بعد هزائمه المدوية التي مني بها في سوريا والعراق، بدأ تنظيم داعش الإرهابي، بالسعي إلى تحويل أنظار العالم، ونقل معركته إلى قلب القارة الأفريقية، وخاصة ليبيا كوجهة أولى، والتي يبدو أنها ستكون المسرح الجديد لجرائم التنظيم.
وفي فيديو، نشره التنظيم المتطرف أواخر أبريل الماضي، يتوجه زعيم داعش أبو بكر البغدادي، إلى من يسميهم أنصاره في غرب أفريقيا، متوعداً بنقل معركته إلى منطقة الساحل التي تعتبر ليبيا قاعدة إمداد لها.
وحذرت وكالات الاستخبارات البريطانية، من أن تنظيم داعش الإرهابي يخطط لشن هجمات، على غرار هجمات سيرلانكا، في العديد من دول البحر المتوسط، خلال الصيف القادم، بما في ذلك المغرب وتونس وإسبانيا واليونان وتركيا، وفق ما أورد موقع "شمال أفريقيا بوست"، اليوم الثلاثاء.
ويعتقد أن التهديدات مرتبطة بمتعاطفين مع التنظيم أو الذئاب المنفردة لداعش، وغيرها من الجماعات المتطرفة. ومن المتوقع أن تستهدف الهجمات المواقع السياحية، ولا سيما المنتجعات الساحلية الواقعة حول البحر المتوسط، وفقاً لما أوردته صحيفة "المساء" اليومية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تقدم فيها الحكومة البريطانية، هذا النوع من المعلومات الأمنية. ففي مارس من عام 2018، قال الموقع الرسمي لوزارة الخارجية البريطانية، إنه "من المرجح أن الإرهابيين يحاولون شن هجمات في المغرب".
ومنذ أيام، كشفت مجلة "جون أفريك" الناطقة بالفرنسية، عن معلومات تفيد بوجود زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي في ليبيا. لتؤكد مخاوف مراقبين من التهديدات التي أطلقها زعيم داعش في خطابه الأخير نحو المنطقة، التي يسعى الجيش الوطني الليبي لتطهيرها من الإرهاب.
ويخشى مراقبون، في أن يسعى البغدادي إلى محاولة تحويل هزيمته في سوريا والعراق، إلى مساعي يحاول بها تعويض تلك الخسائر، من خلال دعواته المتكررة لأتباعه بالتوجه إلى الصحراء.
فيما تلقت تونس معلومات بشأن البغدادي من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن ضد "داعش" في كل من سوريا والعراق، ووضعت تونس نفسها في حاله تأهب قصوى. وفق معلومات أوردتها المجلة الفرنسية.
واتخذت السلطات التونسية، بحسب المجلة الناقطة بالفرنسية، تدابير أمنية إضافية على الحدود، في حين أجلت قوات بريطانية عدداً من عسكرييها في ليبيا، بعد أن تلقت معلومات عن احتمال وجود البغدادي في هذا البلد، بحسب ما أوردت تقارير إعلامية.
وبحسب الخبير في الجماعات المتطرفة في المنطقة، عثمان تازغارت، فإن الجماعات المناصرة للبغدادي، لديها إمكانيات كبيرة وغير محدودة في جلبه إلى ليبيا، وتأمين وسائل التنقل له في حدود منطقة الساحل الواسعة، وفق ماورد في تقرير قناة "سكاي نيوز".
وكانت صحيفة "ديلي إكسبريس" البريطانية، قد ذكرت في 13 مايو أن بريطانيا ودولاً غربية أخرى تبحث عن زعيم تنظيم داعش أبي بكر البغدادي في ليبيا، بعد ورود أنباء عن احتمال انتقاله إليها.
الانتقال إلى أفريقيا
تحت عنوان "لماذا يحرص داعش على تكوين مجموعات جديدة في إفريقيا؟"، أعد مركز المستقبل للدراسات والأبحاث المتقدمة، دراسة حديثة رصد فيها أهداف التنظيم الإرهابي من نقل ساحة القتال إلى إفريقيا، وفق تقرير أوردته قناة العربية، في مايو الماضي.
وبحسب الدراسة، هناك مجموعة من الأهداف يسعى تنظيم "داعش" إلى تحقيقها عبر الإعلان عن تأسيس مجموعات جديدة تابعة له في إفريقيا.
أول هذه الأهداف التي رصدتها الدراسة تمثلت في المعاقل البديلة، حيث يشير تعمد البغدادي، خلال الفيديو الأخير، إلى استعراض ملفات بعض المجموعات الإرهابية، التي ظهرت في عدد من الدول الإفريقية، إلى تطلعه نحو التمدد في إفريقيا، في ظل الرؤية التي يتبناها بعض قادته وتقوم على أن الأخيرة يمكن أن تمثل "بديلاً محتملاً" لقياداته وعناصره خلال المرحلة القادمة.
توجيه ضربات انتقامية
ويتمثل الهدف الثاني، في توجيه ضربات انتقامية، حيث كان لافتاً أن البغدادي حرص في تسجيله الأخير، على الدعوة إلى شن هجمات انتقامية، ضد بعض القوى الدولية، التي كان لها دور في الضربات التي تعرض لها خلال المرحلة الماضية، خاصة فرنسا التي شاركت في تأسيس تحالف إقليمي في غرب إفريقيا، وقدمت دعماً ملحوظاً لبعض دول المنطقة من أجل مواجهة التنظيمات الإرهابية، وفق الدراسة ذاتها.
منافسة تنظيم القاعدة
أما الهدف الثالث، فيتمثل في منافسة "القاعدة"، حيث يحاول تنظيم داعش عبر تأسيس مجموعات إرهابية تابعة له أو توسيع نطاق الجماعات التي أعلنت مبايعته في القارة الإفريقية، تعزيز قدرته على منافسة تنظيم "القاعدة"، الذي أسس بدوره مجموعات شنت هجمات إرهابية عديدة، خلال المرحلة القادمة.
تعزيز دور الأفرع البعيدة
وأخيراً، تعزيز دور الأفرع البعيدة، وهو ما انعكس في ما جاء على لسان البغدادي في التسجيل المصور، الذي ركز فيه على الهجمات الإرهابية التي وقعت في سريلانكا، في 21 أبريل الماضي، وأسفرت عن مقتل أكثر من 320 شخصاً وإصابة نحو 500 آخرين، بالتوازي مع اهتمامه بمتابعة التطورات التنظيمية داخل بعض المجموعات الموالية للتنظيم، مثل "ولاية الصومال"، و"ولاية القوقاز".