تحل اليوم الذكرى الـ 51 على وفاة الكاتب الصحفي الكبير، أحمد حسن الزيات، أحد كبار دعاة النهضة الثقافية في مصر، والوطن العربي، الذي هاجم نظام الإقطاع في مصر، وانتقد الحكام والوزراء، وقاوم الاحتلال وحارب المجالس الوطنية المزيفة، وتميز "الزيات" بأسلوبه الرائق، ولغته السمحة، والذي ظهر في مجلة الرسالة التي أصدرها وكان لها الأثر العظيم في الثقافية العربية.
حاز الزيات على العديد من الجوائز الأدبية، من أهمها جائزة الأدب لعام 1953م عن كتابه وحي الرسالة الذي جمع فيه المقالات والأبحاث الخاصة به، والتي نشرها فيما بعد في مجلته الرسالة.
شغل الزيات العديد من المناصب منها : عضوية مجمع اللغة العربية في مصر، وعضوية المجمع العلمي في دمشق.
نشأته
ولد أحمد حسن الزيات "2 من إبريل 1885م"، في قرية كفر دميرة بمدينة طلخا في محافظة الدقهلية، لأسرة متوسطة الحال، تعلم في كتاب القرية، تعلّم القراءة، والكتابة، وحفظ القرآن الكريم.
والتحق في الثالثة عشر من عمره، بالجامع الأزهر، وظل يدرس به لمدة 10 سنوات، تعلم به علوم الشريعة والعربية.
دراسته
وكان الزيات في أثناء فترة التحاقه بالجامعة يعمل مدرسًا بالمدارس الأهلية، وفي الوقت نفسه يدرس اللغة الفرنسية التي أعانته كثيرًا في دراسته الجامعية حتى تمكن من نيل إجازة الليسانس.
وظل الزيات يعمل بالمدارس الأهلية حتى اختارته الجامعة الأمريكية بالقاهرة رئيسًا للقسم العربي بها، وفي أثناء ذلك التحق بكلية الحقوق الفرنسية، أمضى منها سنتين في مصر، وقضى الثالثة في فرنسا حيث حصل على ليسانس الحقوق من جامعة باريس.
وظل بالجامعة الأمريكية حتى اختير أستاذًا في دار المعلمين العالية ببغداد ومكث هناك ثلاث سنوات، حفلت بالعمل الجاد، والاختلاط بالأدباء والشعراء العراقيين، وإلقاء المحاضرات.
تفرغه للصحافة
بعد عودته من بغداد هجر التدريس، وتفرغ للصحافة والتأليف، وفكّر في إنشاء مجلة للأدب الراقي والفن الرفيع، وفي 15 من يناير 1933) ولدت مجلة الرسالة، وكانت المجلة ذات ثقافة أدبية خاصة، تعتمد على وصل الشرق بالغرب، وربط القديم بالحديث، وبعث الروح الإسلامية، والدعوة إلى وحدة الأمة، وإحياء التراث، ومحاربة الخرافات، والعناية بالأسلوب الرائق والكلمة الأنيقة، والجملة البليغة.
كُتاب المجلة
فتحت المجلة صفحاتها لأعلام الفكر والثقافة والأدب من أمثال العقاد، وأحمد أمين، ومحمد فريد أبو حديد، وأحمد زكي، ومصطفي عبد الرازق، ومصطفي صادق الرافعي الذي أظلت المجلة مقالته الخالدة التي جُمعت وصارت "وحي القلم"، وظلت المجلة تؤدي رسالتها حتى احتجبت في 15 من فبراير 1953.
وقد نجحت الرسالة بأن تصبح سفيرًا للكلمة الطيبة في العالم العربي، الذي تنافس أدباؤه وكُتّابه في الكتابة لها، وصار منتهى أمل كل كاتب أن يرى مقالة له ممهورة باسمه على صفحاتها، فإذا ما نُشرت له مقالة أو بحث صار كمن أجازته الجامعة بشهادة مرموقة؛ فقد أصبح من كُتّاب الرسالة.
رؤيته الصحفية
عالج الزيات في أدبه كثيرًا من الموضوعات السياسية والاجتماعية، فهاجم الإقطاع في مصر، ونقد الحكام والوزراء، وربط بين الدين والتضامن الاجتماعي، وحارب المجالس الوطنية المزيّفة، وقاوم المحتل، وعبّأ الشعب لمقاومته، ورسم سبل الخلاص منه.
كتاباته الصحفية
تميّز الزيات بأنه أفضل الكتّاب من حيث الديباجة، والأسلوب، كما أنّ بيانه يتسم بالازدواجية ممّا أكسب ألفاظه اتساقاً ونغماً مميزاً، يقول الأديب عباس العقاد عن الزيات " أنه كان لا يكتب الصفحة الواحدة إلا في يومين أو أيام ، ولولا اضطراره إلى مسايرة جريدة الرسالة التي كان يترأسها لشغل نفسه بالصفحة الواحدة أسابيع، وفشغل الزيات بال الكثير من الناس في عصره، فكتب في السياسة.
وهاجم النظام الإقطاعي الذي ساد في عصره، وانتقد الحكام، وحارب المجالس النيابية المزيفة، وشحن همم الشعوب لمحاربة الاحتلال ونيل الحرية والاستقلال، كما أنّه ردّ على المستشرقين الذين كانوا يستخفّون بالحضارة العربية، ويرون أنّ الحضارة اليونانية هي منبع الحضارات والثقافات العالمية.
مؤلفاته
قام الزيات بتأليف عددًا من الكتب، أقدمها: كتابه “تاريخ الأدب العربي”، “في أصول الأدب” و”دفاع عن البلاعة” .
تكريمه
وقد لقي الزيات تقدير المجامِع والهيئات العربية، فاختير عضوًا في المجامع اللغوية في القاهرة، ودمشق، وبغداد، وكرّمته مصر بجائزتها التقديرية في الأدب سنة (1382هـ= 1962م).
وعاش الزيات بعيدًا عن الانتماءات الحزبية، فلم ينضم إلى حزب سياسي يدافع عنه ؛ فقد كان هادئ النفس، وديع الخلق، ليّن الجانب، سليم الصدر.
وظل الزيات محل تقدير وموضع اهتمام حتى لقي ربه بالقاهرة في صباح الأربعاء 12 من مايو 1968م) عن ثلاثة وثمانين عامًا.