"حي على الصلاة حي على الفلاح".. كلمات تحلق في أرجاء المكان، وآيات قرانية ترتل، الجميع يصطفون واحدًا تلو الأخر يفضفضون بما في داخلهم بينهم وبين الله، حيث الخشوع والاستسلام في ساحات المسجد، ومن بين هؤلاء يقف شيطانًا في هيئة بشر، مجهزًا تمامًا لتنفيذ عمليته الإجرامية، والتي أنهى فيها حياة إمام المسجد، بعدة طعنات في الظهر، لتصعد روحه وهو ساجدًا إلى ربه.
في وقت الظهيرة أمس الجمعة، ارتفعت الأصوات في ساحات مسجد الرحمة بمنطقة فيصل في حي الهرم، على خليفة الدماء التي تسيل من الإمام الذي لقى مصرعه إثر طعنة غادرة من أحد الأشخاص، يدعى "أحمد. ح"، في العقد الرابع من العمر، بعدما تخطى صفوف المصلين أثناء الركعة الثانية، ثم سدد له طعنات، ووصفه العديد من سكان المنطقة أنه مختل عقليًا، حيث ادعى أنه "خليفة الله" و وأنه قتل "إبليس"، قاصدًا إمام المسجد.
وتمكن المصلون من القبض على الجاني، والذي ادعى في فيديو جرى تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أن "الإمام كان إبليس في الأرض وقتلته من أجل أن أخلص الناس منه".
وأفادت التحريات الأمنية بأن الجاني كان يعمل أستاذًا جامعيًا، قبل أن يفصل من عمله، وأنه مضطرب نفسيًا ومنفصل عن زوجته ولديه 3 أولاد.
وقال شهود عيان أن الجاني وقعت بينه وبين الإمام، مشادة كلامية عندما طلب منه أن يقرأ آية الكرسي مرتين، فسأله الإمام عن السبب، فلم يجبه، مضيفًا أن الإمام بالفعل قرأ آية الكرسي في الركعة الأولى، وخلال السجود، جاء الجاني وسدد ثلاث طعنات للإمام، قبل أن يتمكن المصلون من القبض عليه.
الفيديو الذي تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي، رصد عدة عبارات للجاني: "إمام المسجد شيطان ومينفعش نصلي وراء الشيطان.. ده إبليس وكان لازم يموت ولما دخل المسجد في صلاة الجمعة دخل معاه 40 شيطان.. فقتلت الشيطان".
وخلال التحقيقات التي تم إجراءها معه، بواسطة نيابة شمال الجيزة، تم التأكيد من أن "أحمد. م" البالغ من العمر 42 عام استاذ جامعي "مفصول"، وتم تسجيل الاعترافات بواسطة النيابة، وعقب تسجيلها أصدرت النيابة قرارًا بحبسه لمدة 4 أيام على ذمة التحقيقات، وطلبت تحريات المباحث حول الواقعة.
وأكدت النيابة أن جهات التحقيق، سوف تفحص الأوراق المقدمة من أسرة المتهم، التي تفيد بأنه يعاني من انفصام في الشخصية، وكان يعالج لدى طبيب نفسي وانقطع عن العلاج منذ فترة زمنية، وتم عرض المتهم على الطب النفسي لتوقيع الكشف الطبي عليه لبيان عما إذا كان يعاني من مرض نفسي من عدمه.
وكشفت تحريات وتحقيقات الأجهزة الأمنية التي جرت تحت إشراف اللواء دكتور مصطفي شحاتة مساعد أول وزير الداخلية، لقطاع أمن الجيزة، واللواء رضا العمدة مدير الإدارة العامة للمباحث، واللواء مدحت فارس مدير المباحث الجنائية أن المتهم من سكان المنطقة المجاورة للمسجد، وكان متزوجًا في شقة مستأجرة بنظام الإيجار الجديد من زوجته الثانية منذ 5 سنوات، وانفصل عنها منذ 3 أشهر.
وأضافت التحريات التي جرت بمعرفة العميد أسامة عبد الفتاح رئيس المباحث الجنائية لقطاع غرب الجيزة، والعقيد محمد راسخ مفتش مباحث الهرم أن المتهم كان متزوجًا من سيدة آخري في محافظة المنيا، وهي مسقط رأسه وأنجب منها ولدين وبنت ويقيمون مع والدتهم في المنيا، لكنه كان يقيم مع زوجته الثانية في الهرم.
وكشفت التحريات عن أن المتهم كان يعمل في إحدى الدول الخليجية، وعاد منها منذ قرابة عام وكان يواظب على الصلاة في مسجد الرحمة.