع العقوبات الأمريكية على بيونج يانج
يشير هذا السيناريو، إلى أن يرتضي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، برفع جزء من العقوبات المفروضة على بيونج يانج.
بالإضافة إلى ذلك، سيحاول الرئيس الأمريكي كسب ود وتوطيد العلاقات مع كوريا الشمالية، حتى لا يحارب في العديد من الجبهات وبشكل خاص بسبب الأزمة في إيران وكذلك العلاقات المتوترة مع تركيا ومحاولة تكوين حلف قوي أمام الدب الروسي.
دلالات إيجابية..
أما عن الدلالات الإيجابية المبشرة قبيل تلك القمة، هي محاولات الرئيس الأمريكي لتقوية العلاقات مع كيم جونج أون.
فصافح ترامب كيم في الجانب الكوري الجنوبي من المنطقة المنزوعة السلاح، قبل أن يسير خطوات داخل أراضي الدولة الشيوعية المنعزلة.
وفي تصريحات مقتضبة للصحفيين، قال ترامب إنه "شعور رائع" أن تكون أول رئيس للولايات المتحدة يطأ كوريا الشمالية بقدميه، مشيداً بـ"الصداقة العظيمة" مع كيم.
تفاؤل مشوب بالحذر من طرفي القمة يقابله حالة من الترقب من بقية الأطراف الإقليمية والدولية الأخرى، تضع القمة الأمريكية -الكورية على رأس أجندة الاهتمام الدولي الأيام المقبلة، وما بين الخروج بلا نتيجة وسيناريوهات التنازلات المتبادلة يقف العالم في انتظار ما ستسفر عنه هذه القمة.