تركها وحيدة، تعيش بين أحضان التراب، تختبئ حتى لا يراها أحد، فهى فتاة ناصعة البياض، شديدة الجمال، أبدع الله في خلقها، أصبحت محط أنظار وافتراس الذئاب البشرية.
لم تجد الفتاة العشرينية، من يحنو عليها ويحميها من غدر البشر، بعدما قهر العيش أبيها، وجعل أبويها ينفصلان، حيث تركها والدها في الشارع بعدما فاض به الكيل، وسافر للخارج.
روت"هدى" أثناء حديثنا معها، خلال تواجدنا في دار فتيات العجوزة، قائلة، "لقد تواجدت في الشارع منذ ما يقرب من 10أعوام، فقد تركني أبي طفلة بنت 10 أعوام وهاجر إلى دولة الكويت، بعدما طلق والدتي بسبب عد قدرته على دفع فاتورة الكهرباء".
وتابعت، قائلة: "كانت أمي دائمة المشاجرة مع أبي، وطوال الوقت كانت تطلب منه مبالغ مالية كبيرة، مضيفة أبي ليس رجلًا قاسيًا، فكان يخرج من الفجر للذهاب للعمل، وكنت أوقاتًا كثيرة لا أراه، إلا مرة واحدة في الأسبوع، لكي يجلب إلينا أموالًا، تساعدنا على العيش".
وأكملت: "في يوم من الأيام، وبعد أسبوعين من انفصال والدتي عن أبي، أيقظني أبي، وهو يحتضنني ويقبلني، والدموع تسيل من جفونه، قائلا " أنا حضرت شنطتي، ومسافر لدولة الكويت، وقد كنت صغيرة لا أعلم أنها دولة بعيدة وأنه سيتركني وحيدة هكذا".
"هدى التي فضلت عدم نشر صورتها" واصلت حديثها قائلة: "جاءت الساعة العاشرة مساء، ولم يعد أبي كعادته بعدما انفصلت والدتي عنه، حتى جاء اليوم التالي، وتوالت الأيام ولكنه لم يأت، فقد نفذ الخبز والطعام من البيت، ولم استطع أن أعيش وحيدة، ولم أعرف مكان أمي، كما أن الجيران رفضوا أن أجلس بمفردي في المنزل، ولم أجد من يحنو علي، فتركت البيت وسكنت الشارع".
"10سنوات، وأنا بنتقل من مكان لآخر، في محافظات مختلفة، ذقت طعم المر، واتمرمطت في الشوارع، ولكن الحمد لله حافظت على نفسي من أوغاد البشر، الذين حاولوا مرات كثيرًا نهش جسدي، ولكن إصراري، وعزيمتي، منعوني عن فعل الحرام".
تحكي الفتاة قائلة، "وجدت في الدار الأم والحياة، التي نمت موهبتي، لقد كنت أعشق الرسم منذ صغري، حيث استطاعت مسؤولة الدار أن تنمي موهبة الرسم وتحييها من جديد".