كانت الرقة إحدى أهم المدن التي اتخذتها مايطلقون على أنفسهم تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" كمقرًا لإقامة خلافتها المزعومة بالعراق والشام، وبعد حرب دامت لسنوات وبالرغم من طرد عناصر تلك الميليشيات من المدينة السورية، إلا الوضع الحالي للمدينة ينذر بتحولها لمدينة عصابات.
في 20 أكتوبر 2017، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن رسميًا، تحرير الرقة من قبضة مسلحي تنظيم داعش، وكانت المدينة شكلت أبرز معاقل التنظيم الإرهابي وعاصمة خلافته المزعومة في سوريا لفترة طويلة.
وفي واحد من أكثر التحقيقات شمولاً حول مقتل المدنيين في الحروب الحديثة، قامت منظمة العفو الدولية بتوثيق مقتل مئات المدنيين في الرقة بضربات للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، وذكرت أن هجومًا دعمته الولايات المتحدة لطرد داعش من معقله في الرقة عام 2017 تسبب في مقتل أكثر من 1600 مدني.
تدهور الوضع
وبعد عام ونصف العام، تواجه مدينة الرقة مصيرًا مشابهًا لمصير العراق، وذلك بعد سحب واشنطن لقواتها في 2010، مما سمح لجماعات متطرفة كداعش بالظهور والاستيلاء على معظم أنحاء البلاد.
ويشكل وجود الألغام والمتفجرات التي خلفها التنظيم خلفه، خطرًا رئيسيًا على حياة السكان، كما تشكل العصابات الإجرامية وقطاع الطرق تحديًا آخر، في حين تستمر خلايا داعش النائمة المتوارية عن أنظار المدنيين في اغتيالاتها لأهالي المدينة.
وتعاني مدينة الرقة من حالة فقدان الأمان داخل أحيائها، حيث يقتصر انتشار الحواجز التابعة لـ "قسد" على ساعات النهار، وتختفي ليلاً، وبحسب مصادر محلية فإن عناصر "قسد" تتبخر بعد الساعة العاشرة ليلاً، وتترك المدينة تواجه مصيرها وتقارع اللصوص.
وفي الآونة الأخيرة، تمت عمليات اغتيال عديدة، كان أكثرها وحشية هو اغتيال الشيخ بشير فيصل الهويدي أحد وجهاء عشيرة العفادلة في الرقة بعد خروجه من اجتماع مع قيادة قوات "قسد"، في 2 نوفمبر 2018، وأثار الحادث غضب عشائري كبير لأن البشير كان من أكثر المنتقدين لحكم قسد.
ويقدر حجم الدمار في الرقة بعد طرد داعش منها، بـ 80%، ولا يكاد يخلو حي أو شارع في الرقة من الأنقاض.
وبينما ينتظر سكان الرقة إعادة إعمار المدينة، وتنمية المنطقة التي أطلقتها عدة دول غربية وعربية، بعد تحرير المدينة من سطوة تنظيم داعش، تزداد الأوضاع سوءاً وسط محاولات من المؤسسات والمنظمات الموجودة في المدينة لتحسين الوضع، وبحسب السكان، تحتاج هذه الجهود إلى مبالغ ضخمة تعيد الحياة للمدينة، وتفعّل دورة الإنتاج والحياة الكريمة لسكانها.
ومع قلة فرص العمل والمشاريع التي توفر دخلًا ثابتًا للسكان، حتى السكان من ذوي الدراسات العليا يكافحون الآن للحصول على المال، ومنهم من شغل وظائف بسيطة لتأمين متطلبات الحياة.
ولا تزال عودة المدنيين إلى الرقة محفوفة بالمخاطر على الرغم من خروج عناصر داعش من المدينة، فرغم عملية التمشيط وإزالة الألغام المنتشرة في شوارع ومنازل المدينة، لا يزال الخطر قائماً.